التشريك والشراكة كزاوية قائمة لتحرير الخدمات

> أحمد علوي الكاف:

> تعاني بلادنا الأمرين من الفقر النوعي الخدماتي على مستوى الكثير من الوزارات لاسيما تلك التي ما استحدثت إلا لكي تخدم المواطنين، وبالرغم من أن الحكومة أو المنظمات الدولية واتفاقيات التعاون القطري وما تبذله من مساعٍ حثيثة لسد الهوة بين المواطنين ومتطلباتهم الحياتية وما تضمره تلك الوزارات لتحسين توصيل تلك الخدمات الأساسية إلى المواطنين، إلا أن ذلك لم يفلح حتى الآن، وما تطالعنا به الصحف اليومية من مليارات الريالات التي تم ويتم تخصيصها لحفظ البنية الأساسية لينعكس أن الصورة وردية ومثالية، إلى حد أن المواطن ليطمئن إلى أن الأمور بخير.

وما سنتعرض إليه في هذا السياق هو أن لكل وزارة توجهاً رأسياً يلخص أهداف إنشائها فضلاً عن الآلية والمبررات من وجودها، ولكن يبقى الأمر للوصول إلى الأهداف مرهوناً بحسن الأداء، وهذا هو بيت القصيد، فعندما نقول إن حسن الأداء لابد له من رجالات يسهرون على استمراره في ظل وجود الخبرة الكافية عند التنفيذ ووفق المدة الزمنية المقررة فإن وزارة كالصحة العامة أو التربية والتعليم أو التدريب الفني والمهني والجامعات الأكاديمية والزراعة والري وبقية الوزارات والهيئات الخدماتية كالأراضي والعقارات والصرف الصحي والمياه والكهرباء أمثلة حية تحتاج فيما تحتاج إلى التشريك لترجمة القدرة على حسن الأداء، فلاضير إذاً أن تقوم بتنظيم خدماتها عبر إفساح المجال لشركات متخصصة فنياً وقانونياً لتنفيذ أهدافها على الصعيد المحلي، وياحبذا لو كانت هذه الشركات ذات جنسيات عربية أو حتى متعددة الجنسيات، تستطيع أن تقيم جسور التواصل بين الدولة اليمنية وجنسيات الحكومات التي تنتمي إليها، أما المبالغ التي ستدفع لها مقابل القيام بتنفيذ سياسة تلك الوزارات الهامة فلن تكون القشة التي تقصم ظهر البعير، فكلما كان القيام لتشريك خدمات التربية التعليم والصحة (وقائي/علاجي) وخدمات الأسرة (المرأة والطفل) صحيحاً جاء البعد الرأسي ليتقاطع هناك بشكل دقيق ويكوّن زاوية قائمة للبعد الأفقي عن صحة تقييم الخدمات التي ستكلف بها تلك الشركة، شريطة ألا يترك مجال لحدوث زاوية منفرجة أو حادة قدر الإمكان، بحيث يشدد على تلك الشركة التي ستنظم نشاطها المترجم لأهداف الوزارة المعنية أن يكون لها قدرة على إقامة شراكة من نفس نوعية نشاطها مع وزارات أو هيئات ومؤسسات المجتمع المدني النظيرة لها محلياً أو في دول تم إبرام اتفاقيات التعاون الثنائي الحكومي معها من نفس نوع التعاقد النمطي لهذه الوزارة أو تلك، ومن هنا نستطيع القول إن البعدين الرأسي والأفقي تقاطعا في زاوية قائمة قدرها 90 درجة، وبالتالي يمكن أن يقال إن البناء التنموي في هذا المجال يستطيع أن يقوم على أسس سليمة في الطريق الصحيح، وهذا ما نقصد به التشريك للخدمات، وبدونه لن تتعاضد إذا ما تم جعلها تتقاطع كبعد أساس لاشتراطات عمل تلك الشركات التي تكون البعد الأفقي، وما الشراكة التي نقصدها هنا إلا أن يتم الاستفادة من مقدرة هذه الشركات على أن تمد جسور مقدراتها للرهان عليها لتنهل من منابع ثمار التعاون أو التعاقد بين الدولة اليمنية كطرف وبين الدول أو المنظمات أو حتى مؤسسات المجتمع المدني كطرف آخر في بلدان أخرى، ومن هناك في تقديري يمكن للممارسة الديمقراطية أن تنمو وتتجذر بين ثنايا مجتمعنا.

فلقد شهدت خطط الإصلاح والتطور واجتثاث الفساد الكثير من العراقيل والاجتهادات والمتاهات التي رافقتها، تارة لعدم وجود أو تحديد نقطة البداية وأخرى لضغوطات التوازن السياسي والمناطقي، الأمر الذي أحدث فراغاً ديمقراطياً وتعبوياً كانت أجهزة السلطة وأصحاب القرار يعانون منه إلى حد كبير.

وخلاصة القول إن هناك الكثير من مؤشرات الفراغ التشريكي ماتزال ملموسة لدى الكثير من المرافق أو الوزارات الأخرى أو حتى الخطط التي تنوي الدولة الشروع في تنفيذها.

فبدلاً من استعراض الأرقام للأموال التي سترصد في التنفيذ عند التصريحات للمسئولين والتي أصبحت مملة بل ولايعيرها أحد أي انتباه ياحبذا لو تأخذ الحكومة على عاتقها استحداث وزارة للتشريك ينتصر لهذا التوجه، وأنا متأكد أن هناك الكثير من الوزارات سيتم إلغاؤها لأنها كما يقال لملء الفراغ الدستوري أو كمالة عدد، ولا تفي بمتطلبات الواقع، لأنها ليست لها أجندة للتنفيذ لغياب بعد حسن الأداء ولغياب كفاءة اتخاذ القرار الذي تلاحظه يوأد قبل وصوله إلى منتهاه لاسيما إذا كان مشتركاً بين وزيرين أو ثلاثة كل واحد منهم تحمل أوامره الكثير من هامش التنصل عندما يكون مرتبطاً بوزير آخر، وما الحيرة التي يقع فيها المحافظ أو مدير الناحية إلا تجسيد لهذا التنصل، لعدم وجود التقاطع الأفقي الذي لم يقم به هذا المسئول.

فهل سنرى التفاتة لهذه الرؤى والأفعال؟ وإلا فعلى المواطن أن يسرح في عالمه بإحسان كالجندي المجهول.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى