عوامل انقراض تربوية تهدد كلية طورالباحة بلحج

> «الأيام» وجدي الشعبي:

>
تأسست كلية التربية طور الباحة التابعة لجامعة عدن 2001م، بدعم من أبناء المنطقة الذين أسهموا مادياً ومعنوياً، رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها، وإضافة إلى الإسهامات المادية التي قدمتها التعاونية الاستهلاكية، والتي بلغت أربعة ملايين ريال يمني، وتنازلات أبناء المنطقة عن المبنى الذي بنيت عليه، والذي كان ملكاً تابعاً لثانوية عبدالخالق صايل قبل أن يعاد ترميمه بشكل بسيط ليصبح كلية للتربية بأقسامها التربوية الموجودة، كضرورة ملحة لتغطية العجز التربوي في مدارس المديرية المختلفة.

رغم افتقار المبنى إلى الكثير من المتطلبات الضرورية فنياً وهندسياً ،كون البناء عائداً إلى العام 1980 ،حين بنيت ثانوية لأبناء المنطقة حينها، ورغم الإسهامات الكبيرة لأبناء المنطقة مادياً ومعنوياً في بناء وإنشاء تلك الكلية للتخفيف من معاناة أبنائهم الذين يتحملون مشقة السفر إلى عدن أو لحج، وعناء المواصلات ومتطلبات التعليم الجامعي، وأملاً منهم بأن تكون الأولوية في التعليم والتوظيف فيها، وتشكيل الهيئة الإدارية لها من أبناء المنطقة، إلا أنهم تفاجأوا بعدم تحقيق ذلك في واقعهم التعليمي فيها، الذي انغمس فيه الجميع في وحل الخلافات الحزبية والسياسية والمناطقية، الذي أصبح قياس التحكم في عمليات التوظيف وتعيين واختيار المعيدين والعاملين فيها، وبغض النظر عن الكفاءة والمؤهل والقدرات العلمية والعملية وغيرها، الأمر الذي انعكس سلباً على عملية التعليم فيها، والحفاظ على مقوماتها وتوازنها الإداري، وظهور الكثير من المشاكل الإدارية والهموم الطلابية، التي تعترض طريق آمالهم وأحلامهم الدراسية وتهدد مستقبل حياتهم العلمية.

«الأيام» قامت بجولة استطلاعية في أروقة الكلية للتعرف عن قرب على هموم الطالب الجامعي في كلية التربية بطور الباحة، ودور الهيئة الإدارية في حل مشاكل الطلاب.. وهل تحقق للطالب الجامعي فيها شيء مما كان يطمح له قبل وصوله إلى بوابة الكلية، و قطع شوطاً كبيراً من حياته للوصول إليه؟ وماهي أهم العقبات التي تتحدى خطاه وتطلعاته العلمية، وإلى أي مدى وصلت؟!

وأثناء جولتنا الاستطلاعية التقينا بعدد من الطلاب، من مختلف التخصصات في الكلية، الذين رافقونا أثناء جولتنا الاستطلاعية فيها، مطالبين من عدسة «الأيام» أن تظهر بعض السلبيات التي تعكس الصورة على القائمين بشؤون إدارة الكلية، وعدم استجابتهم لشكاويهم المتكررة، حسب قول الطالب عبدالوهاب علوان سيف القباطي (قسم إنجليزي)، الذي وصف المشهد بقوله:«الكل هنا يتعامل معك معاملة قاسية، فليس هنا من يسمع شكواك، ولا هناك من يحاول تلمس همومك، عندما نأتي إليه شاكياً. أصبحنا وكأننا في غاب القوي على الضعيف، وهذا من حزبنا، وهذا ضدنا، حتى حقوقنا لا نستطيع أن نأخذها إلا بالوقوف ثلاثة أيام بباب قسم التسجيل، من أجل غلطات مصطنعة، نتيجة لعدم الكفاءة والقدرة على التسجيل والرصد للمواد». أما بخصوص المجلس الطلابي في الكلية ودوره فيما يعانيه الطالب الجامعي في الكلية، فقد اكتفى بالقول مثل كل من قابلناهم والتقينا بهم في كلية:«لا يوجد بها مجلس طلابي مطلقاً، وقد اندثر وانتهى، ولم يبق إلا شخوص لم تر منهم إلا تكبراً وعنجهية وحيلاً مصطنعة، والله يعلم كيف أوضاعهم الحقيقية».

لا مجلس طلابي ولا أنشطة ولا قسم داخلي

أما الطالب دايخ أحمد علي (قسم عربي إسلامية- ثالثة) فيرى أن مشكلة السكن الداخلي المعتمد في الكلية، وعدم وجوده على أرض الواقع، هي أبرز ما يعاني منه في الكلية، كونه قادما من مديرية المقاطرة البعيدة عن الكلية، إضافة إلى نقص الكتب في المكتبة، وعدم وجود الكهرباء في كثير من الغرف التي ينام ويذاكر فيها الطلاب، إضافة إلى استيائه من قرار الاستنهاج الذي لا يعلن -حسب قوله- إلا بعد أن يدفع الطالب رسوم السنة.

ومن المعاناة نفسها والآهات المريرة التي يطلقها الكثير من الطلاب داخل الكلية تأوّه الطالب جهاد الزعوري ثالثة أحياء، قائلاً:«أبرز مشاكلنا وما نعانيه هنا، عدم وجود الماء في كافة حمامات الكلية التي تراكمت فيها القمامات والقاذورات كما ترى ، إضافة إلى عدم وجود ثلاجة ماء صالح للشرب في الكلية ، وغياب كافة الأنشطة في الكلية، وكذا عدم وجود سماعات تكبير للصوت في القاعة الكبرى حتى نتمكن من سماع صوت المدرس حين يشرح ويتكلم، ولا كهرباء في القاعات الجديدة».. ورغم الإجماع على عدم وجود المجلس الطلابي ودوره في الكلية، وغياب كل الأنشطة وغيرها، إلا أن الطالب فيهم الشعبي (عربي) ، الذي يتفق مع كل ما قاله سابقوه، غير أنه يضيف معلقاً على غياب الأنشطة قائلاً:«رغم أننا ندفع بداية كل سنة 500 ريال، وما يزيد على 1600 ريال للنشاطات كل سنة كما يقولون». وبدوره يعلق الطالب حسان أحمد بن محمد - ثانية - رياضيات فيزياء، بقوله هو الآخر عن دور إدارة الكلية في حل المشاكل:«عندما واجهتنا مشكلة المختبر، وانقطاع الكهرباء أوقات التطبيق فيه، كان رد الجهة المسؤولة أن (الماطور)المولد الكهربائي، يتحمل أقوى من ذلك».

مضيفاً «أما بخصوص القسم الداخلي في الكلية، فهي تمتلك أكثر من 50 سريرا في المخازن، بينما طلاب القسم ينامون على الكراتين، فوق سطوح المحلات التجارية، أو في مقرات الأحزاب».

وكذلك هو الحال بالنسبة لعدنان عبده علي ومطلق غرسان وفواز مهمتي، الذين يجمعون على كل الهموم التي سبق التحدث عنها من قبل زملائهم، إلا أن مطلق غرسان يضيف مستغرباً:«لا يوجد سكن طلابي، رغم أن الطلاب القادمين للدراسة من أماكن بعيدة، يدفعون إيجاراً شهرياً للإدارة مقابل ذلك».

تستر إداري.. واعتراض لمهمة «الأيام» الصحفية

وبحكم أن الحال مكشوف، والواقع يتحدث عن نفسه، إلا أن إدارة الكلية المتمثلة في نائب العميد للشؤون الأكاديمية، ورئيس قسم الكيمياء والقائم على المختبر، قد أصروا على إبقاء الحال مستوراً، واعتراض مهمة «الأيام» الصحفية التي جال مراسلها في أرجاء المكان وتمكن من رصد الحال صوتاً وصورة، وانزعج لها الاثنان معاً، مطالبين بمسح الصور التي تمكن من التقاطها مراسل «الأيام» أثناء جولته الاستطلاعية داخل الكلية، وبما أنه لزاماً علينا معرفة وجهة نظر الإدارة في الكلية عن كل ما قاله الطلاب، فقد نجحنا في الجلوس مع نائب العميد للشؤون الاكاديمية د. محمد الحيدري، بعد أن تمكنا من امتصاص غضبه علينا واعتراضه مهمتنا بطريقة دبلوماسية راقية دفعته إلى الترحيب بنا، وبزيارة «الأيام» متمنياً زيارتها للكلية تباعاً قبل أن يعتذر لنا بعدم تفضيله الزيارة في مثل هذا الوقت، مؤكداً أن هناك مشاكل، لكنها بحاجة إلى وقت لمعالجتها -حسب قوله، مفضلاً عدم ذكرها في هذا اللقاء الذي اعتبره لقاءً تعارفياً لا أكثر.

ومن مكتبه خرجنا بعد معرفتنا تغيب العميد، ونائبه لشؤون الطلاب ذلك اليوم.. وعدنا أدراجنا محملين بجعبة من الهموم والأوضاع، التي يعيشها طلاب كلية طور الباحة خلف سور كليتهم التي صوروها كسجن يوزع الفشل قبل العلم والمعرفة لهم، وينشر المخاوف بدلاً من الآمال والأحلام التي جمعتهم خلفه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى