الوحدة ليست صنما من أصنام قريش

> د.يحيى قاسم سهل:

> كثر الحديث عن (الوحدة الوطنية) و(الثوابت الوطنية) التي شرعت الحكومة في تقنينها حماية لها من الشعب اليمني الذي ينص الدستور أنه «مالك السلطة ومصدرها...».

وانبرى حملة المجامر- وللأسف هم كثر اليوم- للتغني بالوحدة وأمجادها بمثالية مفرطة تفوق مثالية أفلاطون وجمهوريته، وأرغى وأزبد أشباه الكتبة متوسلين بكافة المفردات، التي أربأ بنفسي عن التفوه بها، واصمين بها شريحة من المجتمع تطالب بحقوقها المشروعة التي لولا الفساد الذي تنتشر رائحته في كل شبر في البلاد لما وصل الأمر إلى ما آل إليه حال هؤلاء المواطنين، ليس هذا فحسب بل وتلألأت صحف الحكومة بكافة المانشتات المشيرة إلى تسييس القضية بهدف ضرب الوحدة الوطنية والثوابت الوطنية، وغيرها من المواويل المجردة من الموضوعية والاعتراف بالخطأ.. ونسأل هؤلاء الكتبة المأجورين أليست قضية المتقاعدين من الجيش السابق لما قبل 22 مايو المحسوب على الجنوب قضية سياسية بامتياز.. وإلى جانب هذا الإعلام المهزوم والأجوف الذي- للأسف- ننفق عليه من موازنة هذا الشعب المتخم بالجوع والفاقة لأنه يعيش في مديونية وعجز مستديم، خرجت الدولة بقضها وقضيضها، وهدد الوزراء وانتشر العسكر بكل ألوانهم وقبعاتهم لحماية الوحدة الوطنية في شوارع عدن ومداخلها ضد الدستور الذي يكفل حق التعبير السلمي باعتبار اليمن من الدول الديمقراطية الناشئة.

وتوج كل ذلك بتهديد صحيفة «الأيام» من قبل قلة من وزراء هذا الزمن الأغبر بإغلاقها لقيامها برسالتها ودورها ووظيفتها كصحيفة لها تاريخها العريق الذي لا تفخر به وحدها بل يفخر به كل اليمنيين المتطلعين للحياة الكريمة التي كانت هاجساً وديدناً لقوافل من الشهداء، وما برحت كذلك لملايين الشرفاء والمناضلين ضد طوابير الزيف والفاسدين العابثين بكل فواصل الحياة في اليمن، والعابثين بالدستور والقوانين، وناهبي الأراضي وسماسرة الاستثمار والمتلاعبين بالمال العام والوظيفة العامة وعصابات بيع الأطفال والاختطافات والقتل في الشوارع وكل المتحدين تحت شعار حماية الوحدة الوطنية وسياجها المقدس (الثوابت الوطنية) حتى غدت الوحدة صنما من أصنام قريش.

إن حماية الوحدة الوطنية وعدم المساس أو التفريط بالثوابت وتجاوزها لن يتم إلا بالانسجام مع النفس أولاً ورؤية الأمور بموضوعية والإقرار بالأخطاء.. كون أي دولة في العالم لها إشكالياتها التي تفرزها حركة الحياة وناموسها الطبيعي، فما بالك باليمن المثقلة بكل الأمراض وليس هناك دولة لها إرث من التخلف مثل هذه البلاد.

إن حماية (الوحدة الوطنية) لن يتم بعقد الندوات في القاعات وإطلاق الرصاص في شوارع المكلا، بل بتعزيز وجود الدولة كمؤسسة مدنية وسياسية، وذلك بعدم المساس بالدستور والقانون واحترام المؤسسات وتفعيل دورها وإعمال مبدأ المحاسـبة والرقابة والعقاب والثواب، وإبعاد السياسة عن القضاء، وجعل القاضي في حل من أي ضغوط سياسية وغيرها، واحترام حرية الصحافة لأن الحـرية شرط أساس للإبداع والرقي، واحترام إرادة الناخب بعدم تزوير الانتخابات وتأصيل حرية الانتخاب في الحياة السياسية، والارتقاء بمستوى المواطن،لأن المواطنة ليست نصا دستوريا فحسب بل هي مجموعة من الحقوق كفـلها الدستور والقوانـين يجب تفعيلها وضمان تطبيقها، وأهمـها احترام القـانون العام الذي تسير عليه البلاد الديمقراطية، وأقصد حق النقد لأداء أجهزة الدولة من رئيسها إلى غفيرها، أمـا الرقابة على أقـلام الناس وأفـواهها فمحلها المتحف الوطني باعتبارها إرثا فاشيا، والناس اليوم تعرف مصلحتها ولم تعد الدولة وموظفوها أوصياء على الناس.

ومن يخاف مقالة صحفية أنى له أن يحمي (الوحدة الوطنية) و(الثوابت الوطنية)؟!

وأخيراً أعيدوا الحقوق لأصحابها، أما (الوحدة الوطنية) فلها شعب يحميها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى