في ذكرى وفاته الأولى عبده عبدالكريم أمير في شباك العاطفة

> «الأيام» سند حسين شهاب:

> إذا خضع أدب لحج في يوم ما للتقييم والتصنيف فإن عبده عبدالكريم سيأتي في مقدمة أدباء لحج إن لم يتجاوز أسماء كبيرة شكل أدبهم ثقلاً كبيراً في نهضة لحج الثقافية والأدبية. لا نقول هذا الكلام جزافاً أو تزلفاً فالرجل قد انتقل إلى رحاب ربه لكن هناك من المعايير ما سيجعل اسم الرجل يقفز إلى المقدمة وأهمها:1) أن الأمير عبده عبدالكريم جعل من الأدب منهاج حياة سار على أثره حتى لقي ربه.2) أن ألحان عبده عبدالكريم لقصائد شعراء آخرين رفعت من شأن هذه القصائد رغم قوتها أصلاً وجعلتها أعمالاً خالدة.إذا أردنا أن ندخل في تفاصيل المعيار الأول فإنه يمكن القول أن الأمير الراحل ظل على مدى سني عمره قطعة من أدب إذا جاز التعبير فلا يذكر الرجل إلا ويذكر الشعر واللحن والغناء ورغم مكانة الرجل الاجتماعية والطبقية آنذاك إلا أنه فضل الانغماس في هذا المجال وظل على تلك الشاكلة لا ينتج إلا القصيدة المحببة أو اللحن الأجمل وإذا ابتعد قليلاً فإنك لا تشعر بهذا البعد لأنه يظل في هذا المحيط سواء في التاريخ أو السياسة أو الزراعة أو غيرها وهذه أيضاً تخرج من لدنه مدينة بحلل أدبية بهية.

كثيرون من الذين عاصروا الأمير عبده عبدالكريم منذ بداية حياته الأدبية وحتى بعد عودته من الغربة اعتبروا أن الرجل لم يتغير وأن الأدب ظل سلاحه طوال كل هذه السنين وحتى نوائب الدهر التي واجهها وحيداً كان الأدب سلاحه الأول الذي يقاوم به من جهة ويخلق به الأمل لنفسه من جهة أخرى. أما بالنسبة للمعيار الثاني فإن ألحان قصائد من عيار «الدهر كله عمارة» و«ليت القوى بالسوبه» تكفي لأن تجعل من هذه الأعمال أعمالاً خالدة بشهادة من كتبها وليس بشهادتي أنا.

المتأمل لأدب الراحل عبده عبدالكريم يلحظ خاصية ظلت تحكم أدب الرجل وبالذات في الشعر وهي تخصصه في قصيدة العاطفة وهذه ميزة جديدة تحسب للرجل يمكن أن تدخل في باب التخصص الشعري الذي يعد شاعرنا عبده عبدالكريم إلى جانب الأمير صالح مهدي العبدلي هما فرسانه الأوائل.منذ البدء يعلن الأمير عبده عبدالكريم التحاقه بجوقة العاشقين ويقدم أوراق اعتماده سفيراً لها ولا يبدو أن الرجل يمارس تكتيكاً في هذا المضمار بل أن استراتيجيته شفافة وواضحة في الامتثال لمحبوبه كونه لا يملك سواه.

سيره ولا سيدي كلي أنا عبدك هل للجفاء من شأن

يدل مع يدي حيث ماتبا بعدك يمين ما تهتان

أنا معي وحدك ماشي معي غيرك جربه ولا دكان

عبده عبدالكريم شاعر عاشق لا يذهب إلى تصنع العشق كما يفعل آخرون لكن الهوى هو الذي يأتي إليه ليطرق باب قلبه الملتاع الذي سرعان ما يتماهى مع هذا الآتي المرغوب.

سرى الهوى ركب عشا يمطر على رأس الفؤاد

سال سيل الشوق سقى طين قلـبي والـرواد

هيج الخـاطر وشـبت نار في وسـط الكـباد

قد احترق قلـبي من الفرقة ولازمني السهاد

لاشك أن الخيال يمثل العنصر الأول في النظم عند الأدباء لكن الأمير عبده عبدالكريم لا يكتفي باستحضار هذا الخيال لمحبوبه فقط بل يحوله إلى حقيقة ماثلة أمامه ليحقق رغبته معه ولو بالشعر وهذا يفصح عن حجم الحرمان الذي كان يلازم الرجل.

دايم تساداك في عيني سدا

لا غـبت باجـي لا فوقك ودا

تعيش مسمار في عين العدا

انته المنى يا منيتي كل الطلب

لاعتبارات الغربة التي لا يطيقها قلب الإنسان العادي فكيف بالشعراء جنح الأمير عبده عبدالكريم قليلاً نحو محبوبته الكبرى لحج وراحت اللوعة والأشجان تقض مضجعه حتى تجعله يجازف بالسفر إليها ليلاً ولا يهمه في ذلك حتى عوامل التعرية لأن الخندود والصامل قد فعلا فعلهما في الرجل.

هيا الليل بانسري للحوطة وللشقعه

لا حمى ولا سقعه

فوق الواد حيث الماء يجري يسقي الرقعه

بقعه أحسن البقعه

با لحج الخضيرة حيث الزرع والترعه

وأصناف الزهور بدعه

بي خندود بي صامل وهابوى بي ولعه

وبي عثا وبي شكعه

كثيرة هي المميزات التي يستخلصها المرء عند قراءاته أعمال الأديب عبده عبدالكريم وأهمها أن أغلب قصائده كانت المفردات اللحجية القديمة تشكل الجزء الأكبر منها وهو بهذا يحافظ على بقاء هذه المفردات التي نسيها البعض أو تناساها أو تجاوزها عاملا الزمن والإهمال رغم أننا في حاجة لبقائها كونها تشكل عنصراً أساسياً في معادلة الهوية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى