حتى لا يذهب العام الثاني أدراج الرياح

> د. هشام محسن السقاف:

> يستطيع السياسي المخضرم الأستاذ سالم صالح محمد أن يقود باقتدار اللجنة الخاصة بتقييم الظواهر التي تؤثر في السلم الاجتماعي والوحدة اليمنية، والتي شكلت بقرار رئاسي، إذا وضحت الصلاحيات لهذه اللجنة، ومدى الاستعداد للأخذ بتوصياتها وآرائها والعمل على تنفيذها، ما لم فإنها ستكون كبش الفداء الجديد الذي يقدم للاحتراق على مذبح المعاناة التي تواجه قطاعات واسعة من المواطنين وبدأ صوتها يخترق حواجز الصمت والخوف لتصل إلى مسامع كل ذي عقل وبصيرة. والحكمة أن تكون المعالجات صادقة منزهة من الأغراض والأهواء، لا لكسب الوقت أو لامتصاص حركة الجماهير المشروعة التي ما خرجت إلى الشوارع للاعتصام إلا بعد أن بغت القلوب الحناجر، خاصة في محافظات الجنوب، وهي قضايا كما نعتقد سوف تحل بشكل جذري بلجان رئاسية أو بدونها، إذا صدقت النوايا وتحررت الإرادة السياسية تماماً من ضغط ونفوذ الحرس القديم الذي يحكم بطريقته لصالح نفوذه السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المجتمع، مخرباً كل محاولات الإصلاح لبناء دولة يمنية حديثة، والعيش بلة التعايش من جديد -وفي كل مرة- وبأثر رجعي في دولة السلطة وليس في سلطة الدولة، التي بدأت ملامحها بعد الثورة مباشرة بتحالفات قبلية وعسكرية أفرغت المحتوى الوطني الشامل للثورة من أهدافه الحقيقية. ولربما يستعاض عن «الظواهر التي تؤثر في السلم الاجتماعي والوحدة اليمنية» الواردة في القرار الرئاسي بالبحث والتشخيص الشجاع للفاعلين الحقيقيين من رموز الحرس القديم وسلطة الظل الذين يضرون بتصرفاتهم السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، وعن قصد وإصرار لتأبيد الأزمات وإبقائها كمظلة تحمي تحركات هؤلاء وتعزز من نفوذهم في الوطن لتبقى أجهزة الدولة في وضعها المشلول غير قادرة على تلبية مطالب المواطنين في دولة القانون والمؤسسات التي يتساوى الجميع فيها.

لا نريد لهذه اللجان وقد تكاثرت إلا أن تكون مستوعبة مهام المرحلة، ومنها معالجة كل اختلالات الماضي، والشروع في بناء الدولة العصرية، بغير العناصر والشخوص التي استفادت وانتفعت من وضعية الدولة المأزومة والرخوة وباتت في صدارة وواجهة المشهد السياسي مدعومة بما توفره من غطاء لحكام الظل، ولم تعد قادرة على تقديم حلول عاجلة لمأساة المواطنين سواء الذين دفعتهم الظروف القاسية للخروج للاعتصامات من المدنيين والعسكريين أو آلاف الشباب العاطلين عن العمل- وهم عماد المستقبل- الذين ينظرون إلى عدم المساواة في الفرص والعبث بالمال العام بعين القهر والغبن، ناهيك عن فوضى المتنفذين والسماسرة الذين يسرقون الأرض من ملاكها الحقيقيين ومن أبنائها الذين عاش آباؤهم وأجدادهم عليها آلاف السنين.

إن الخروج من المشهد المرتبك في يمن اليوم- وقد دارت عجلة الأيام عاماً كاملاً منذ الانتخابات الماضية- يتطلب جرأة وإرادة سياسية عاصفة، تشبه الثورة الثقافية في الصين، ليقوم ناهضاً على اصطفاف جديد، بعناصر الإخلاص والكفاءة الوطنية، من داخل المؤتمر الشعبي العام وخارجه، كبديل ورديف وطني واسع يعاضد ويساند الحاكم في معركة التغيير لصالح الدولة المؤسسية الديمقراطية، ولابأس في أن يسترشد الإصلاحيون الحقيقيون في معركة التغيير ببرنامج فخامة الرئيس الانتخابي الذي يعد صالحاً كبرنامج عمل مرحلي في الوقت الراهن، وبكل ما يتطلبه الأمر من الأهمية القصوى سباقاً مع الزمن حتى لا نجد أنفسنا أمام استحقاقات أخرى، مؤلمة، إذا مضى العام الثاني للانتخابات ولم نتقدم خطوة على الطريق الصحيح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى