خلق الإنسان بين الطب والقرآن ..كتاب قيم في طبعته الثانية عشرة للدكتور محمد علي البار

> «الأيام» علي محمد يحيى:

> أهداني أخ وصديقي الأستاذ عمر أحمد الشاطري نيابة عن مؤلفه الدكتور محمد على البار كتاب «خلق الإنسان بين الطب والقرآن» في طبعته الثانية عشرة عام 2002م، وهو كتاب جمع فيه بين العلم الحديث ونطرياته وتداعياتها وبين قول الحق بما جاء به منزّل في القرآن الكريم وسنة رسول الله موضح فيه بالصور الإيضاحية بما يغني أحياناً عن الشرح مما أوجد لهذا المؤلف مكانة عالمية وترجم إلى اللغة الإنجليزية والنسخة المترجمة هي في طبعتها الخامسة اليوم.

خاض الدكتور البار في مؤلفه هذا وبدراية متخصصة في موضوع خلق الإنسان من الطين، استتبعه بدراسة لنظرية التطور وإن كان قد تجنب إثارة هذا الموضوع في الطبعة الأولى من الكتاب كما تفيد المقدمة التي مر عليها نحو اثنين وعشرين عاماً من صدور الأخيرة إلا من الإشارة العابرة التي جاء ذكرها في مقدمة الطبعة الأولى.

تطرق الدكتور البار إلى ما جاء عن ابن خلدون في هذه النظرية وتحويله إياها إلى شاهد للإيمان وإثبات النبوة..وأن نظرية التطور عند المسلمين كانت مدعاة للإيمان على عكس ما حدث في القرى التاسع عشر (1859) حين أصدر داروين كتابه «أصل الأنواع» عندما تحولت النظرية - نتيجة الحرب بين الدين والكنيسة من جهة والعلم ورجاله من جهة أخرى - إلى إداة للكفر والإلحاد. وكانت النظرية في صورتها الحديثة وتدعيمها (للانتخاب الطبيعي) و(البقاء للإصلاح) تتطابق مع ما جاء به مالتوس عام (1708) من نظريات حول السكان والاقتصاد.

ومن هذا المنطلق فقد عكف المؤلف على مراجعة ما كان لديه من أوراق قديمة كتبها عن نظرية التطور.. ولم يكن قد نشرها من قبل ورجع إلى العديد من المراجع في قصة خلق الإنسان بدءاً بالقرآن الكريم والتفاسير المعروفة المشهورة عن كيفية ابتداء هذا الخلق من ?{?سلالة من طين?}? وكيف أنبت الله الإنسان من الأرض نباتاً وكيف مر هذا الطين ذاته بمراحل متعددة أولها التراب.. ثم اختلط التراب بالماء فصار طعناً لازباً أي لاصقاً لازقاً ثم تعفّن الماء مع الطين كما يحدث في المستنقعات فصار حمأً (طيناً أسود اللون) مسنوناً ذا رائحة منتنة، ثم تحدث عن سبب هذه الرائحة المنتنة، وتكون غاز الميثان (غاز المستنقعات) والهيدروجين وثاني أكسيد الكربون وفي بعض الحالات غاز كربتور الهيدروجين (H2s) الشديد العفونة، ثم يبس هذا الحمأ المسنون حتى صار له صوت وصلصة وهو الصلصال.. وأن لا أحد يعلم كم من السنين مضت وآدم مُنجدل في طينة لقوله تعالى:?{?هل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا?}?.

ثم تحدث عن نفخ الروح وما ذكره أهل التفسير في ذلك باختصار عن تكريم الله لآدم عليه السلام بقوله ?{?ونفخت فيه من روحي?}?. كما عرج على ما جاء في سفر التكوين في التوراة المحرفة في تجسيم وتشبيه الله عندما خلق الإنسان حيث تقول (وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا.. فخلق الإنسان على صورته.. على صورة الله خلقه) وقارن ما جاء في التوراة المحرفة وحديث رسول الله بصحيح البخاري ومسلم «إذا قاتل أحدكم أخاه فيلتجنب الوجه.. فإن الله خلق آدم على صورته» مستعرضاً ما ذكره العلماء فيه ونفي التشبيه عن الله تعالى فليس كمثله شيء.

كما تطرق إلى ذكر نظرية التطور منذ فلاسفة اليونان إلى العهد الإسلامي.. وتوسع فيما ذكر علماء المسلمين ومفكريهم وفلاسفتهم عن نظرية التطور وكيف فهموها وجعلوها أساساً للإيمان.. وشرح النبوة وكيفية حصولها إلى أن انتقل إلى آراء المسلمين المعاصرين في نظرية التطور من مؤيدين ومعارضين ومن مجموعة كبيرة ترى أن النظرية قد أسيء استخدامها عمداً.. وأن جوانبها العلمية تقبل النقاش وقد يصح منها الكثير أو القليل. لكنها في حد ذاتها ليس مدعاة للكفر بل يمكن أن تكون مدعاة للإيمان.. كما كانت عند شريكها في التأسيس (الفريد والاس) زميل داروين و بعض علما الأحياء من الغربيين أنفسهم مثل ادوارد كيسيل أستاذ علم الأحياء في جامعة سان فرانسيسكو.

ثم يستعرض الكاتب نظرية التطور في العصور الحديثة وظهور لامارك وداروين.. وقام بشرح هذه النظرية وأبعادها وفقاً لمعطيات العصر وأوفاها حقها في الشرح وكيف تغيرت بمرور الزمن وسميت «بالداروينية الحديثة» التي لا تزال تعدل من حين لآخر مع زيادة المعلومات واتساعها في المجالات الحيوية.

وقد خلص الدكتور البار في كتابه إلى أن نظرية التطور إنما هي قديمة قال بها اليونانيون وطورها المسلمون وجعلوها شاهد إيمان لا شاهد كفر.. ولكنها في العصر الحديث تحولت بسبب الحرب بين الكنيسة والعلم إلى أداة إلحاد ومعول هدم.

(وما زاد الطين بلة) كما يقول مؤلف الكتاب أن أنصار نظرية التطور اندفعوا لتأييدها بالغش وتزوير الأدلة كما حدث- كما يقول- في إنسان بلتداو وإنسان جاوا وإنسان بكين.. وتزوير رسم للأجنة كما فعلها أرنيست هيجل.. وهذا كله كما يقول البار انكشف وأدى إلى فقدان الثقة بها.. وأن ما يجب العمل به هو أن تبقى النظرية مثل أي نظرية أو فرضية علمية في مجالها العلمي البحت.. يصح ويبطل فيها ما يبطل حسبما تأتي به الأدلة العلمية المحضة التي تزداد يوماً بعد يوم.

وقد زاد الكاتب في هذه الطبعة إضافات شتى عن الجينات وخلايا الأجنة الأولية وألمح لمحات سريعة إلى الاستنساخ ومعرفة جنس الجنين وما فيه من أمراض وراثية وخلقية وتوسع في مدة الحمل أقله وأكثره نتيجة استمرار كثير من الفقهاء وطلبة العلم في إصرارهم على أن الحمل يبقى لسنين طويلة وآماد بعيدة ثم تلد المرأة حياً أو أحياء.

هذا قليل من كثير مما جاء في الكتاب الذي جمع فيه بين العلم الحديث والعقيدة.. عقيدتنا نحن المسلمين المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى