إلى روح عبدالقادر خضر (ومات الحبيب)

> «الأيام» متابعات:

> أخي الحبيب، لست أدري كيف أخاطبك بالرغم من أن الله قد حباني ببعض المعرفة في لغة الكلام، لا لشيء ولكن لأني لم أتعود من قبل مخاطبة الأرواح، لذا فإنني سوف أتخاطب معك وكأنك حي ترزق وأرجو الله أن يعينني على فعل ذلك .

أخي الحبيب،

إنك الآن في ذمة الله وأنا على قائمة الانتظار وعليه، فسوف أصدقك القول واعترف لك بأنك كنت بالنسبة لي أخاً تقليدياً تربطني به قرابة الدم. والذي زاد الطين بلة، هو أنني قد أرغمت على مغادرة الوطن وأنت في بداية الشباب وأنا في عنفوان الرجولة .

سنون مرت وأنا على هذه الحال من الحب الأخوي لك، وقديماً قالوا بأنك لن تستطيع أن تدعي معرفتك بإنسان إلا إذا عاشرته. وبما أنني أجهل تماماً من أنت ومن أي صنف من الرجال .. إلى أن يسَّر الله لي قبل عام من الآن أن أعرفك عن قرب وعرفت في هذا العام أي نوع من الرجال كنت.. عرفت فيك الإنسان الصادق والروح الشفافة والقلب الرقيق الذي لا يحمل في حناياه إلا الحب والمودة والتسامح وكأنه قلب طفل بريء لم تسوده الأيام ولم تفسده الليالي .

لا تتعجب يا أخي الحبيب فأنا قد عاهدتك أن أكون صادقاً معك، وكنت قد نويت أن أبوح لك بمشاعري هذه عند اللقاء بك، وعندما أصبحت قاب قوسين أو أدني من الالتقاء بك، سبقت كلمة الله وذهبت أنت إلى رحابه، وبقيت أنا كيتيم مذهول لا يدري ماذا أصابه، وكدت أن أجن لولا أن الله قد ربط على قلبي وأعادني إيماني بالله إلى الحقيقة الناصعة وهي أن : كل نفس ذائقة الموت .

أخي الحبيب،

لقد جربت اليتم منذ طفولتي وفي بعض مراحل حياتي، إلا أنني كنت أجد القلوب الدافئة التي تحتضنني وتنسيني مرارة اليتم، أما الآن فأنا كريشة في مهب الريح لا أدري كيف أتماسك ولم أجد ما يعينني على تحمل البلاء إلا رحمة الله العلي القدير .

لقد تركتني يا أخي الحبيب في صحراء قاحلة مترامية الأطراف ليس فيها قطرة ماء ولا بصيص من نور، وعرفت أنك كنت الماء العذب والنور المضيء الذي كان يحيط بي من كل جانب، ووجدت أن ذلك الماء العذب قد نضب، والنور الساطع قد انطفأ، وأنا في أمس الحاجة إليه .

أخي الحبيب،

إنك قد تركت أرملة ويتيمين، وإنني أعاهدك بأن أقف بجانبهم ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.. فنم يا أخي قرير العين، وليتقبل الله دعائي بأن يكون مصيرك الجنة، وأن يجعلني التقي معك هناك في الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إنه على كل شيء قدير .

أخيراً إن كان لي أن أعاتبك فلأنك :

سافرت ليتك لم تسافر

وغرست في القلب الخناجر

ماكان ضرك لو بقيت

أليس لي عندك خاطر

ولكنها أولاً وأخيراً إرادة الله ولا راد لقضائه .

أخوك : مصطفى خضر محمد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى