هذا بجنبك أو بعيد عنك..!

> علي سالم اليزيد:

> كينيا تحترق وتحولت من بلد السلام والتآخي والتعايش العرقي والديني إلى نار مشتعلة بسبب شهوة الحكم والوقوف على الجماجم وتشريد المواطنين، لقد ضحك العالم من شدة الأسى بعد البكاء، بينما هرول هذا الرئيس المفجوع من السقوط إلى حلف اليمين لولاية ثانية في لحظات الصباح الأولى، وحشد القضاة وقادة الجيش ومعاونيه ضاربا بكل الاحتجاجات في وجه الصخور، رغم الإزعاج وتوقع انفجار الوضع وكل الملابسات التي شابت الانتخابات، إذ استعجلت أمريكا وأيدت ثم تراجعت، وأوروبا تحفظت، والأمم المتحدة تخوفت وناشدت بقوة إحقاق الحق إذا وجد.

كل هذا بالقرب منا أو لنقل بجانبنا، وقد رأينا قبل أربع سنوات كيف وصل الرئيس الكيني (كيباكي) المعارض إلى الحكم، شق طريقه بنضال شعبي، وأسقط أسوأ حكم قيل عنه في أفريقيا آنذاك، بل قالوا إن كيباكي استطاع إخراج كينيا من سلطة دكتاتورية، وانتصرت المعارضة وزعيمها! ولكن الحكم يعلم الحاكم، وعاد الرجل إلى تراث القمع والاستبداد، وها هو يعطي صورة أفظع من السابق، ملاحقة لكل من صوت، ومطاردة المواطنين حسب التوزيع الجغرافي والمناطقي، قبائل منتصرة ضد مواطنين عزل، مذابح وتشريد، وسلطة تبني قصرها من الجماجم والجثث وأوجاع الناس، والصورة في نيروبي قاتمة سوداء إلى متى ؟

انفراجات أخرى تظهر في هذا العالم، عودة المسألة الشرقية، ومنطقة البلقان تعود بعد بعثرة الدولة المركبة (يوغسلافيا وقومياتها)، كل قومية ومجموعة بحثت لها عن كفيل واستقلت، كرواتيا خدمها الألمان، وسلوفينيا جذبتها فرنسا وإيطاليا، وجاء دور كوسوفو الألباني إذ خصص الاتحاد الأوروبي مبلغ ما يقرب من ثلاثين مليون يورو لدعم استقلال كوسوفو، وصرح السيد هاشم المتوقع تزعمه هذه الجغرافيا المستقلة القادمة بإن الأوضاع جاهزة ولم يتبق إلا النزر اليسير لظهور (كوسوفو) الذي ظل نصف قرن مهضوماً وتحت الضم والإلحاق، وفرعاً في دولة، وعرضة للانتهاك الحقوقي والثروة، وغمط الحق الألباني في المكان والسكان، وكما قيل لا يضيع حق وراءه مطالب، انزاح الليل وتوقفت مأساة شعب وأرض، وقالت إحدى الصربيات في مدينة (بيتشه) لوسائل الإعلام قبل أيام، حيث تملك هي وكل الصرب المطاعم والمراقص وفنادق التزلج على الجليد في هذه المدينة الألبانية، بينما يشتغل الألبان في مدينتهم (سفرجية وطباخين) وعمال مصاعد التزلج، قالت: غدا يأتي الألبان ويستقل كوسوفو وعلينا أن نرحل، طلبوا منا إذا أردنا البقاء، إلا أن بعض الصرب رحلوا، ونحن نستعد للرحيل، الألبان قادمون وهذه أرضهم، وقد أخطأ من ظنها أرض الصرب كلهم، ونظرت إلى الجبال والفنادق وتحسرت .

وبعيد عنك ذهب العالم، أو لنقل الضمير الإنساني إلى (ماينمار) لوقف انتهاكات الطغمة العسكرية الحاكمة، تقاطروا إلى هناك، وفرضوا عقوبات ضد سيل الدم والضحايا والسجون!

وأمام معبر رفح سكت العالم، وأمام ما يحدث من قمع وضحايا وغلاء واستيلاء على أراضي الملاك في عدن ولحج يسكت اللسان.. وأمام أوجاع الناس ندعي توسيع الحكم المبارك، بينما العائدون نائمون مبعدون نحن وإياهم، ويسكت الضمير الإنساني .. ونصيح لماذا بعيد عنك! عنك !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى