كــركــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

> المصيبة أكبر مما نتصور.. وقد تجيء بمصائب أخرى لانستطيع القضاء عليها.. ويجب علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نستفيق من نوم كاذب.. وأن نطرد عنا أي وهمّ حالم.. أو حلم واهم.. وأخشى أن يضيع علينا الوقت، ولايكون لأحد موقف أو رأي.. ثم نكون ضحية غيرنا، الذي سمع صوتنا، وفهم موقفنا في الذي حصل أمس، والذي يحصل اليوم أو غدا.. يكفينا أننا قد حزنا حتى الموت.. ولم يعد لدينا مذخرات من الأمل في النجاح أكثر.. وأصبحنا ننظر إلى الماضي بندم وألم، وإلى المستقبل بيأس واستسلام.

> الذي أرجوه هو ألا تقولوا إنني رجل متشائم.. ولكن اسألوا أنفسكم من الذي زرع في نفوسنا هذا التشاؤم.. ومن الذي جعل بعضنا يروح، والبعض الآخر يجيء في قلق مستمر.. ومن الذي فجر ينبوع العذاب والألم.. ومن الذي حطم القيود القديمة، ووضع لنا قيودا جديدة.. ومن الذي جعل حياتنا قاسية كئيبة وجافة.. وبذل جهودا عظيمة لكي نصل إلى ما نحن عليه الآن؟

> يجب أن نتعاون اليوم أكثر في مواجهة الخطر الداخلي.. ونترك أوهامنا التي توحي إلينا بأن هناك أخطارا خارجية، تريد القضاء علينا.. صحيح أن هناك بعض الأخطار الخارجية.. ولكنها- في رأيي- لاتعادل الخطر الداخلي الذي يفتك بنا.. إن مشاكلنا ومصائبنا توجد في الداخل.. فإذا استطعنا مواجهتها والقضاء عليها فإننا نستطيع- بعد ذلك- مواجهة أي خطر خارجي، كما تصوره لنا أوهامنا.. نحن الذين نصنع أوهامنا.. ومشكلتنا أننا نتوهم ونصدق أوهامنا.. ثم تقودنا أوهامنا إلى كثيرمن المشاكل والمتاعب.. والأحلام الكاذبة والخيالات الخادعة.

> تعالوا نقترب من الصورة أكثر عن مخاطر الأوهام.. بعض الحكام تصور له أوهامه أنه يستطيع أن يتحدى العالم وحده.. ثم يدفع الثمن غاليا، من دماء شعبه وثروات بلاده.. وهناك من تصور له أوهامه أنه على حق دائما.. وأن الخطأ عند الآخرين.. ثم يكتشف في الأخير أن شيئا قد أصابه من الضياع وسوء التقدير وسوء الفهم وأفظع.. وهناك من تصور له أوهامه أنه قادر على إلغاء أي شيء لايعجبه ولايدخل في مزاجه.. وأنه وحده الذي يملك القرار.. فلا أمل ولاطمع في شيء.. فهو الوحيد الذي يقدر أن يكتب نهاية كل شيء.

> إن الحكام في جميع أنحاء العالم لهم حساباتهم الخاصة في كل الأحداث والتحولات العالمية.. وقد تكون هذه الحسابات صحيحة أو خاطئة.. ولكن الذي نعرفه أن أي حاكم يريد أن يتخذ قرارا أو موقفا يجب أن يفهم أولا النتائج المترتبة على قراره أو موقفه.. وهل هو مستعد حقاً لمواجهة هذه النتائج بدون خداع أو تضليل.. ثم يجب- وهذا هو الأهم- أن يضع مصلحة بلاده وشعبه فوق أية مصلحة أخرى.

> المهم أن الخطر الداخلي هو الذي يجب أن نواجهه بشجاعة وحزم وأمانة وصدق وحكمة وإخلاص.. هو الذي يهدد مستقبل حياتنا.. ولانستطيع أن نفعل ذلك إلا إذا تخلصنا من أوهامنا التي تضاعف أوجاعنا ومصائبنا وكوارثنا في الداخل أكثر.

> بإذن الله سوف نتخلص من أوهامنا!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى