حتى لا تشق الفؤوس الرؤوس

> عبده فارع نعمان:

> المتأثرون بالعواطف أو الحماس الآني، أو ردود الأفعال غير المسؤولة وغير الواعية كثيرون، وبسهولة ينساقون خلف تلك العواطف وذلك الحماس ويقعون كباش الفداء مع كل التقلبات والتغيرات ويغرقون الوطن والشعب في دوامة لا بداية لها ولا نهاية، دونما أية رؤى، أو على الأكثر خطوات تحدد مسارهم ومسؤوليتهم حيال الأمن والاستقرار الضامن لسلامة المواطنين وأمانهم، بل الضامن للسلم الأهلي الذي يجب أن يكون همَّ كل من يطمح إلى الزعامة أو التسلط، قبل أن تشق الفؤوس الرؤوس، سواء أكانوا من السلطة القائمة أم من المعارضة أم حتى من طرف ثالث!!.. فالكل مدعو للوقوف أمام مسؤوليته التاريخية فيما يمارس أو يسلك، ولو من الناحية الوطنية أو الإنسانية.

وندعو للتفكير ألف مرة، قبل الإقدام على أية خطوات عشوائية أو غير مدروسة.. وأية حركة لا تقترن بالمسؤولية تكون نتيجتها وخيمة وغير محمودة العواقب، وحينها لا يجدي الندم ولا ينفع. وعند الإشارة إلى المنظومة الأمنية، نؤكد أن أمن الوطن واستقراره مسؤولية مشتركة يتحملها كل متزعم لأية حركة، ويتحملها كل مواطن بديمقراطية الشراكة لا ديمقراطية الأغلبية أو الأقلية أو الديمقراطية القسرية، ليكون أمن الوطن ووحدته في مقدمة كل الخيارات، ويكون الدرع الواقي للمواطنة، لأن العنصر الواعي لمسؤوليته لن يقبل للسلم الأهلي والوحدة الوطنية والأمن والاستقرار بديلا،ً ما لم يكن طريقه ضيقاً تتخلله شوائب ذاتية، أو قصور يمنعه من رؤية الأفق والأبعاد لكل ما يعبر وما يسلك في المحك العملي خاصة فيما يتعلق بالثوابت الوطنية، وفي المقدمة الوحدة.

والداعون لتصحيح مسار الوحدة، استغرقوا سنوات وسنوات إلى الآن، ولم يقدموا للمواطن أو الرأي العام الوطني والخارجي شيئاً ملموساً لماهية (مسار الوحدة المطلوب).. والشعب قد سئم مثل هذه الشعارات أو العبارات ويطلب ما ينقله إلى مرتفع يستطيع منه أن يتلمس أفق التصحيح فكراً ومنطقاً وحكمة.. ومن السهل جداً أن تخط الشعارات والهتافات والعبارات البراقة لكن من الصعب تحديد خطواتها والغايات، بل من الصعب رسم تكتيكها واستراتيجيتها، ليستوعبها الخاص والعام من شرائح الشعب وفئاته وأطيافه، خاصة حين تكون النوايا السيئة مبيتة سلفاً، ومع ذلك ليس هناك ما يمنع الإسهام في تذليل تلك المصاعب والإخلالات التي تكتنف (مسار الوحدة) لنضع لها محاور محورية محددة تسهل مطلب تصحيح مسارها على طاولة حوار جاد وحقيقي إن توفرت الجدية والمصداقية وهي:

وأمام هذه الأمور نعتقد أن المسؤولية تستدعي بالضرورة أن يسمو كل قيادات المجتمع وقواعده سلطة ومعارضة بشخصياتهم ونشاطهم إلى مستوى الحرص الأمين على سيادة وحرية الوطن إنساناً وتراباً وشجراً وحجراً، لنضمن سلامة توجهنا حيال التكامل الذي يجب أن يكون بين السلطة والمعارضة ودعاة تصحيح مسار الوحدة بالحوار المسؤول والهادف، لإكمال بناء سلطة متطورة تكون نواة قوية لبناء الدولة المنشودة؛ لأن السلطة القائمة إذا ما بقيت على حالها هذا، وكذا المعارضة فلن نلمس إلا ضعف السلطة والمعارضة في آن واحد، وبالتالي لن يقدموا لليمن سوى المراوحة في نقطة واحدة.

وأي تطور لأي محور من محاور الحياة، لا يمكن أن ينجح إلا بالعمل من داخل الوطن وباستقلالية كاملة، ودون أي تدخلات خارجية، لأن الاستقواء بالخارج من أي طرف كان لا يعني شيئاً سوى التفريط باستقلال الوطن وحريته وسيادته وأمنه واستقراره، ومع ذلك نجد أنفسنا شئنا أم أبينا بحاجة ملحة وضرورية إلى المواطنة المتساوية وشراكة الديمقراطية، ولا مركزية الإدارة.

وحين نمعن النظر ونفكر في قضايانا المصيرية المشار إليها في (الإخلالات والمخارج) نجد أنها فعلاً السبيل الوحيد لبناء البيت اليمني وتشييده بثبات، بما لا يمكن للزلازل أو الزوابع أن تهزه أو حتى تقترب منه، بل إنه بمدماكه الصلب لن يخترق لأنه سيكون قادراً على اكتشاف كل واردة وشاردة بقوة الرفض والممانعة لما من شأنه عدم المساس بازدهاره وثوابته الوطنية.

هكذا أرى أن تكون (قوة السلطة وقوة المعارضة معاً) أساساً متيناً لبناء الدولة اليمنية الحديثة، فالسلطة إذن تقوى ويتصلب عودها بعدلها ، بمرونتها، بسياستها المتميزة في الداخل والخارج، بإدارتها المتطورة ، بإعادة هيكلة بنيانها وقوامها، أما البشر فيها فمدعوون للاكتفاء بما قد اكتسبوا من حقوق الشعب وموارده، ولإصلاح أنفسهم بصدق وإخلاص لله والشعب والوطن، وعندها لن يُمَسُّوا بسوء، بل على العكس لأن من صلحت نفسه صلح كل شيء، وبالصلاح والإصلاح تحل كل المشكلات وتتحلحل القضايا، ويتعافى اليمن، ويرتقي الشعب إلى مصاف الحياة الحرة الكريمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى