«الايام» ترصد معاناة أهالي وادي المسيمير

> «الايام» محمد مرشد عقابي:

>
البئر التي تروي الأهالي
البئر التي تروي الأهالي
نعمان .. تلك المنطقة المسالمة المنحنية تحت أحد الجبال والمحروسة بسياج جبلي يشكل حزام الأمان والجناح الواقي والحامي لجمالها..حبلى بإرث تاريخي لا يموت، وحضاري لا يفنى صنعته الأيادي الذهبية للآباء والأجداد، مرتمية على أحد المنحدرات الجبلية المحاذية لسفوح جبال مديرية ماوية المجاورة، تعيش عناقا حارا مع تلك الهضاب وترسم لوحة من صور الجمال الطبيعي الذي تقف أمامه مبهورا ولا يسعك إلا أن ترسل إشارة إلى المخ والذاكرة لتلقط وتحفظ وتخزن ما شاهدته من صور بديعة.

إن أكثر ما يميز منطقة نعمان جوها الرائع وهواؤها العطر الذي تفوح منه روائح الفل والكاذي وأريج الياسمين.. مزيج من حضارة الآباء والأجداد وخصوبة وجمال الأرض.. فإليكم بعض ما تزخر به منطقة نعمان من ارث تاريخي وكذا كشف بواطن معاناة أهلها في السطور التالية:

مدلولات حضارية

من أبزر المعالم التاريخية لمنطقة نعمان التابعة لمديرية المسيمير، تلك القبة المنتصبة والخالدة منذ مئات السنين التي تعد من رموز حضارة الانسان القديم وإرثا لا يقدر بثمن، وهذه القبة تقف شاهد عيان على مكانة وعظمة صنيع وعمل الآباء والاجداد.. وحول مكانة هذه القبة لدى المواطن في نعمان تحدث إلينا المواطن د. عارف محمد ناجي قائلا: «إن هذه القبة تعتبر بالنسبة لجميع أبناء المنطقة مكتنزا حضاريا لا غنى عنه، حيث تمثل هذه القبة حضارة بحد ذاتها» ودعا في حديثه جميع الجهات الرسمية إلى المحافظة على هذه القبة كونها إرثا خالدا ودلالة واضحة على حضارة قامت في المنطقة وبين جبالها الشامخة. وواصل حديثه بالقول: «إلى جانب القبة التاريخية هناك بئر صغيرة عمقها لا يتجاوز أمتار معدودة تتفجر منها عيون وينابيع ماء تروي عطش اهالي المنطقة، وتعد بالنسبة للمنطقة بمثابة معجزة إلهية كون المنطقة تعاني شحة في مياه الشرب، وعدم خروج الماء من باطن أعماق الارض في آبار مجاورة لهذه البئر رغم عمق مسافة الحفر فيها».

وطالب في حديثه الجهات المسؤولة في المديرية وكذا إدارة الآثار والمخطوطات والجهات المعنية بالحفاظ على البيئة وكذا وزارة السياحة ومكاتبها بالمحافظة والمديرية بالإسرع في تهيئة الظروف للحفاظ على هذه الاثار الخالدة والشاهدة على حضارة مئات السنين.

المدرسة والوحدة الصحية بنعمان
المدرسة والوحدة الصحية بنعمان
افتقار المنطقة للكثير من المشاريع الخدمية

تفتقر منطقة نعمان للكثير من الخدمات التنموية والحيوية الضرورية لعيش الانسان وتسييره لشؤون حياته، فالمستوى التعليمي متدنّ للغاية رغم تواجد مدرسة للتعليم الأساسي وكذا عدم توفر الخدمات الصحية بالشكل المطلوب.. وحول تلك الجوانب تحدث إلينا شيخ المنطقة ناصر أحمد سالم قائلا:

«اولا نحمد الله على نعمه كافة، وبالنسبة للمشاريع الخدمية فنحن نقول إن منطقة نعمان بحاجة إلى الكثير من الخدمات الضرورية كالماء والكهرباء والطرق كونها تفتقر لهذه الخدمات التي من البديهي أن تتوفر للانسان في أي وطن كان».

وأضاف أنه «إلى جانب تلك الخدمات الأساسية يجب رفد الوحدة الصحية بكل ما يلزم لتؤدي رسالتها الانسانية المقدسة على أكمل وجه فهي تفتقر إلى بعض التجهيزات والمعدات الطبية والأدوية ولكون أهالي نعمان يعانون مشقة السفر لبعد المسافة بين المنطقة وعاصمة المديرية مدينة المسيمير وفي حالة المرض خاصة يتعذر إيصال المريض إلى مستشفى المسيمير وهو على قيد الحياة نظرا لبعد المسافة ووعورة الطريق». وطالب في حديثه السلطة المحلية والجهات المختصة بضرورة الاهتمام بالتعليم في المنطقة كون المدرسة الموجودة فيها تفتقر للكثير من الأثاث والمستلزمات ووسائل التعليم الحديثة والكادر التعليمي فيها وكذا الحاجة إلى بناء فصول دراسية.

الظلام سيد الموقف

كغيرها من مناطق مديرية المسيمير ترزح منطقة نعمان تحت جنح الظلام الدامس، وأهاليها يمنون النفس بنور الكهرباء العمومي الذي يحلم به كل أبناء المسيمير كبيرهم وصغيرهم.. وحول طلاسم لغز الكهرباء تحدث إلينا المواطن والمعلم وليد أحمد قاسم قائلا: «أزمة الكهرباء اصبحت مشكلة عويصة ولغزا يصعب فك طلاسمه، والمواطن قد وصل إلى درجة من التذمر ما بعدها درجة، فالكهرباء ينعم بها من هم حوالينا فإخواننا في مديرية ماوية المجاورة رغم قربها من مديريتنا وصلهم التيار الكهربائي فيما نحن رغم مرور أعمدة الضغط العالي للتيار العام في وسط أراضينا محرومون من هذه النعمة»، وابدى استغرابه من الوعود التي يقطعها قادة السلطة المحلية موسميا على أنفسهم بإيصال التيار الكهربائي للمديرية وقراها معتبرا اياها مجانبة للمصداقية والقصد منها التلاعب بأعصاب المواطن ليس إلا، وأشار في حديثه إلى أن «سكوت السلطة المحلية على وضع المديرية وهي تكابد الظلام وتكتوي بنيرانه شيء مخز قد يرسم في ذهن المواطن صورة قاتمة السواد وسيئة عن هذه السلطة» وأكد أهمية ايجاد مخارج وحلول لإزالة الظلام الجاثم على جسد المديرية والمرهق لكاهل العجزة والمسنين والنساء والأطفال في مديرية المسيمير بشكل عام ومنطقة نعمان على وجه الخصوص».

جزء من منطقة نعمان وتظهر فيه المدرجات
جزء من منطقة نعمان وتظهر فيه المدرجات
الطريق أول قطرة لغيث المشاريع

أما المعلم جلال حسن فقد رسم بعض انطباعاته حول الطريق مؤكدا أن «هذه المسماة طريقا هي في الأساس تصلح لسير الحمير عليها وليس لها أي صلة لا من قريب ولا من بعيد بالطريق الصالحة لبني البشر»، مطالبا في سياق حديثه بضرورة أن تنظر السلطة المحلية صوب المعاناة التي تخلقها للمواطن يوميا هذه الطريق، معتبرا أن مواطني منطقة نعمان قد وصلوا إلى حالة من اليأس والقنوط حيال إصلاح هذه الطريق، معبرا في حديثه عن بعض مرارة المعاناة منها بالقول: «إن معاناة المواطن في نعمان من هذه الطريق تتمثل في صعوبة ايصال المواد الغذائية وغيرها إلى المنازل نتيجة كثرة المنحدرات والمنعطفات ووعورة هذه الطريق، حيث يكابد المواطن التعب والمشقة لايصال ما يريد إلى منزله.. فالطريق تمثل همزة الوصل بين المنطقة والمشاريع». واستطرد في حديثه قائلا: «في حالة وجود طريق بمواصفات في السفلتة والرسم والتخطيط والدك فإن ذلك يعني نزول قطرة اولى وبادرة خير في تساقط غيث المشاريع على المنطقة» واستغرب من التجاهل المفروض على نعمان معتبرا اياها من المناطق الاثرية في مديرية المسيمير، التي يفترض أن يحظى مواطنوها بنصيب وافر من الخدمات المستحقة.وأضاف قائلا: «إن التجاهل الظلم وغياب الاهتمام بالمشاريع الانسانية والتنموية الحيوية يشعرك وكأنك في غربة عن الوطن وانت فوق ترابه، وهذا ما تعانيه منطقة نعمان والمديرية بأكملها».

واختتم حديثه بمطالبة جهات الاختصاص «بضرورة إيجاد طريق بمواصفات حديثة ليستفيد منها الناس، ولإزاحة الخوف من نفوسهم وإنعاش الامل في قلوبهم، كون وجودها سيمثل المنفذ الذي سيتنفس منه ابناء نعمان، وخيط الوصول إلى عاصمة المديرية لقضاء حاجياتهم ومطالبهم، وبصيص الامل للخروج من دائرة الاغتراب والعزلة المفروضة على المنطقة منذ عهود إلى آفاق أوسع وأرحب للتواصل والارتباط بمن حولهم».

القبة الأثرية والتاريخية بنعمان
القبة الأثرية والتاريخية بنعمان
لقطات عابرة

منذ ولوجنا هذه المنطقة إلى آخر لحظة قبل مغادرة أراضيها، كانت نعمان بأهاليها البسطاء الطيبين وبأطفالها الأبرياء ترسم ملاحم الاستقبال وكرم الضيافة والترحيب الكبير الذي حظيت به صحيفة «الأيام» التي تعتبر أول صحيفة تزور هذه المنطقة الجميلة والمحرومة من كل الخدمات التنموية.. ولا يسعنا في الأخير إلا التقدم بالشكر الجزيل لكافة أهالي نعمان على كرم الضيافة وحسن الاستقبال وخاصة د.عارف محمد ناجي والأخ علي حبيش، عضو المجلس المحلي ممثل المنطقة، أما الاخ هاني نبيل فقد أضفى جوا من المرح علىالزيارة بقفشاته ونكاته المضحكة.ودعنا منطقة نعمان، تلك المنطقة الجميلة الباسمة، والعين لا تستطيع أن تبتلع دمعها من الحزن.

ودعناها والحروف تتجمع في أفواه أبنائها وتطلق صرخات المعاناة والمكابدة، بعد أن تحولت كل آمالهم وتطلعاتهم في المشاريع إلى سراب.. فإلى مثى ستظل نعمان تقاوم الحرمان؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى