في مقديشو المدمرة، البقاء كفاح يومي

> مقديشو «الأيام» ايمانويل غوجون :

>
سبعة عشر عاما من الحرب الاهلية، حولت مقديشو الى كومة انقاض، البقية الباقية من سكان العاصمة الصومالية لم يعد بامكانهم الاعتماد على اي من الخدمات العامة وهم يعيشون في خوف دائم من رصاصة.. طائشة.

بعد مرور عام على وجودها في مقديشو، لا يزال الشغل الشاغل للحكومة الانتقالية المدعومة من الجيش الاثيوبي مواجهة المتمردين الاسلاميين. وادت المعارك الدامية منذ مطلع العام الى نزوح ضخم للسكان الذين تكدسوا في مخيمات معدمة تنتشر في محيط العاصمة.

وسط هذه الاجواء من انعدام الامن، يبدو جليا ان بند اعادة اعمار المدينة ليس مدرجا على جدول اعمال الحكومة. وعمدت البلدية الى تنظيف عدد من مستديرات الطرق والى طلاء عدد من الجدران، ولكن غالبية الطرقات لا تزال مزروعة بالحفر ومليئة بالاوساخ، وبات مجرد الحصول على الماء والكهرباء من الامور التي تعتبر رفاهية.

ويتم تأمين الكهرباء بواسطة المولدات الخاصة. ويقول حسني عمر الذي يملك شركة خاصة لتوزيع الماء والكهرباء "نحن نؤمن الكهرباء 24 ساعة على 24".

ثلاثة مولدات كهربائية ضخمة تتولى تزويد 800 مسكن بالكهرباء مقابل 8،0 دولار للكيلوواط.

وبفضل هذه المولدات بات بامكان فاطمة مايور محمد تشغيل مخبزها، وتقول في هذا الاطار "بما انه لدينا كهرباء، يمكننا صنع الخبز والحلويات. ولكن التكلفة مرتفعة جدا".

في اقتصاد الحرب هذا شهدت الاسعار ارتفاعا جنونيا ما يشكل عبئا اضافيا يزاد الى قائمة مصاعب الحياة اليومية. سعر الأرز زاد عن الضعف منذ مطلع العام، بحسب ربة منزل هي ام لثمانية ابناء تقول انه بالاضافة الى ارتفاع الاسعار فان "اقفال السوق (بكارة) جعل الامور اكثر صعوبة".

ومنذ آذار/مارس تحول سوق بكارة الكبير الى مسرح لاشتباكات عنيفة، وبات هذا المتنفس الاقتصادي للعاصمة ميدانا مفضلا للمتمردين الذين يشنون فيه هجمات منتظمة جعلت السوق مقفرا.

حسين علي نور اضطر لمغادرة مزرعته خلال الحرب الاهلية، وبفضل التضامن العشائري سمح له بان يملأ المياه مجانا من البئر في غالونات يبيعها على متن عربة خشبية يجرها.

ويقول هذا الستيني لوكالة فرانس برس "عندما يكون لدي زبائن كثر، يصل ربحي الى 50 الف شلنغ (نحو دولارين) يوميا، واحيانا اكثر. في العادة لدي 20 زبونا مما يكفيني لتأمين القوت لاسرتي".

ويعيش سكان مقديشو في خطر دائم. المتمردون لا يترددون في القاء قنابل يدوية في اماكن مأهولة او حتى زرع عبوات ناسفة مصنعة محليا على جانب الطريق. وبالمقابل تعمد القوات الحكومية وحلفاؤها الاثيوبيون الى استخدام المدفعية في قصف الاحياء التي يختبئ فيها المتمردون.

ويقول الطبيب في مستشفى "المدينة" عثمان بنتاي وهو احد الموظفين القلائل الباقين في مقديشو، مشيرا الى طفل جريح "هذا الصبي مجنون، انه معروف في مقديشو، يسمونه +بكارة بكارة+. لقد اطلقوا عليه النار اثناء مروره في منطقة محظورة امام معسكر اثيوبي. لقد اضطررنا الى بتر ساقه".

ويوضح الطبيب انه يستقبل يوميا جرحى مصابين بالرصاص. جداول الدخول الى المستشفى تشهد على هذا: في السابع من كانون الاول/ديسمبر اصيبت امرأتان بالرصاص، وفي اليوم السابق 12 حالة استشفاء، بينهم ثمانية جرحى بالرصاص، في الاول من الشهر عينه 18 حالة استشفاء بينها 13 اصابة بالرصاص. ومنذ مطلع الشهر الجاري سجل المستشفى تسع حالات وفاة.

وبالنسبة الى الدكتور عثمان بنتاي فان المشكلة الرئيسية تكمن في ان الجرحى المدنيين لا يتمكنون من الوصول بسهولة الى المستشفى، ويقول "من هنا يصلون الينا في حالات خطرة نضطر في غالبيتها الى بتر الطرف المصاب".(أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى