تهدف الى استعادة ما سرقه حكام (العالم الثالث) من ثروات بلدانهم:البنك الدولي والامم المتحدة يطلقان مبادرة لاستعادة أموال دول العالم الثالث ..السرقات تدفع الغالبية العظمى من الشعوب إلى اليأس الذي يفضي إلى مزيد من التطرف والعنف

> «الأيام» عن «الصحوة نت» :

> أطلقت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي مبادرة دولية، لاستعادة الأموال المنهوبة من العالم الثالث,ويهدف البنك الدولي، ومكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والجريمة من هذه المبادرة إلى استعادة الأموال التي نهبها الحكام المتورطون في الفساد والرشوة. كما تهدف إلى استغلال هذه الأموال في إنشاء مشاريع تحتاجها البلدان المنهوبة للاعتماد على نفسها، وتطوير اقتصادها.

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مقر المنظمة الدولية بنيويورك بمناسبة إطلاق المبادرة بأنها “ ستعمل على تشجيع التعاون الضروري الذي يجب أن يقام بين الدول المتقدمة والدول النامية، وبين القطاع العمومي والقطاع الخاص، من أجل إعادة الأموال المهربة إلى أصحابها الشرعيين”. بينما وصفها انطونيو ماريا كوستا - المدير التنفيذي للمكتب المكلف بمتابعة المبادرة في الأمم المتحدة - بأنها:” منعطف في حملة محاربة الرشوة على النطاق العالمي”.

رغم التشكيك.. سويسرا في المقدمة :

سويسرا - التي تعتبر ملاذا آمنا للحكام وزبانيتهم من الذين يسرقون شعوبهم، ويهربون بها الى المنفى كلما اشتدت الاحتقانات ووصلت الاضطرابات الى نقطة اللا انتظار- رحبت بالمبادرة بل وعرضت خبرتها على البنك الدولي والأمم المتحدة. وأشار بيان الخارجية السويسرية بهذا الخصوص، أن سويسرا كانت قد سمحت بإعادة 1،6 مليار دولار إلى دول أفريقية وآسيوية. ودعا البيان الى تكاتف الجهود الدولية من أجل تحسين طريقة ضبط تلك الأموال المنهوبة واسترجاعها واستثمارها لصالحشعوب الدول المتضررة.

يأتي هذا في الوقت الذي ما زال هناك من يشكك بقدرة سويسرا على التعاون الدولي في هذا الإطار بحكم اعتبارها الأكثر استفادة من بين الدول الأوروبية والغربية من تلك الأموال التي تودع غالباً في مصارفها بسرية تامة اشتهرت بها منذ القدم.

حجم المسروقات كفيل بإنقاذ الفقراء والمرضى :

ووفقاً لدراسة أعدت خصيصاً بمناسبة إطلاق المبادرة، فإن الأموال المنهوبة من بلدان إفريقيا، آسيا، وأمريكا اللاتينية تقدر بين تريليون، و تريليون وستمائة ، مليار دولا.. وتقول الدراسة أيضا إن النجاح في استعادة 100 مليون دولار فقط كفيل بتوفير برنامج تطعيم كامل لحوالي 4 مليون طفل، أو توفير المياه الصالحة للشرب لحوالي 250 ألف بيت، أو تقديم العلاج لحوالي 600 ألف مصاب بمرض الإيدز لسنة كاملة.

وقال موقع إذاعة هولندا الذي أورد الخبر “ؤن المبادرة تعتمد - من أجل نجاحها- على تضييق الخناق على اللصوص ليس في بلدانهم حيث يمتلكون كل السلطات، وإنما في الأماكن التي يهربون إليها أموالهم.” خاصة وأن اتفاقية محاربة الفساد التي أصدرتها الأمم المتحدة في عام 2003 قد صادقت عليها 126 دولة، وتجنبت الدول التي لا تزال تزدهر فيها هذه الظاهرة من التصديق عليها. ومن ضمنها نصف عدد دول مجموعة الثماني الصناعية الكبرى.

إيجابية المبادرة للعالم الثالث :

وقال الموقع “إن سويسرا - التي كانت سمعتها سيئة كملاذ آمن للصوص - هي في الحقيقة الاستثناء الوحيد بين مجموعة من الدول”. إذ كما توضح المعلومات أن سويسرا أعادت إلى نيجيريا 700 مليون دولار كان “ساني اباشا” رئيس نيجيريا – السابق - قد أودعها في سويسرا، وهي جزء مما نهبه اباشا من نيجيريا. إذ يقدر ما نهبه بين عامي 1993 و 1998 بأزيد من 2،2 مليار دولار، أودع منها 700 مليون دولار فقط في سويسرا، والباقي في دول أخرى.

وذهب الموقع الى “أن سويسرا أعادت المبالغ المودعة عندها، وفقا لشروط أشرف عليها البنك الدولي من أجل إنفاق الأموال على مشاريع عامة، بدلا من أن تذهب إلى الحلقة الجهنمية في حسابات الحكام الجدد. فيما أن بقية الدول رفضت التعاون مع السلطات النيجيرية والبنك الدولي لاستعادة بقية الأموال”. وقال “ربما هذه حصافة من سويسرا، وبعد نظر من أكثر الدول شهرة بالمصارف والساعات، وهي تدرك أكثر من غيرها أن ساعة السرقات العلنية لحكام العالم الثالث أزفت نهايتها، وبالتالي على سويسرا أن تتصرف كمصرفي محترم، يحاول جاهدا أن يبدو أمينا وصادقا، حتى ولو صنع ثروته من تعاونه السابق مع هؤلاء الأوباش”.

ويتوقع من المبادرة أن تعمل على تذليل الصعاب أمام دول العالم الثالث لاستعادة أموالها المنهوبة، تحت إشراف الأمم المتحدة. وذهب التقرير بالإشارة الى تقدير التأثير الإيجابي للمبادرة مستدلا بصعوبة الأمر من دونها، حيث احتاجت الفلبين إلى 18 سنة لاستعادة الأموال التي سرقها دكتاتورها السابق “فرديناندو ماركوس”، والتي تقدر بحوالي (624) مليون دولار كانت مودعة في حساب مصرفي في سويسرا.

سرقة أموال المانحين تصنع العنف المحلي :

وفي السياق أشار التقرير الى نقطة حساسة وهي سرقة المعونات الدولية من قبل الرؤساء والنافذين في الدول الفقيرة التي تتلقى تلك المعونات الدولية من أجل تحسين أوضاعها وتنفيذ مشاريع إستراتيجية بها، غير أنها لا تذهب الى أماكنها المحددة. مستدلا بما قام به دكتاتور الكونغو السابق موبوتو من سرقة 40 % من 12 مليار دولار كانت قد منحت كمساعدات دولية لبلاده، (التي كان متوسط الدخل من الناتج الإجمالي يقدر بحوالي 100 دولار). وهو الأمر الذي يفرض على المنظمات الدولية والدول المانحة إعادة النظر في طريقة منح الأموال، ويجبرها على مراقبة صرفها على المشاريع التي منحت من أجلها.

هذه السرقات – بحسب التقرير- لا يترتب عليها فقط زيادة بؤس الغالبية العظمى من السكان، وإنما يدفعهم إلى مزيد من اليأس الذي يفضي حتما إلى التطرف والعنف، وإلى الحروب المحلية. وبهذا الخصوص استدل بما قاله بيتر ايجن مؤسس ورئيس جماعة “الشفافية الدولية “ إن:” استخدام السلطة من اجل تحقيق مكاسب شخصية يحرم الأشخاص الأكثر حاجة للخدمات العامة من هذه الخدمات ويخلق نوعا من اليأس يولد نزاعات وأعمال عنف.”.

وسرقة النفط من أجل مصلحة البلاد :

واختتم التقرير الذي كتبه “عمر الكدي” بالإشارة الى بعض النماذج لرؤساء نهبوا دولهم، مؤكدا في هذا الصدد على ضرورة إجبار حكام هذه الدول على الشفافية التي بدونها لا يمكن معرفة حجم الأموال المنهوبة، خاصة من البلدان التي تمتلك ثروات طائلة من النفط والغاز والأحجار الكريمة، والتي تجد من الشركات العابرة للجنسيات كل المساعدة من أجل مزيد من السرقات. وقال “.. كان رئيس غينيا الاستوائية “تيودورو أوبيانج” قد أعلن أن إيرادات بلاده من النفط “ من أسرار الدولة العليا “، ولكنه متهم بإيداع هذه الإيرادات في حساب خاص به في مصرف في واشنطن”. مضيفاً “وأحيانا تكفي زلة لسان لفضح اللصوص هذا ما حدث مع رئيس كازخستان سلطان نور باييف، عندما كان يفضح أحد منافسيه فكشف دون قصد منه على ما قيمته مليار دولار من أموال الدولة في حساب باسمه في الخارج، وحاول تدارك ذلك بقوله “ من أجل مصلحة البلاد “.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى