العقوبات على الفريق الحاكم في بورما لها تأثير محدود جدا بحسب المحللين ..أثار القمع في بورما مجددا جدلا مطولا حول فعالية

> بانكوك «الأيام» سيباستيان بلان:

>
متظاهرون يحملون جثة طالب توفي أمس في مدينة يان جون بعد أن أطلق عليه رجال الأمن الرصاص
متظاهرون يحملون جثة طالب توفي أمس في مدينة يان جون بعد أن أطلق عليه رجال الأمن الرصاص
قلل الخبراء أمس السبت من اهمية وقع التدابير العقابية الجديدة المعلنة المفروضة على الفريق العسكري الحاكم في بورما,فقد منعت واشنطن الجمعة حوالى اربعين مسؤولا بورميا من الحصول على تأشيرة,وعشية ذلك جمدت الولايات المتحدة ارصدة اربع عشرة شخصية.

لكن الجنرالات لا يملكون اي استثمار في اميركا ولم يبدوا اي رغبة في التوجه اليها منذ عشرين عاما بحسب ديريك تونكين السفير البريطاني السابق المتخصص في شؤون بورما.

وقال ان العقوبات الاخيرة “ليست ملائمة على ما يبدو”، خصوصا وان واشنطن كانت قد جمدت في 2003 الارصدة وفرضت قيودا على حصول الفريق الحاكم البورمي على تأشيرات.

واكد “ان التدابير الاخيرة غير مجدية في رأيي والهدف منها فقط ان يكون لها وقع داخلي”.

وقد منع الاتحاد الاوروبي من جهته اصلا 375 عضوا ومقربا من النظام من دخول اراضيه ويعمل على تشديد العقوبات، على الارجح من خلال فرض قيود على الصفقات التجارية مع بورما.

وقال ديفيد ستينبرغ الخبير في الشؤون البورمية في جامعة جورج تاون الاميركية لوكالة فرانس برس “لا اعتقد ان ذلك سيغير طريقة تفكير الفريق الحاكم”، مضيفا “انهم في الحقيقة ليسوا بحاجة الينا”.

ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى تجميد الاستثمارات مع بورما.

لكن شركة توتال النفطية العملاقة اعلنت انها لم تعد تستثمر هناك “منذ نحو عشر سنوات”.

ورفضت اليابان اي مشروع كبير جديد للتعاون مع هذا البلد.

وبرزت دعوات اخرى صادرة عن المجتمع المدني خصوصا من منظمات غير حكومية تطالب بحظر الاسلحة الى بورما ومنع الاستثمارات الاجنبية في القطاعات الرئيسية مثل النفط والغاز وخشب التيك.

لكن اصواتا متنافرة اخرى علت من الصين التي ترى ان العقوبات لن تكون “مفيدة” ومن ماليزيا التي تعتبر انها ستأتي بـ”نتائج عكسية” ومن روسيا التي تقول انها “سابقة لاوانها”.

ويؤكد المعارضون للعقوبات انها لم تؤد مطلقا الى سقوط ديكتاتورية، بل تسببت بمعاناة الشعب جورا.

وهذه الحجة الاخيرة دحضها بعض الخبراء مؤكدين ان الفريق الحاكم بمجمل الاحوال لا يعيد توزيع عائدات الهيدروكاربورات ليستفيد منها الشعب.

واكد زو اوو الباحث البورمي في الجامعة الاميركية في واشنطن ان 75% من البورميين يعيشون من الزراعة.

وقال لفرانس برس “ان العقوبات ستؤثر على التمويلات والاستثمارات التجارية وليس بالضرورة على مستوى معيشة السكان”.

ورأى ان التدابير العقابية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي تبقى “غير كافية”.

واضاف “ان جيران بورما لا يفعلون الشيء نفسه وهذا يضعف نظام العقوبات”.

ومن المعروف عموما ان بعض اصحاب الرتب العالية في بورما يملكون حسابات مصرفية في سنغافورة التي يقصدونها ايضا لتلقي العلاج.

ورأى وو ان سنغافورة ان ارادت بإمكانها بدء اجراءات في اطار مجموعة العمل المالية التي تشكل جزءا منها.

فهذه الهيئة الحكومية تكافح تبييض رؤوس الاموال.

وبورما تنتج الكثير من الهيرويين.

لكن ديفيد ستينبرغ لا يتوقع ان تتخذ سنغافورة موقفا حازما.

وقال في هذا الصدد “لا اعتقد انها ستفعل شيئا ما لم تفعله اسيان”.

فرابطة دول جنوب شرق آسيا (اسيان) التي تنتمي اليها بورما معروفة بعدم اهتمامها بحقوق الانسان حتى وان عبرت الخميس عن “صدمتها” ازاء اعمال العنف.

وفي الواقع كان للضغوط الغربية قليل من التأثير على الفريق الحاكم، والصين البلد الوحيد القادر على ترجيح كفة الميزان رفضت ادانة القمع.

وقال شهود ان قوات الامن البورمية انهالت أمس السبت بالضرب بالهراوات على مئات المتظاهرين في رانغون وقامت بإطلاق النار في الهواء وبعمليات اعتقال في صفوفهم.

وقد تجمع نحو خمسمئة متظاهر بالقرب من سوق بوغيوك اونغ سان المعروف ايضا باسم سوق سكوت.

ثم تفرقوا عندما اطلقت قوات الامن النار في الهواء واعتقلت عددا من المتظاهرين بحسب المصادر ذاتها.

وكان نحو مئة متظاهر تجاهلوا امرا بمنع التجمع واحتشدوا قرب جسر بانسودان حيث اخذوا يصفقون قبل ان تهجم عليهم قوات الامن البورمية.

وقال احد السكان “لقد ضربوا الناس بقسوة.

لست ادري كيف تمكن هؤلاء الاشخاص من تحمل ذلك”. واضاف “رأيت قوات الامن توقف خمسة اشخاص في الشارع”.

ومقارنة بالايام السابقة تراجع عدد المتظاهرين بشكل كبير وذلك يعود كما يبدو الى القمع الذي تقوم به الشرطة والجيش منذ الاربعاء.

وقال احد الشهود “ان عدد عناصر قوات الامن يتجاوز عدد المتظاهرين في وسط المدينة.

فالمتظاهرون لم يعودوا يجرأون على المجيء الى وسط المدينة خشية تعرضهم للضرب بشدة والاعتقال”.

من جهة اخرى شارك آلاف من المتظاهرين على رأسهم رهبان بوذيون أمس السبت في مسيرة هادئة في مدينة باكوكو في وسط بورما على ما ذكر شهود عيان.

وخلافا للتجمعات الاخيرة التي شهدتها البلاد لم يكن لقوات الامن اي ظهور لافت وقد سار المتظاهرون بدون ان يعترضهم احد خلال ساعتين في مدينة باكوكو الواقعة على بعد 500 كلم شمال رانغون كما اوضحت المصادر نفسها.

وروى احد المصادر “ان نحو الف راهب كانوا على رأس التظاهرة” التي شارك فيها آلاف الاشخاص بحسب هذا المصدر.

الى ذلك لا تزال الاتصالات الرئيسية عبر الانترنت مقطوعة أمس السبت في بورما كما افاد مستخدمون للشبكة ومسؤولون عن مواقع معارضة للفريق العسكري الحاكم.

واعلن الموقع الالكتروني الاعلامي “ميزيما نيوز” ومقره في الهند ويديره معارضون بورميون انه لم يتلق اي شيء عبر الانترنت منذ الجمعة.

كما اكد مسؤول عن الموقع الاعلامي “ايراوادي نيوز” ومقره في تايلاند ان الاتصالات عبر الانترنت لا تزال مقطوعة مع بورما.

وقد توقف الاتصال الرئيسي بالانترنت في بورما عن العمل الجمعة ونسب مسؤول في الاتصالات الهاتفية المشكلة الى “كابل بحري معطل” لكن مصدرا غربيا موثوقا به في رانغون قال ان الفريق الحاكم امر بقطع الاتصال عبر الانترنت لمنع بث معلومات وصور وشرائط فيديو عن القمع خارج بورما.

وقالت منظمة “مراسلون بلا حدود” الجمعة ان الفريق الحاكم “يسعى الى فرض اغلاق” للبلاد.

من جهة اخرى اكد ناشطون يطالبون بالديموقراطية انهم يعتزمون التظاهر من جديد حين يصل المبعوث الخاص للامم المتحدة ابراهيم غمباري.

وقال احد الناشطين الذين شاركوا في التظاهرات التي قمعتها قوات الامن “نحن مستعدون للنزول الى الشوارع ونأمل ان تتكثف الامور في الساعات المقبلة”.

واضاف “اتوقع نزول عدد كبير من الناس الى الشوارع اليوم”.

ولم يكشف برنامج زيارة غمباري.

لكن خلال زياراته السابقة التقى مرات عدة رئيس النظام العسكري الجنرال ثان شوي كما التقى مرة المعارضة اونغ سان سو تشي حائزة نوبل للسلام التي تخضع لاقامة جبرية.

وسيتولى الدبلوماسي النيجيري مهمة دقيقة تتمثل في محاولة اقناع النظام البورمي بتسوية سلمية للازمة السياسية الحالية.

وقال المبعوث الدولي أمس السبت في سنغافورة قبيل توجهه الى بورما انه “يحمل رسالة من الامين العام للامم المتحدة (بان كي مون) الى السلطات البورمية وهي رسالة تعبر عن موقف مجلس الامن ومجموعة دول جنوب شرق آسيا”.

واضاف “آمل بصدق ان تكون هذه الزيارة مثمرة جدا بما يمكنني من رفع تقارير عن حصول تقدم في مختلف المجالات”.

وانتشرت قوات الامن بكثافة صباح أمس السبت في رانغون وسدت محاور الطرقات الكبرى المؤدية الى المعابد الرئيسية.

وتمركزت عشرون عربة عسكرية في حي معبد سولى الذي شهد اعمال عنف في الايام الاخيرة.

وتلقت الفرقتان العسكريتان اللتان تتمركزان في رانغون تعزيزات من الفرقة 66 قدمت من باغو شمال شرق المدينة.

وخلت الشوارع من المارة واغلقت اغلب المحلات ابوابها في رانغون التي بدت حركة السيارات فيها خفيفة.

وواصلت السلطات العسكرية في بورما أمس الأول الجمعة وأمس السبت قمع حركة الاحتجاج الشعبي من خلال تفريق التظاهرات وقطع الاتصال عبر شبكة الانترنت.

وقتل 13 شخصا على الاقل بينهم مصور صحافي ياباني منذ الاربعاء بحسب مصادر رسمية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الجمعة ان عدد القتلى “اكبر بكثير” مما هو معلن في الحصيلة الرسمية. ا.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى