قصة نجاة أحد ضحايا الحرب بالعراق

> بغداد «الأيام» دامير ساجولي :

>
أثناء اسعاف الطفل مصطفى
أثناء اسعاف الطفل مصطفى
وسط الدمار الذي أحدثته الحرب في العراق يمكن أن يشعر الصحفي بقلة الحيلة وبأنه ليس أكثر من متفرج في تلك المعاناة,لذلك عندما شاهدني صديق عراقي في المنطقة الخضراء ببغداد وطلب مني المساعدة في حصول ابنه مصطفى البالغ من العمر ثماني سنوات على العلاج لم أتردد في التدخل.

وقلت لصديقي فراس الجويلي "اذهب واحضره." وتوجهت إلى أطباء مستشفى الدعم القتالي رقم 28 وطلبت منهم معالجة الصبي. وقال الجويلي ان الطفل أصيب برصاصة في الرأس على يد جندي أمريكي عند نقطة تفتيش في الفلوجة بوسط العراق.

وكمصور صحفي أريد لصوري أن تنقل واقع الحرب. وداخل المستشفى وهي المستشفى العسكري المتقدم الخاص بمنطقة بغداد كانت فظائع القتال شديدة الجلاء.

ينقل مصطفى إلى المستشفى ورأسه مربوطة بضمادة بعد العلاج الأولي الذي تلقاه على يد أطباء عراقيين ويبدأ الأطباء العسكريون العمل يتابعهم فراس ومشغله الأمريكي وهو مسؤول تنفيذي سابق مفلس بشركة اتصالات يعمل بالعراق لسداد ديونه.ويشرف على العلاج الميجر وليام وايت الذي يدير غرفة الطواريء.. التقط صورا.. توجد رصاصة في دماغ الصبي.

يكافح الأطباء. الطفل "يموت" والإشارات الالكترونية المسموعة لجهاز مراقبة ضربات القلب تتجمع لتصبح إشارة واحدة.

إلا أنه ينجو. وينجح الأطباء بالمستشفى العسكري في جعل حالته مستقرة ويتم نقله إلى طائرة هليكوبتر تأخذه لاجراء جراحة في المخ بمستشفى يضم معدات أفضل بعيدا عن المخاطر ببغداد.

وكان مستشفى الدعم القتالي سيعالج مصطفى على أية حال على الأرجح لكنني أشعر بأن وجودي قد سرع من عملية العلاج. ربما كان ذلك سببا في انقاذه.

وفي الوقت الذي تحلق فيه الطائرة مبتعدة بمصطفى تهبط طائرات هليكوبتر أخرى.. يمكن مشاهدة أقدام الضحايا من نوافذ الطائرات وهي من طراز بلاك هوك.

الطفل مصطفى أثناء خروجه من العناية المركزة
الطفل مصطفى أثناء خروجه من العناية المركزة
هذا هو العمل الطبيعي لمستشفى الدعم القتالي ويتمثل في معالجة المصابين من الجيش الأمريكي في الحرب. وقتل أكثر من 3700 جندي أمريكي منذ غزت القوات الأمريكية العراق للاطاحة بصدام حسين في عام 2003,وأصيب آلاف آخرون.

وفي اليوم السيء تضج ممرات المستشفى بجنود مصابين بحروق أو بترت أطرافهم بسبب الشحنات الناسفة.

أما الجنود فعادة ما يكونون مصابين بجروح اشد خطورة وهم أول من يتم اسعافهم.

وهناك قواعد صارمة بخصوص ما يمكنني تصويره. فالصور المقربة من الأوجه غير مسموحة.

ويمتزج العويل مع أصوات المعدات الطبية المعدنية فيما تسقط جلود محروقة من على أجساد مرسوم عليها وشم.أحاول ايجاد سبل لالتقاط صور للرعب. وكانت قبضة مطبقة مغطاة بالدماء فيما يتدلى جلد منسلخ مشهدا يحمل تفاصيل قوية,وغير مسموح بالتقاط صور لرحلات تقلع بجثث.

ويعالج مستشفى الدعم القتالي المدنيين العراقيين الذين يحاصرون وسط اشتباكات إلى جانب المصابين من أفراد القوات الأمريكية والعراقية إذا كانوا محظوظين بما يكفي ليقنعوا الجنود الأمريكيين باجلائهم. ولا توفر المستشفيات المحلية العراقية أملا يذكر للمصابين بجروح خطيرة.

وفي بعض الأحيان يقحم عراقيون آخرون في نظام العلاج العسكري الأمريكي. فالطفلة نور البالغة من العمر ثلاث سنوات تنقل إلى المستشفى العسكري بعدما أصيبت بحروق في حادث غير قتالي.

وتنساب دمعة على وجنة الطفلة التي نقلها عمها إلى المستشفى. ويقول الأطباء إن هذا مؤشر طيب.

غير أن درجة حرارة جسمها ترتفع وتموت. يقف إلى جوارها عمها وضابط بالجيش الأمريكي صامتين بينما يتم إخراج جثتها تحت علم أمريكي معلق في السقف.

وتقول الكابتن ان بيجر وهي مسعفة تحمل صبيا عراقيا مصابا إلى أمه التي كانت تبكي "التعامل مع الأطفال هو الأكثر صعوبة... لا يفترض أن يكونوا هنا.. هذا مكان للجنود."

بعد ايام قليلة أتلقى أنباء سارة. زال الخطر عن مصطفى,وقد كانت هناك خطورة أخرى. فعائلته سنية بينما عولج مصطفى في البداية بمستشفى تسيطر عليه الميليشيات الشيعية.

تذكرني الخلفية الطائفية بمدى تعقيد الصراع... وهو شيء يصعب على صوري التقاطه وتسجيله. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى