أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 02:57 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • عام هجري جديد.. بين الأمل والعمل

    م. عبدالناصر صالح ثابت




    مع إشراقة العام الهجري الجديد 1447هـ، تتجدد الأمنيات في القلوب، وترتفع الدعوات بأن يكون عامًا يحمل الخير، لا مجرد أرقام تتبدل في التقويم. عامًا يكون فيه للناس نصيب من الإنجاز، ومن التغيير، ومن النمو الحقيقي. وفي القلب من هذه الدعوات، عدن وأهلها، أولئك الذين صبروا طويلاً، وما زالوا ينتظرون تحسنًا في أبسط تفاصيل الحياة: كهرباء لا تغيب لساعات، مياه نظيفة تصل بلا عناء، بيئة نظيفة، وشوارع تُحترم فيها كرامة المارّة، وأمن يحفظ للنفس طمأنينتها.

    عدن لا تطلب المستحيل. كل ما يريده أهلها هو الحد الأدنى من الحياة الكريمة، لا أكثر. وهذه ليست منّة من أحد، بل حق أصيل، وواجب على الدولة، لا يُشاد به عند تحقيقه، بل يُسأل عند غيابه.

    لكن في خضم الألم، نحتاج أن نحسن توجيه أصواتنا. فالنقد البنّاء حق مشروع، بل ضرورة وطنية، لكن لا يجب أن يتحوّل إلى جلد للذات، ولا إلى تهويل يطمس الجهود ويغذي الإحباط. لقد لاحظنا مؤخرًا اتساع رقعة التذمر عبر وسائل التواصل، وكأنها أصبحت منابر لتكريس اليأس أكثر من دفع عجلة الإصلاح. وهذا السلوك، وإن بدا صادقًا أحيانًا، إلا أنه يفتح أبوابًا للتناحر ويعيد إحياء المناطقية التي أنهكت الجنوب عقودًا.

    إن الجنوب وعدن، لا تحتاج إلى مزيد من الانقسامات، بل إلى وعي ناضج، يوحّد الكلمة، ويوجه الطاقات نحو ما ينفع، لا ما يجرح. الصراع اليوم لا يُدار بالسلاح فحسب، بل بالكلمة، والصورة، والتغريدة. وإن لم تكن هذه الأدوات محكومة بروح المسؤولية والنية الخالصة، فإنها تصبح معاول هدم لا أدوات بناء.

    ومن هنا، لابد أن نتخلى عن الاتكالية، فبناء الأوطان لا يكون بالحلم وحده، بل بالمشاركة الفاعلة. لا دولة تنهض بدون شعب يقف معها، ولا مؤسسات تنجح دون أفراد يملكون حس الانتماء والمبادرة. لكل فرد في عدن دور، مهما بدا بسيطًا، لكن أثره يتراكم حين يتقنه ويخلص فيه. من أصغر موظف إلى أعلى مسؤول، الجميع شركاء في النجاح، أو الإخفاق.

    عدن لا تحتاج مشاهدين يُحصون الأخطاء، بل تحتاج أبناءً يُصلحون مواقعهم، يرفعون الصوت حين يلزم، لكنهم أيضًا يرفعون الأداء كلٌّ في موقعه. نعم، ننتقد الفساد والتقصير، لكننا لا نسمح لخطاب الهزيمة أن يخنق الحلم.

    العام الجديد فرصة، لا فقط لتبادل التهاني، بل لتجديد النوايا، ومراجعة الذات، ورسم مسار جديد نتشارك فيه البناء مهما كانت الإمكانيات محدودة. فعدن التي صبرت طويلاً، تستحق أن ترى فرقًا على الأرض، ولو بسيطًا... لكن حقيقيًا.

    فلنستقبل هذا العام بأمل عاقل، ونقدٍ عادل، وعملٍ صادق. فهذا، لا غيره، هو مفتاح التحول الحقيقي.

    وكل عام وعدن بخير، وكل عام وأنتم أقرب لما تستحقونه.

المزيد من مقالات (م. عبدالناصر صالح ثابت)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال