> «الأيام» جمال شنيتر:

مدرسة لماطر (المسن) انتهى عمرها الافتراضي
مدرسة خارج التغطية
توجهنا في البدء إلى مدرسة لماطر (المسن) التي كانت محورنا الرئيس في هذه المادة.. والمبنى منذ الوهلة الأولى يجعل المرء يشعر بالأسى والحسرة في مثل هكذا مبنى مدرسي..

تلاميذ مدرسة لماطر يفترشون الأرض
التلاميذ محشورون حشرا في الصفوف.. واختلاط التلاميذ ذكورا وإناثا في الصفوف الأولية، وآخرون يفترشون الأرض الباردة، ويحلمون بالجلوس على الكراسي والكتابة فوق الطاولات.. وجدران (مشخبطة) بذكريات الأجيال على مدى خمسة وثلاثين عاما وسقوف مهددة بالانهيار.. وأبواب ونوافذ طغى عليها الزمن، وتصلح أن توضع في متحف وزارة التربية والتعليم.. ومع كل ذلك تسير الدراسة بشكل جيد رغم هذه الوضعية المزرية للمبنى المدرسي، وحول ذلك يقول الطالب في الصف التاسع وسيم معمر: «الدراسة تسير بشكل جيد، لكن للأسف الشديد المبنى المدرسي غير صالح على الإطلاق للدراسة، والبيئة المدرسية غير صالحة، وكذا عدم توفر المرافق المدرسية الأخرى مثل المختبر، ونحن درسنا في هذه المدرسة تسع سنوات ونحلم بمدرسة جديدة، لكن لم نر شيئا من ذلك، ولاندري إلى متى سيستمر هذا الأمر».

العمارة الطينية في لماطر
وأضاف : «من المشاكل التي تواجهنا مشكلة تعليم البنات، حيث إن الدراسة إلى الصف السادس فقط، وهذا يعود إلى عدم توفير المبنى المدرسي، والنقص الحاد في المعلمات، حيث إن الأهالي يطالبون بتوفير المعلمات حتى تستكمل البنت تعليمها، ولدينا ست معلمات متعاقدات، لكن المشكلة أنهن لم يستلمن مستحقاتهن المالية منذ بداية العام الدراسي، ونحن نشكركم في «الأيام» على هذا النزول، ونناشد عبركم وزير التربية والتعليم ونائبه بسرعة العمل على معالجة المشاكل التي تواجه المدرسة، وخاصة ما يتعلق بالمبنى المدرسي».

صفوف دراسية متهالكة
الوالد سعيد محمد بارحمة قال : «المبنى المدرسي غير صالح تماما، وحرام يدرس الأطفال في هذه (الزرائب)، هؤلاء بشر وليسوا حيوانات.. أين الدولة والمجلس المحلي، وأين وزارة التربية والتعليم، وأين المشاريع التنموية التي يتحدثون عنها في الإعلام.. اكتبوا في «الأيام» عما رأيتمونه، وعن معاناة هؤلاء الأطفال المساكين الأبرياء».
أما الشيخ علي بن شاخ صبر بارحمة فتحدث قائلا: «المعاناة الأكبر التي يعانيها أبناء لماطر تتمثل في هذه المدرسة التي أصبحت الشغل الشاغل لهم، فهي مشكلة يعانون منها منذ فترة طويلة، ولا أستطيع أن أصف لك حجم المعاناة التي يعانيها أبناؤنا من وجود هذا المبنى المتهالك».
المياه والصرف الصحي
ويضيف الشيخ علي صبر: «هناك أيضا مشكلة الصرف الصحي، حيث إن المنطقة محرومة من وجود مشروع للصرف الصحي، وهذا أدى إلى انتشار المستنقعات هنا وهناك، وبالتالي تزايد البعوض وانتشار الأمراض، والمشكلة الأخرى تكمن في عدم صلاحية المياه للشرب، حتى أن بعض المواطنين في المنطقة أصبحوا يعتمدون على مياه التحلية للشرب، نتيجة عدم نقاوة المياه الآتية من مشروع المياه الأهلي الذي يحتاج هو الآخر للدعم الحكومي».
الزراعة في وضع صعب
لماطر منطقة زراعية خصبة تشتهر بزراعة النخيل، وبعض أنواع الحبوب الغذائية.. هكذا كنت أعرفها.. غير أن زيارتي لها هذه المرة جعلت الصورة تختلف تماما، فهذه أشجار النخيل الباسقة، قد أصابها الظمأ واليبس، وبهذا الصدد يقول الأخ عاتق عوض لمدح باعوضة: «يعود سبب تدهور الزراعة في منطقتنا إلى عدم تشجيع الدولة للجانب الزراعي، حيث لم يتم إصلاح السواقي والقنوات الزراعية، كما أن هناك عوامل طبيعية، كالجفاف وشح المياه الذي أثر كثيرا على زراعة النخيل، وبدلا من ذلك تجد أشجار (السيسبان) التي استوطنت بطن الوادي وحواليه».

من تلميذات مدرسة لماطر
الأخ راشد هادي بارحمة عضو المجلس المحلي قال: «لماطر منطقة تتبع مديرية الروضة إداريا، ولكنها أقرب إلى مديرية ميفعة جغرافيا، ومرتبطة بها اقتصاديا واجتماعيا، ويقدر عدد سكانها بنحو ستة آلاف نسمة، وهذه المنطقة محرومة من مشاريع التنمية الحكومية، وتتلخص معاناتها بدرجة أساسية في المبنى المدرسي لمدرستها القديمة (المسن) وهناك معاناة في الجانب الصحي نظرا لعدم وجود مركز صحي في المنطقة، والوحدة الصحية الموجودة مغلقة نظرا لقدم المبنى، ولكن تم اعتماد مبنى جديد للوحدة الصحية في موازنة العام الجديد 2008م.
طريق بحاجة للسفلتة
تتفرع من خط الإسفلت المار بمنطقة لماطر طريق ترابية للوصول إلى أسفل المنطقة ناحية المسن، ويبلغ طول هذه الطريق 3 كيلومترات فقط، ويقول الأهالي إن المجلس المحلي السابق قد اعتمد مشروع الطريق، ولكن إلى الآن لم يتم التنفيذ.
المشهد الأخير
آخر المطاف نظرة بانورامية للماطر الوادي والمنطقة من أعلى جول لماطر (الهضبة) حيث تبدو أشجار النخيل المتناثرة وهي عطشى، ومنازل المواطنين الطينية والإسمنتية في الأسفل وعلى مرمى البصر، منطقة تبحث عن حقها في التنمية في بلد يتحدث إعلامه الرسمي عن مشاريع التنمية بمليارات الريالات.. أي حزن هنا.. وأي هم هذا.. وما كل هذا الصبر؟! لماطر.. هكذا وجدتها بسمة مجروحة صفراء شاحبة، فهل تكفي كل هذه الأوجاع، وهل يكفي كل هذا التمادي، ولكن رغم حديث الآهات وأنين التلاميذ وصرخات الكبار واتساع الجراح وبرود المسئولين، فإن الأمل موجود ومحفور في قلوب وضمائر الناس هنا، في مستقبل أفضل.. وإن غدا لناظره قريب.