«الأيام» ترصد معاناة أهالي المسيمير في حلقات (4-3):سطور بسيطة من أسرار مديرية منكوبة: منطقة مريب..منبع المقاومة للظروف القاسية

> «الأيام» محمد مرشد عقابي:

>
أجزاء من المنطقة
أجزاء من المنطقة
منطقة مريب تلك المنطقة التي يبدو للناظر إليها والمتفرس في ملامحها بأنها إناء فضي ممتلئ بالاخضرار، تحيط بها الجبال من جميع الجهات. منطقة تفترش وعاء حريريا مخضرا، ومدعما بآلاف المفاتن .

منازلها تتوسد بحنان السلاسل الجبلية الشرقية لمدينة المسيمير، وعلى الشريط السهلي و الهضاب المحاذي لوادي تبن تعلق منازلها، مكونة بذلك لوحة من لوحات الفن والجمال. منطقة تستتر بغطاء زراعي مخضر. أبرز ما يعانيه أهاليها افتقارهم التام إلى المشاريع الخدمية، كالماء والكهرباء. يعتمد أهاليها على الزراعة ورعي الأغنام والأعمال العضلية والمدنية الأخرى في سبيل توفير لقمة العيش.

«الأيام» طافت أرجاء المنطقة، وتعرفت على بعض المآسي التي يعانيها الأهالي، لتخرج بهذه الحصيلة. فإليكم أعزائي القراء ما حملته من سطور .

منطقة مريب تفتقر لجميع البنى التحتية الخدمية الأساسية، ولم يعد هناك لدى الأهالي فيها سوى البكاء على أطلال الماضي، حين كانت الأسعار في حدود المعقول، أما اليوم فأصبحت الظروف مغايرة، وأصبح المواطن في هذه المنطقة -وبصعوبة بالغة- يحصل على قوت يومه، حيث يعتمد أهاليها على الزراعة ورعي الأغنام وتربيتها، وكذا اعتماد الغالبية العظمى من شبابها على الأعمال العضلية، لمجاراة ظروف الحياة القاسية بمنعرجاتها وتغيراتها المطردة، وذلك للحصول على عصب الحياة (المال) لإعالة أسرهم وأطفالهم وأنفسهم. «الأيام» كان لها دور في كشف بعض المنغصات التي يعاني منها أهالي هذه المنطقة النائية، لتترجم كلمات الأسى التي أطلقتها الأفواه إلى أسطر تحبل بمئات المعاني، وتخلف بعدها ملايين الأبعاد.

الأطفال وطريقة جلبهم الماء على ظهور الحمير
الأطفال وطريقة جلبهم الماء على ظهور الحمير
ويقول المواطن مختار محمد الرباكي:«لم يعد لنا ما يمكن أن نبكي عليه، بعد أن حرمنا من كل مقومات العيش الكريم، حتى الماء الذي نستهلكه ونشربه يوميا ملوث، ومصدره المستنقعات الآسنة التي تتكون نتيجة الأمطار، وكذا مياه وادي تبن تمتلئ بالجراثيم والطحالب، فكيف لنا أن نكسب الصحة ونحن نقتات يومياِ المرض؟!، والسلطة المحلية لم تعمل لمنطقتنا أي مشروع يفيد الأهالي حتى هذه الأثناء، ونحن إلى اليوم نرتوي من مياه وادي تبن المتجرثمة، والتي تقف لنا بالمرصاد لتصادر صحتنا وتجرعنا وأطفالنا المرض» .

وأضاف قائلا:«بجانب معاناتنا من المرض فالمنطقة لا يتوفر فيها مركز صحي يخدم أبناءها، وأهالي المنطقة يموتون موتا بطيئا، بسبب الديدان التي استوطنت بطونهم واغتصبت أجسادهم، والوفيات بفعل التقيؤ الدموي بين أوساط الأهالي قد بلغت نسبة عالية ،حتى نكاد نجزم أن كافة أسباب الوفيات في المنطقة نرجع أولا وأخيرا إلى الديدان التي تتطفل على المواطن مسببة له التقيؤ الدموي، وبالتالي إفقاده حياته». واختتم حديثه قائلا:«إننا نتعشم خيراً في أولئك أصحاب القلوب الرحيمة بأن يسارعوا في نجدتنا، كوننا نعيش منذ طلوع فجر الوحدة رهن الإقامة الجبرية في معتقلات المعاناة والمآسي».

شتان بين الوعد والإنجاز

أما المواطن إسماعيل علي مقبل، فقد نثر بعض ما يجوش في صدره من حزن على وصول حال المنطقة الى درجة قصوى من التردي حيث قال:«لا يمكننا ان نسرد معاناتنا في هذه السطور البسيطة فمعاناة منطقتنا تحتاج لسردها ملايين الكتب والمجلدات فمآسي المنطقة على كل شكل ولون». وقال:«نحن وأطفالنا نشرب الماء الممرض من الوديان والمستنقعات والبرك فكما يعرف الجميع أن هذه المياه تحتوي على مختلف الانواع من الطفيليات وأيضا تعتبر مكاناً مناسباً لمخلفات الحيوانات كالحمير والكلاب والأغنام والبقر التي جميعا تطرح مخلفاتها في هذه المياه لنأتي نحن نشرب ولا يعلم بحالنا إلا علام الغيوب».وأضاف قائلا: «إن أفضل وسيلة مواصلات متوفرة في المنطقة هي الحمار الذي يستخدم لنقل الأعلاف والمياه على ظهره فأهالي المنطقة يعانون مرارة وقساوة العيش بكل ما تحمله الكلمة من معنى». وقال:«إنني أغتنم هذه الفرصة لأناشد عبر «الأيام» كل القلوب الرحيمة أن تقدر مآسينا وتنظر لحالنا بعين الرحمة وأن يعملوا لنا ولو مشروعاً واحداً للماء كون الماء أساس بقاء أي كائن على وجه المعمورة ولانريد غير ذلك بعد أن أظلمت علينا الدنيا وجردنا من مشاريع الطرق والكهرباء والاتصال فرجاءنا هو مشروع ماء فقط».

انتشار البلهارسيا والملاريا وقصور في جانب التعليم

أما المواطن والمعلم جميل العسالي فقد ذكر لنا قصصاً مريرة تتنوع ما بين انتشار نسبة الإصابة بالملاريا والبلهارسيا في المنطقة وكذا تفشي الجهل والأمية بين أوساط المواطنين كبارا وصغارا حيث قال:«المنطقة تعاني مرارة المرض وقساوة العيش فالمرض والجهل متلازمان يكادان لا يفارقان المنطقة وأما بالنسبة للفقر والبطالة فإنها قد اكتسحت معظم أهالي المنطقة». وقال: «الأطفال قد فتكت بهم الأمراض وحاصرهم الجهل من كل مكان ولا يوجد لهم أي اهتمام من جانب السلطة حيث تعتبر شريحة الأطفال هي أكبر شريحة في المنطقة والأكثر تأثراً بعوامل المرض ومتغيرات الجهل». وواصل قائلا:«الأهالي في منطقتنا يخرجون أولادهم من المدارس في مراحل مبكرة من دراستهم ليتفرغوا للعمل في الأرض ورعي الأغنام وكذا لجلب المياه على ظهور الحمير وكذلك الحال بالبنت فهي تخرج من المدرسة لتقوم بحمل الأعلاف والحشائش من الأرض إلى المنزل على رأسها وأيضا لتقوم بأعمال المنزل المختلفة ليترك الجميع في المنطقة مستقبلهم بسبب الفقر والظروف القاسية التي يمرون بها لتتفاقم بذلك المصاعب وتتوسع رقعة البطالة بين أوساط شباب المنطقة في ظل عدم توفر العمل للتقليل من نسبة البطالة» وتابع حديثه بالقول:«إننا نحن أهالي وأبناء مديرية المسيمير عامة مطحونون وفاقدو الهوية بسبب افتقارنا لأبسط المشاريع الخدمية كالماء والكهرباء التي من بديهات المواطنة العادلة أن تتوفر للمواطن على أرض أي وطن» واستدرك قائلا: «أما بالنسبة للأراضي الزراعية في منطقتنا فقد جرفتها السيول ولم تقم أي جهة معنية بمساعدتنا في هذا الجانب لا بتوفير السدود ولا الحواجز رغم علم كل الجهات الرسمية بالمديرية أن غالبية المواطنين فيها يعتمدون اعتمادا كليا على الزراعة في الحياة وتوفير لقمة العيش».

جانب من وادي تبن والأراضي الزراعية
جانب من وادي تبن والأراضي الزراعية
وطالب في ختام حديثه:«كل السلطات الرسمية بالمحافظة وجميع فاعلي الخير بأن يزوروا المنطقة ويتفقدوا ويتلمسوا أوضاعنا ويتعرفوا على المآسي والمعاناة التي نتلظي بها دون رحمة من أحد».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى