منتوج الطماطم نموذج المنتجات الزراعية بلحج بين غياب آلية التسويق وصمت الجهات المختصة

> «الأيام» هشام عطيري:

>
طابور طويل من السيارات محملة بالطماطم
طابور طويل من السيارات محملة بالطماطم
لاريب أن المنتجات الزراعية تمثل أحد أهم مصادر المعيشة في محافظة لحج باعتبار أن لحج محافظة زراعية في المقام الأول ويعتمد أبناؤها على الزراعة كمصدر رئيس للعيش منذ فترات طويلة، والمحافظة تمثل سلة غذاء ليس فقط لسكانها، بل للمحافظات الأخرى وبالذات القريبة منها وفي المقدمة عدن.

المنتجات الزراعية بشقيها الفواكه والخضروات تمثل أحد أهم مطالب السكان في المحافظة وخارجها على مدار العام، والمحافظة تتميز بأنها تنتج عددا كبيرا من هذه المحاصيل على مدى العام، لكن هذه المنتجات تفتقر إلى آلية تسويقية تضمن تسويق هذه المنتجات بشكل يضمن نفقات المزارع من جهة وعناية المستهلك من جهة أخرى. هذا الغياب الذي تعاني منه المحافظة أثر كثيرا على تسويق المنتجات، وجعل العشوائية والمزاجية هي التي تحكم الإنتاج وتسويقه، مما انعكس سلبا ًعلى حياة المزراعين من جهة وعلى المستهلك من جهة أخرى.

أزمة انخفاض أسعار الطماطم في هذا الموسم إلى الحد الأدنى جاء نتيجة حتمية لهذا الغياب من جهة وعدم تدخل الجهات المختصة من جهةآخرى.

«الأيام» تابعت هذه القضية مع عدد من الفلاحين والمختصين والجهات الأكاديمية وهاكم الحصيلة:

عبدالله حيدرة /فلاح:

"نحن كفلاحين نفتقر إلى وجود جمعية لتسويق منتوجاتنا سواء في إطار الداخل أو حتى إلى دول الجوار، كما أن توقف مصنع الطماطم أثر كثيرا علينا ونحن في المحافظة لانمتلك أي ثلاجات خزن أسوة بما هو موجود في المحافظات الأخرى حتى نتمكن من حفظ هذه المنتجات، ولذا فإن منتوجاتنا تظل عرضة للانتهاء أو البيع بسعر يقل كثيرا حتى عن التكلفة".

محسن أحمد خميس/ عاقل مزارعين مديرية تبن:

" نحن- المزارعين- في مديرية تبن نعتمد بشكل رئيس على الزراعة كمصدر للعيش لنا ولأبنائنا، ونعتقد أن غياب مصنع الطماطم الذي كان يستوعب كل منتوجاتنا هو السبب الرئيس في هذا الأمر، لذا فإننا نناشد القيادة السياسية باتخاذ قرار عودة تشغيل مصنع الطماطم، كما نطالب السلطة بتشجيع المزارعين من خلال البنوك ومن خلال توفير البذور ..إلخ".

فيصل علوي جعفر/ مزارع:

" تكبدنا في هذا الموسم خسائر كبيرة ولم نستطع حتى توفير أجرة عمال جني المحصول وسيارات النقل، كما أن السماسرة في السوق ساعدوا في هذه الخسائر، ولاتوجد أي سياسة تسويقية واضحة والمحافظة لم تعمل لنا شيئاً".

على سيعد الوحيري/ فلاح:

" نحن نطالب الدولة بالتوجيه بإعادة تشغيل مصنع الطماطم ومحلج القطن حتى نتمكن من تسويق منتجاتنا، كما نطالب الدولة بتخفيض أسعار البذور والديزل وتشجيع الإنتاج الزراعي".

حيدرة خزيف/ رئيس الاتحاد التعاوني الزراعي بلحج:

" نحن في الاتحاد التعاوني الزراعي نعتقد أن المزارعين يتحملون المسؤولية الأولى في هذا الأمر، لأنهم يرفضون أي شكل من أشكال العمل المنظم ويصرون على التصرف الفردي وبالذات في عملية التسويق، فقد حاولنا مراراً مع المزارعين تشكيل جمعية التسويق، غير أننا لم ننجح بسبب غياب الرؤية المستقبلية للمزارعين، وإصرارهم على العمل والتسويق بشكل فردي وعدم التنسيق مع مكتب الزراعة والاتحاد التعاوني في المحافظة، فإذا كان مطلوباً من الفلاح أن يزرع ثلاثة فدان من الطماطم ويزرع منتوجات أخرى، يصر على زراعة عشرين فدان من الطماطم لاعتبارات منفعية وهو لايملك أي رؤية لتسويقه، مما يؤدي إلى تكديس تلك المنتوجات وبيعها بأسعار زهيدة جداً.

نحن قمنا بالتواصل مع مركز الصادرات الذي أكد أن التسويق الخارجي للمنتوج سيتم في فترة لاحقة وهي الفترة الذي يكون فيها الموسم قد انتهى بالنسبة لنا".

عبده ناصر عليان/ عاقل قرية الفيوش:

" نحن نواجه صعوبة في تسويق المنتجات بسبب وجود مجموعة من الذين يحتكرون الشراء في السوق، ويظل المزاج هو الذي يحكم عملية الشراء في البيع والشراء وليس المنافسة".

د. عارف محمد عباد السقاف، أستاذ مساعد مدرس مادة التسويق كلية المجتمع عدن:

" يشكل التسويق الداخلي والخارجي أحد العوامل الرئيسة للنشاط التعاوني الزراعي ككل، وهو يمثل الحلقة الثانية والجزء المكمل للنشاط الإنتاجي، ولذلك فإن الاهتمام بمشاريع التسويق والصادرات تشكل أهمية كبيرة على مستوى بلادنا، إضافة إلى متطلبات أساسية داعمة لعملية التسويق والتصدير من موارد بشرية كفوءة، مضاف إليها الاحتياجات من وسائل وأدوات ومعدات للحفاظ على المنتوج مابعد الحصاد وتقليل الفاقد والتكلفة ورفع الكفاءة والجودة، حيث يشهد هذا الموسم الزراعي للعام الحالي إنتاجية عالية جداً لمحصول الطماطم، مما يؤكد الدخول في أزمة تسويقية للمحصول ليشكل كارثة حقيقة للمزارع والجهات الممولة في ضمان استيراد التمويل، ويرجع ذلك إلى سوء التخطيط مما يعرض علينا أن نتساءل لماذا الدخول في إنتاجية عالية من محصول واحد، وضمان تسويقه عالمياً ضئيل؟! ولماذا لايتم التفكير في تغيير التركيبة وزراعة أكثر من محصول طبقا لحاجة السوق الداخلية والخارجية؟!

أحد الباعة في السوق يبيع الطماطم بأرخص الاسعار
أحد الباعة في السوق يبيع الطماطم بأرخص الاسعار
أزمة تسويق محصول الطماطم مستمرة بسبب انخفاض أسعار البيع عن المواسم السابقة، وعدم وجود سعر ضمان يلجأ إليه الفلاح في حالة فشله في تسويق المحصول بمعرفته، كما أن هذه الأزمة الحادة تكاد تعصف ببعض المحاصيل الزراعية بمصير الفلاحة، ويتكبد فيها الفلاحون خسائر فادحة لعدم مقدرتهم على التسويق الدولي للمحاصيل الزراعية، لاسيما محصول الطماطم في هذا الموسم. والسبب يعود إلى أن محصول الطماطم لبلادنا في العام الماضي شهد إقبالاً كبيراً من تجار الخضار والفواكه في أسواق الدول المجاورة، وعلى وجه الخصوص دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية أدى هذا الإقبال الكبير إلى نقص العرض في الأسواق المحلية، وبالتالي زيادة أسعار الطماطم في بلادنا. وكم هو معلوم بأن أسواق بلدان دول الخليج في عام 2006م عانت أزمات تموينية حادة لسلع كثيرة من المحاصيل ومنها الطماطم، والسبب يرجع إلى موجات البرد التي لحقت الدول الأخرى المصدرة للمنتجات الزراعية لدول الخليج.

وأدت موجات البرد إلى إتلاف الكثير من المحاصيل الزراعية في هذه الدول، بالتالي لجوء تجار بلدان الخليج العربي إلى الأسواق اليمنية لتغطية العجز من هذه المحاصيل وعلى رأسها الطماطم، وهذا التحول دفع المزارعين اليمنيين إلى زيادة الرقعة المزروعة من الطماطم لهذا الموسم الحالي، أملا منهم في أن سوق الطماطم سوف يحظى بطلب كبير مماثل للطلب في العام الماضي، ولكن مثل كل دول العالم يجب أن تتدخل الحكومة بتحديد سعر ضمان لمحصول الطماطم، ويتم توريده لجهة تتولى استلام المحصول وسداد الثمن للفلاح، ونظرا لما يشكله التسويق من أهمية بالغة فإننا نرى ضرورة القيام بالآتي:

إنجاز مشاريع البنية التحتية من الأسواق بمراكز الصادرات وماتحتاجه من خدمات مختلفة طرق، كهرباء، مياه، إنشاء مصانع لانتاج معجون الطماطم، ومصانع انتاج العصائر المختلفة في المحافظة المنتجة للمحاصيل الزراعية بكميات كبيرة ومنها الطماطم، وأهم هذه المحافظات لحج، أبين، الحديدة وغيرها، وبالتالي الاستفادة القصوى من المحصول وتغطية السوق المحلية من هذه المنتجات، توفير فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل.

إنشاء شبكة معلومات لهذه الأسواق والمراكز وربطها بشبكة المعلومات المركزية، ليتم من خلالا التحكم بأسعار مختلف المحاصيل الزراعية كالطماطم والحمضيات والبطيخ وغيرها،

إنشاء مصنع للكرتون لتلبية احتياجات ومتطلبات الأسواق ومراكز الصادرات ومواد التغليف، إنشاء معامل لمعالجة الإنتاج في مواسم الذروة الإنتاجية وللتقليل من فاقد مابعد الحصاد،الرقابة الصحية على المنتجات الزراعية واستخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية بالمعايير الدولية والتي ستؤدي إلى قبول وزيادة الصادرات الزراعية لبلادنا في الأسواق الإقليمية والعالمية، البحث الدائم عن أسواق جديدة لاستيعاب الفائض من المحاصيل، تشجيع المستثمر على تصدير الفائض من المحاصيل ومنح المصدرين التسهيلات الجمركية اللازمة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى