الاحتفالات المركزية في الأعياد الوطنية ..عروض باهتة بميزانية (سلف) حتى ميسرة والدفع بالآجل

> «الأيام» مختار مقطري:

> كثيراً ما كتبت عن الحفلات المركزية بعدن التي ينظمها مكتب الثقافة في الأعياد الوطنية موضحاً ما يرافقها من قصور في الإعداد والاستعداد وغياب البرامج المعدة سلفاً مما يجعلها لا تنجح النجاح المرجو، وينظم عدد منها تنظيماً باهتاً لا يليق بالمناسبة، مفنداً بعض الأسباب وراء ذلك، والقصور في أدائه وإشرافه على الحفلات، ثم بينت ما يجعلنا نلتمس له بعض العذر، داعياً إلى الاستعداد الأفضل والأداء الأمثل، لأن نجاح أي حفل يعني نجاحاً لعدن وتأكيداً على دورها الرائد في الكثير من المجالات ومنها الفنون.

وبعض العذر الذي نلتمسه لمكتب الثقافة مرده الآلية المركزية المطلقة التي تمارسها وزارة الثقافة والتي تصل أحياناً حد الاستهانة بجهود الآخرين وإحباطهم خصوصاً فيما يتعلق باعتماد وصرف الميزانيات الخاصة بالاحتفالات المركزية لمكتب الثقافة بعدن وغيره في الكثير من المحافظات، فلا تصل الميزانية إلا قبل يومين أو ثلاثة من موعد الحفل مما يعني أن يستعد مكتب الثقافة بإداراته وفرقه الفنية وفرقه الفنية و فنانيه لإقامة الحفل في موعده المحدد بجهود ذاتية مضنية ومعاناة مادية ونفسية.

إلا أنني شعرت بعد ذلك بأني لا أختلف عن (مؤذن في مالطا) فعزمت على التوقف عن الكتابة في هذا الموضوع، واضطررت إليه هذه المرة بعد الحفل الفني الباهت و(الفاشل) الذي نظمه المكتب يوم الأربعاء 9/26 بقاعة فلسطين بمناسبة الذكرى (45) لثورة 26 سبتمبر المجيدة، لأكتشف أن ميزانية برنامج الاحتفالات (مليونان ونصف المليون ريال) لم تصل لمكتب الثقافة إلا في اليوم التالي (الخميس 9/27) وبالتالي لا عجب أن يفشل أوبريت (مسيرة شعب) فنياً وتقنياً وهو الفقرة الرئيسية والوحيدة في الحفل المركزي بقاعة فلسطين باستثناء فقرة أناشيد دينية.

الأوبريت (مسيرة شعب) كتب أشعاره الشاعر والناقد عبدالرحمن إبراهيم وألّف موسيقاه وألحانه الفنامن رامي نبيه وكلاهما غني عن التعريف وأكبر من أي مديح حقيقي أو مديح متزلف، واسماهما كفيلان لتقديم عمل فني متميز، في حين قمت أنا بكتابة سيناريو موجز ومتواضع يربط بين الفقرات الغنائية في الأوبريت وكتابة مشاهد تمثيلية لم يقدر لها العرض.

شعر عبدالرحمن إبراهيم كان جميلاً، والحق أن موسيقى وألحان رامي نبيه كانت بمنتهى الجمال بما فيها من تنوع في التصوير الموسيقي لكل فقرة شعرية برشاقة فنية من جملة لأخرى وتوظيف إيقاعي شرقي ومحلي متقن لم يخلُ من توظيف جميل لإيقاعات عالمية، وحين غنى غنى بأسلوب (أوبرالي) بديع مما يؤكد تنوع القدرات الفنية عند هذا الفنان الذي لم نكتشفه حتى الآن، وإلى جانبه تألق كل من رويدا وروينا رياض وفيصل الصلاحي والصوت الموهبة (نصر) وتألقت كعادتها فرقة مكتب الثقافة الموسيقية بقيادة الفنان القدير أنور مصلح، ومع ذلك لم يظهر العمل الفني بالمستوى اللائق، فمن يتحمل مسؤولية هذا الفشل؟ طاقم العمل؟ أم أن ميزانية برنامج الاحتفالات بهذه المناسبة كانت ضئيلة لهذا العام (مليونين ونصف المليون ريال) كما عرفت؟ أم أن ما يحدث كل عام من عراقيل من قبل المركز (وزارة الثقافة) تكرر هذا العام؟ أسئلة طرحتها على الفنان رامي بنيه فقال:«للأسف الشديد لم يقدم أوبريت (مسيرة شغب) كما تمنيت فقد تم إلغاء معظم الأفكار الفنية كالديكور، كما أن البروفات تمت في ظروف صعبة بالإضافة إلى شطب مشاركة فرقة الرقص الشعبي وعدم الاستفادة من مجموعة الأطفال المشاركة في العمل وغير ذلك من العناصر الفنية المكملة التي تضمن تقديم عمل فني كبير ومتميز يليق بعظمة المناسبة، والسبب هو تؤخر وصول الميزانية التي لم تصل إلا في اليوم التالي الخميس 9/27 أي بعد تقديم العمل في الحفل المركزي يوم الأربعاء 9/26 وهذا أسوأ من الأعوام السابقة حيث كانت تصل قبل يومين أو ثلاثة».

بالله عليكم.. أي ميزانية لعمل فني أو لعمل غير فني تصل قبل يومين أو ثلاثة فقط من اليوم المحدد لتقديم العمل، فما بالكم بتقديم العمل الفني (مسيرة شعب) قبل أن تتكرم وزارة الثقافة بارسال الميزانية، ويضيف رامي نبيه:«المطربون والموسيقيون والأطفال بدأوا البروفات تقديراً منهم للمناسبة وحباً في عدن، وقبل موعد الحفل بأيام قليلة تكرم الأخ أحمد الكحلاني محافظ عدن بتقديم سلفة (خمسمئة ألف ريال) لمكتب الثقافة تسدد من الميزانية، فعملنا على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتقديم ما يمكن تقديمه بعد فوات أوان تنفيذ معظم الأفكار الفنية المكملة للعمل كالديكور فبلغت تكاليف إقامة الحفل المركزي بما فيها تكاليف إقامته بقاعة فلسطين نحو (مليون ريال فقط)».

وبعد ذلك.. كيف نلوم فناني عدن على العروض الفنية الباهتة في الاحتفالات المركزية وهم يعملون بلا ميزانية، ويضطر صاحب العمل (الملحن أو المخرج) إلى شطب معظم الأفكار الفنية لفوات أوان تنفيذها، وإذا كانت عظمة المناسبة الوطنية وحب عدن تلزم الفنانين بالمشاركة في الاحتفالات المركزية بالأعياد الوطنية فأنا أضيف إلى الفنانين والموسيقيين الموظفين في مكتب الثقافة خوفهم من توقيف رواتبهم هذا إذا لم يتهم الجميع (باللا وطنية)، وكم أخشى أن يمتنعوا عن المشاركة في عام قادم بسبب تأخر الميزانية.

وما هو ظلم أشد مرارة عدم استفادتهم من صندوق التراث وتدني مقدار المكافآت التي يحصلون عليها مقارنة بما يحصل عليه زملاؤهم بالعاصمة صنعاء، وفي الحفل الأخير أرادوا التعبير عن رفضهم لهذا الظلم واللامساواة بأسلوب راق ومتحضر، لكن مسؤولاً بالمجلس المحلي لمحافظة عدن نجح في إثنائهم عن ذلك واعداً إياهم بالمتابعة وهم ونحن بانتظار ما سيفعله هذا المسؤول!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى