قراها في بطون الأودية وعلى شواهق الجبال فرقت الحزبية أبناءها وهجروا السلاح ، يشكون المشايخ ويلعنون الماضي والحاضر شرعب الرونة.. العيش تحت ركام الماضي

> «الأيام» أحمد النويهي:

>
لم يتسن لي من قبل أن أزور شرعب الرونة ، ولم أكن أدري أن زيارتي لها تأخرت كثيرا ، وشاءت الأقدار أن أشد رحالي إليها أتقصى قضية مواطن منها طحنته السنون وبلغ من العمر أرذله في ردهات المحاكم ، 18 عاما بالتمام والكمال قضاها المواطن عبده منصور سيف الربوعي باحثاً عن حكم يمكنه من البسط على أملاك له ، تصدر الأحكام لصالحه وتقف العوائق حائلة أمام التنفيذ ، فلذلك يممت وجهي شطر شرعب الرونة باحثاً عن محكمتها متقصياً حقيقة ما يجري هناك في زوايا هذه المديرية المحاطة بالنسيان.

> ما ان تنطلق بك السيارة من تعز باتجاه الشمال الغربي فإن مقلب تعز للقمامة هو المنفذ الأول صوب بلاد مازالت توضع أمامها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، روائح كريهة تستقبل القادم و المغادر وكأنه إجراء احترازي تنبعث من ذلك المقلب الخاص بمدينة تعز حيث النسور المحلقة بكثافة في أول نقطة انطلاق بهذا الطريق ولكن ماهو أدهى وأمر وأنتن من الروائح ستشتمه هناك في شرعب حيث سطوة وجبروت المشايخ ومأساة الطريق الوحيد والمتقطع في معظمه والمتعثر فيما بقي منه، والبحث المتواصل عن قطرة ماء ، وراع يتبع أغنامه يحدق في الفضاء غداً ستمتلئ يداه بالنقود وسيرقع وجه الدولة بشراء إسفلت للطريق، جبالها الشاهقة ووديانها المتسعة تنبئ لك بأن أهل هذه البلاد أولو بأس شديد، من واجهناهم في الطريق لم نجد واحدا منهم ممتشقاً سلاحه، كلهم البسمة عالقة على محياهم ومعبرة عنهم ومتسائلة أيضا (لماذا في شرعب تقلب الأوراق القديمة ويجتر الماضي؟)

بداية المأساة

> تبلغ طريق شرعب الرونة التي تم سفلتة جزء منها بشكل متقطع قرابة (25) كيلومتراً وتم وضع حجر الأساس الأول لها عام 1991م ولم ينجز شيء وتم وضع الثاني عام 95م والثالث 99م وحجر الأساس الرابع في 14 سبتمبر عام 2005م من قبل رئيس الجمهورية ، الذي قام وقتها بافتتاح ووضع حجر الأساس لـ19 مشروعاً في مديرية شرعب السلام والرونة بتكلفة تقدر بنحو مليار وأربعمائة مليون ريال، إلا أن شرعب الرونة لم تبن فيها كلية تربية ولا مركز زراعي ولا طريق ولا شيء من خيرات تلك الزيارة التي سمعوا عنها في وسائل الاعلام الحكومية.

تقطع بك السيارة هذه المسافة في طريق نصفه إسفلتي متقطع كواحد من المشاريع التي استبشر بها أهل شرعب الخير لكن يا فرحة ما تمت وتعد واحدا من المشاريع التي طغى على تنفيذها الفساد فالمقاول لم يلتزم والطريق لم يكتمل والدولة ترفض أن تحاسب تكلفته 252.988.000 ريال ورغم أن الدولة رصدت عام 2005 مبلغاً مقداره 5.896.000 لصيانة الطرق إلا أن الطريق لم يصن علكة الماضي.

> قد لا نختلف أن النظرة مازالت سلبية حول شرعب الرونة وربيبتها شرعب السلام لما لهم من دور في صرا عات المناطق الوسطى والجنوبية (الجبهة) لكن اجترار الماضي لا يفيد فما دام الناس توسعت نوافذ بيوتهم بعد أن كانت أقرب من فتحة المنظار وتركوا أسلحتهم في الزوايا، لذا كان لابد للتنمية أن تجد لها نافذة تنفذ عبرها إلى شرعب الرونة.

> شامخة جبالهم تحدثك عن تاريخ ولى ومضى كان التخريب سمته فهناك في حفظان يقبع قبر أول شهداء التخريب، مدرجاتها في وضع مراقبة دائم للمطر ورغم الجفاف فلا تزال الأشجار تواجه صلف الأرض ويعبر القات عن وجوده في زخم الأشجار الكثيفة التي تمد بظلالها فوق الأحجار المجاورة للطرق حيث أصبحت متنفسا ربانيا للعديد من المواطنين الفارين من هموم البيوت وجحيم المطالب، قرى تتناثر بين جنبات الأودية و أخرى تستنجد بالجبال في مديرية يولد الأطفال فيها شيبا.

ويقف وحده أحمد قائد يحدثك عن صدام حسين ويتباهى بمقالات عبد الجبار سعد، يلعن الحزبية ويمدح الرئيس ويستغرب كلماته فيقول: الرئيس دوما يحث الجميع على محاربة الفساد ويكشف بؤر فساد في مرافق حكومية لكنه وإلى الآن لم يقدم فاسدا واحدا إلى المحاكمة ليرد عليه جاره ألمؤتمري محمد: الرئيس كم شكون جهده أنتم الشعب فاسدين من الساس إلى الراس أصلحوا أنفسكم والبلاد ستصلح.

القضاء في شرعب

> هناك في المحكمة في الطابق الثاني حيث زحام الناس رجالا وعجائز سألت القاضي عصام عباس قاضي المحكمة عن قضية الربوعي فقال إنه لم يقدم إليه طلب التنفيذ ووعد بحل المشكلة بسرعة وطلب الغرماء، لم تكن قضية الربوعي هي الأطول في تاريخ المحاكم هناك، وجدت شخصاً يلقب بالأزهر لديه حكم من الإمام قضى 47 عاما يبحث عن أراضيه صدرت له أربعة أحكام دون تنفيذ وهناك رزار (20 عاما) وعجوز ترتعش يداها وقدماها حاضرة جلسات المحكمة باحثة عن إرثها ....الخ من القضايا العديدة. يقول القاضي إن سبب التطويل ليس في شرعب فقط ولكن على مستوى الجمهورية يعود إلى المواطنين أنفسهم الذين لا يتعاون أغلبهم مع المحكمة من أجل تنفيذ الحكم.

> يحد المديرية من الشمال محافظة إب وجزء من مديرية مقبنة ومن الجنوب مديريتا التعزية و مقبنة ومن الشرق مديرية شرعب السلام ومن الغرب مديرية مقبنة ويبلغ تعداد سكانها 144.708 نسمة بحسب تعداد 2004 وتبلغ مساحتها 420كم وتتقسم إلى 21 عزلة أكبرها من حيث السكان عزلة شرقي حمير (21418 ) وأصغرها عزلة مؤرخة (2028 ) ويقع مركز المديرية في عزلة شرقي حمير محلة الظاهرة قرية الحنيسة.

المواقع الأثرية

ضريح شديد الحرب :

يقع في موضع يسمى (كندة) يتبع عزلة الرعينة ، وهو عبارة عن بناء على شكل مستطيل مبني بالحجارة، والقضاض، وبالجبس الأبيض ارتفاعه (12متراً)، وعرضه (8 أمتار)، وطوله (10 أمتار) ، وهو على شكل مثمن الأضلاع ، ويعتقد الأهالي أن لصاحب الضريح كرامات فتقام له زيارات موسميـة .

كريف السويدا

عبارة عن صهريج مياه قديم ، يقع في قرية السويدا التي تحدها من الغرب قرية الوهب ومن الجنوب قرية المهجمي ومقبرة اليهود في الأكمة الحمراء ، والكريف على شكل مستطيل يبلغ طوله (8 أمتار) ، وعرضه (6 أمتار) ، وارتفاعه (4 أمتار) تقريباً ، يستغل لحجز مياه الأمطار والاستفادة منها لري المدرجات الزراعية المحيطة ، آخر تجديد للكريف كان عام 1293 هـ .

حصن جبل رهيد (رهيج)

يعرف قديماً باسم حصن جبل رهدان ، ويتميز الحصن بعلوه الشاهق وانحدار شديد في تكويناته ، فهو يقع في أعلى قمة جبلية يطل على المنطقة الشرقية لعزلة الأشراف، ويطل على عزلة بني حسام، وعلى بني مرير ، وتحيط به مدرجات زراعية تكسوها الخضرة ، وتوجد على سطحه بقايا أنقاض وخرائب لمكونات الحصن المعمارية .

جبل الحريم

يعرف قديماً باسم جبل (شمر) ، يقع في الناحية الشرقية من قرية حمير ، وهو جبل شاهق تكسوه الخضرة ، وقد طغت المزروعات في سطحه الأمر الذي أدى إلى تغطية الكثير من معالمه الأثرية وتظهر في قمة الحصن بقايا مدافن للحبوب .

قلعة القحيم

تعتبر هذه القلعة من أهم القلاع العسكرية التاريخية في المنطقة ، تقع على قمة تل مرتفع تطل على الوادي ، تحيط بها الجبال من كافة الجهات ، وهي عبارة عن شكل دائري الجزء الأهم منها قد اندثر بفعل عوادم الزمن والإهمال ، فهي بحاجة إلى ترميمات كبيرة .

حصن حلبة : يقع في عزلة حلبة ، وهو عبارة عن حصن مبني بالأحجار على شكل دائري مقام على تل تحيط به الأودية الخصبة من كافة الجهات ، يبلغ ارتفاعه حوالي (15 متراً) ، وعرضه ( 10 أمتار) ويعتبر من المآثر التاريخية المهمة في المنطقة.

ضريح الشيخ (أحمد عيسى)

عبارة عن ضريح خشبي مزخرف وبجواره صهريج مياه على شكل دائري يقع هذا الضريح في قرية الحسية .

قرية منوبة

عبارة عن قرية جبلية تحيط بها المدرجات الزراعية ومباني القرية في أعلى سفح الجبل، تمثل منظراً ساحراً غاية في الجمال لكثرة عدد المدرجات الزراعية والقرى المتناثرة فيها، ويجرى وادي الزراعي في أسفلها ، ويقال بأن القرية سميت منوبة لأنها تنوب في ارتفاعها عن القرى المجاورة، مشاريع لا تكفي وكهرباء أغلى.. لم تشهد المديرية أي إنجازات تذكر إلا ما شح منها فالاتصالات مشروعان فقط بتكلفة (4.375.000) أما التعليم العام وحتى 2005 فقد نفذت 51 مشروعا بتكلفة (62.589.722) أما الصحة التي تركزت مشاريعها على الوحدات والمراكز الصحية وعددها 13 مشروعا بتكلفة (223.606.910) ريال فالغريب أنه لم يتم بناء مستشفى واحد كما هو الحال في السلام ومن حيث الطرقات التي بحسب الإحصاءات الحكومية تقول بأنها أربعة مشاريع تكلفتها (301.644.355) أما الكهرباء التي تعد الأغلى على مستوى محافظة تعز إذ تبلغ قيمة الوحدة 200 ريال فيوجد مشروعان الأول خاص بعزلتي بني سميع وبني زياد وتكلفته 50 مليون ريال والآخر كهرباء الحرية وتكلفته 35.500 مليون والغريب أن المشاريع المذكورة محصورة على عزل ينتمي إليها مشايخ شرعب الرونة ، ولا تزال مشكلة المياه تؤرق المواطنين هناك والذين يقاسون الأمرين في جلب قطرة الماء من أماكن بعيدة فالأطفال والنساء لا يزالون يتحملون مشقة البحث عن شربة ماء تقتل الظمأ في مديرية الحرارة تزداد في كل الجوانب فالحكومة لم ترصد لها منذ قيام الوحدة سوى مشروعين فقط للمياه بتكلفة 15.366.500 ريال هذا فيما يخص مشاريع مياه الريف أما المشاريع الأخرى والخاصة بالمياه فتتمثل في حفر الآبار وما شابه ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى