قراءة في المشهد الوطني والسياسي للأحزاب .. الاغلبية الصامتة، برنامج الرئيس الانتخابي، وخيارات المستقبل!

> محمد سعيد سالم:

> المشهد السياسي في اليمن، يمكن قراءته من زوايا مختلفة! .. زاوية الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام. زاوية المعارضة وأحزابها الكبرى:(الإصلاح، الاشتراكي، الناصري، البعث، والقوى الشعبية) زاوية أحزاب أخرى: الرابطة، التجمع، التحرير..وغيرها. هناك زوايا أخرى، هي: منظمات المجتمع المدني، والهيئات الأهلية الأخرى.. لكن - في رأيي- أن أهم زاوية في هذا الواقع، هي زاوية الأغلبية الصامتة (المواطنين) وهي الزاوية التي أنتمى إليها، والتي اتجه إلى قراءة المشهد السياسي والوطني من موقعها، وبلاشك هو الموقع الأول صاحب المصلحة الحقيقية فيما يحدث على أرض يمن الوحدة والمشروع الديمقراطية في المنطقة.

الأدوات والقوى المؤثرة

الفعل الأساس للعمل السياسي والوطني في بلادنا، ينطلق من حراك السلطة والحزب الحاكم والأدوات المؤثرة التي يمسك بها، ومن حراك المعارضة القوية والمباشرة، التي يمثلها أحزاب اللقاء المشترك، أما باقي مكونات المشهد الوطني والسياسي فما زالت مكونات طيفية، لا يظهر لها سمة، إلا عند (نزول الأمطار) مثل قوس قزح. ولذلك فهي (قوس قزح) سياسي وطني، لا يظهر - في الغالب- إلا في مواسم الانتخابات، أو عند بعض التجاذبات الحاصلة في صراع الأفكار والمواقف الدائرة في الوطن، ومشكلته الكبرى (هذا الطيف) أنه يتحرك ويعمل وفقاً للأحداث، ولا يسهم في صناعتها.

من هذا الواقع، وباعتباري مواطناً، أحسب أني لا أخالف الدستور والقوانين النافذة، ولا أدعو إلى معصية الخالق، لهذا أضع في السطور التالية ما أراه لقوى الفعل السياسي والوطني، من زاوية النظر إلى المعادلة القائمة في المشهد السياسي والوطني الراهن!

كل حزب بما لديهم فرحون

إننا نستفيد كثيراً، من مساحة حرية التعبير والتفكير المتاحة، ضمن المشروع الديمقراطي، وكثير منا له علاقة طيبة ومتميزة مع قيادات وطنية وحزبية وسياسية، من مختلف التوجهات الوطنية. وهذه ميزة نوعية تعطي الأفكار سلاسة وعقلانية، تسمح بأن يتوقف عندها مختلف الفاعليات الوطنية والسياسية بشعور عال من المسؤولية، والإصغاء، ولكن ذلك في حالة أن يقبل أي طرف بالاعتراف أن الحقيقة ليست ملكه وحده، وأنه لا يعمل لمصلحة أعضائه، أو الفئة التي تنتمي إليه، أو أنه يغني لإسعاد أنصاره على مسرح الوطن وباللحن والكلمات التي يراها دون غيرها، أساساً لأداء الأدوار، والانتقال بين المقاعد، وفوقها. لقد جاء في القرآن الكريم قول المولى عز وجل:?{?كل حزب بما لديهم فرحون?}?.

ولكن الله وحده هو الذي هزم الأحزاب، ولا يمحق الله حزباً أو قوماً، إلا لأنهم خالفوا الإيمان والعمل بالصالحات. ولذلك لابد أن يصغي الجميع إلى ما يصدر عن الأغلبية الصامتة، خاصة عندما تشكو من المظالم، وتئن من الفقر والبطالة وجشع الظالمين، وهي لا تملك إلا التعبير عن الحاجة، ووسيلتها إلى ذلك الصراخ، أو النصيحة!!

سفينة الوطن وبحارتها

ولأني عضو قلق لا يشعر بالأمان وسط الأغلبية الصامتة، ألجأ إلى النصيحة لكل المكونات الفاعلة في المشهد الوطني والسياسي، عملاً بقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم:(الدين النصيحة).إن الأوطان مثل السفن، لا تقطع أمواج البحار المتلاطمة، إلا بحكمة وحنكة ربانها، وباصطفاف بحارتها واختصاصييها على قلب رجل واحد، ولكن مع اعتراف كل واحد بحق الآخر، وباختصاصه ومرتبته، وبوضعه وقدرته على العمل والإنجاز. هذا هو القانون الوحيد الذي يضمن وصول سفينة ما إلى شاطئ الأمان.

و«سفينة اليمن» - حتى الآن على الأقل- لا تعمل بشروط هذا القانون!

الصفحة البيضاء والسطر الأول

واليمن، انطلاقاً من معادلات السياسة التي لا أخلاق لها، إلا في منعطفات معينة، في حالة (إبحار).. و(إبحار) وسط موجات عاتية، بالقياس على ظروفها السياسية والاقتصادية المعقدة، وغير المريحة، باعتراف كل الأطراف، مع التفاوت..

وكما سبق أن قلنا- هنا في العزيزة «الأيام» - أن الجهود المتسارعة لإنجاح مبادرات التمويل الدولي لتمويل بلادنا، لا يمكن أن تحقق ما نتطلع إليه في تأهيل اليمن، إذا ظلت (السفينة اليمنية) تبحر، وفي وسطها (قوى خارج الشراكة ودائرة الفعل)، ومازال السطر الأول في (الصفحة البيضاء) بين الحكم والمعارضة لم يكتب بعد!!

لو كنت مسؤولاً في المؤتمر الشعبي

إني لو كنت مسؤولاً (نافذاً أو مؤثراً) في الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام)، لحرصت على استكشاف (أحشاء وعقول) الأغلبية الصامتة، الأكثر قلقاً على مصير الوطن ومستقبله، بالمزيد من الصدق والحرص والنظرة إلى خطورة التحديات القادمة.

الناس في بلادنا عزاؤهم كبير في الاستقرار الذي يميز اليمن عن كثير من الدول، وهم حريصون على استمراره وبقائه، ولكن لهم تطلعات وآمال وأحلام، لمست أهم عناوينها بينهم، لأني واحد وسط هذه الأغلبية.

يريد الناس من الحزب الحاكم:

أولاً: تقييم دور الحزب، وهياكله، وقياداته وكوادره، وإحداث التغيير المناسب حيث يجب التغيير.

ثانياً: تقييم تجربة دولة الوحدة تقييماً حزبياً موضوعياً، بحيث يتم استخلاص ما تحقق من قوة في أركان بنية الدولة اقتصادياً، ومعيشياً، وإبداعياً، في مختلف المجالات، للوصول إلى خلاصة وطنية (شفافة) حول مستوى كفاءة مؤسسات الدولة وقدرتها على التطور.

ثالثاً: تقييم التجربة الديمقراطية، ودور حزب المؤتمر في مسيرة تطورها، والمستوى الحقيقي لنوعية تطورها بالنظر لما حصلت عليه الأحزاب والقوى الوطنية الأخرى من مساحة فاعلة، في الفعل الديمقراطي منذ الوحدة.

رابعاً: حصر نقاط القوة ونقاط الضعف، والتفكير بإحداث نقلة نوعية في خطط وسياسات الحزب الحاكم، باعتباره صاحب المسؤولية الأولى في وضع اليمن على محطات الأمان في المرحلة القادمة، بكل ما تحمله من استحقاقات وتحديات، لا تخص الحزب الحاكم وحده، وإنما تخص المكونات الشاملة لدولة الوحدة، بجماهيرها، وأحزابها ومناطقها، وقبائلها، وثرواتها، وترابها، وقيمها الحضارية والثقافية.

خامساً: العمل على إثبات صدقية ما تضمنه البرنامج الانتخابي للرئيس علي عبدالله صالح والوعود الانتخابية للرئيس والحزب الحاكم، بعد الفوز بأغلبية مقاعد المجالس المحلية على مستوى محافظات الوطن، وفي مقدمة ذلك: إثبات جدية مكافحة الفساد، وإظهار نماذج للردع والمحاسبة، ضمن استحقاقات السنوات القادمة من آخر فترة لعهد الرئيس صالح، الذي يعلق عليه جماهير الشعب اليمني تحقيق صور مشرفة على سجل مسيرة الاستقرار والتطور في البلاد.

سادساً: إثبات أن (الحكم) استحقاق يليق بحزب المؤتمر، وأنه قادر على صناعة نجاحات مستمرة في مصلحة الشعب والوطن، وأنه لا يخشى على دوره الريادي من اتخاذ قرارات ومبادرات ذات طابع وطني تاريخي، يفترض أنه يسحب فيه البساط من المعارضة (ومشروعها الصارم للتغيير). ومن ذلك:

عدم التردد في انتخاب المحافظين ومديري المديريات بصورة مباشرة، وتوسيع المشاركة من خارج الحزب الحاكم في قنوات وآليات الحكم، لتنفيذ سياسات وأهداف مشروع الإصلاحات القادمة. وفي الوقت نفسه، سيكون ذلك خطوة ريادية في توجهات حزب يستشعر (أفضليته) عن الآخرين في الحكم، وترجمة وطنية مسؤولة لسطور (الصفحة البيضاء) التي دعا إليها الرئيس مع المعارضة، ولم تبدأ بعد!!

طبعاً، التفاصيل في تفنيد هذه التطلعات، تحتاج إلى مساحة واسعة، لكن هذا الأمر لن يكون صعباً على مراكز الفعل والقرار في الحزب الحاكم، لو تعمقت النظرة نحو الأغلبية الصامتة، التي تنامت هواجسها، منذ الانتخابات بصورة مقلقة، وزادت نسبة القلق بعد مؤتمر المانحين في لندن، الذي وضع اليمن أمام تحديات، لا تكفي لمواجهتهت عطاءات وإمكانات عقل الحزب الحاكم وحده! ومازالت - حتى اليوم- محل شك واهتزاز!

الفعل الديمقراطي للمعارضة

وفي نظرة الأغلبية الصامتة، على فعل المعارضة وقراراتها، فالترقب يدعوها إلى الحرص مايلي:أولاً: تعزيز المشروع المشترك للتغيير السلمي، وتطوير آلياته في المرحلة القادمة، ومواصلة الدعوة إليه، مع الأخذ بعين الاعتبار مستجدات الأحداث الداخلية والخارجية، التي قد تتطلب تغييراً أو تطويراً في العناوين والمضامين والآليات السلمية، المؤدية إلى الأفضل!ثانياً: مواصلة الملاحقة الديمقراطية لحركة الحزب الحاكم في أدائه على مختلف المستويات، داخلياً وخارجياً، وكشف الأخطاء والنواقص في ذلك الأداء، من خلال خطاب إعلامي قوي وصارم ولكن ملتزم قدر الإمكان بالموضوعية.ثالثاً: تقديم نماذج من كفاءة المعارضة وارتباط مشروعها السلمي للتغيير، بأفعالها على مستوى أدائها الديمقراطي، ومكافحتها لأي صورة من صور الفساد الحزبي والإداري والمالي (المفترض) في أطرها على مختلف المستويات، وممارسة الشفافية في مثل هذه الأمور.رابعاً: تقديم تصور لإمكانات المعارضة، ولكفاءاتها، وبدائلها، وللآليات الممكنة التي تقنع الأغلبية الشعبية بقدرتها على المشاركة النوعية الفاعلة في أي مشروع للإصلاحات بعد وصولها إلى تقييم شامل لأوضاع البلد. ومتطلبات تأهيلها في الفترة القادمة، ليكون ذلك استعداداً لأي (صفحة بيضاء) مع الحكم، والشراكة في استحقاقات التنمية والتأهيل القادمة.

مع الأخذ بعين الاعتبار حق الحزب الحاكم في تحديد برنامجه الرئيس لذلك.خامساً: تشكيل (حكومة ظل)، بالاستناد إلى التجارب الديمقراطية في العالم، القابلة للتنفيذ في بلادنا، لوضع الشعب (الأغلبية الصامتة) أمام فسحة من الخيارات السلمية والديمقراطية للتمييز بين البرنامج السياسي للحزب الحاكم، والموازي له في المعارضة، لأهمية ذلك في نقل اليمن إلى مرحلة نوعية في قواعد التنافس الشريف على خيار الناخب والمواطن، والتداول السلمي للسلطة.

التواصل قادم

القراءة في تفاعلات (اللعبة الديمقراطية) بين السلطة والمعارضة، لا تتوقف عند هذا الحد. وكان العرض الذي تقدم مجرد استخلاصات من بين الناس. وله امتداد وتفرعات، أتركه لمناسبة قادمة!! مع الإشارة إلى أن الأغلبية الصامتة ستكون صاحبة الصوت الأعلى في السنوات القادمة!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى