بين عام وعام.. آمالنا عبرة ووقفة

> «الأيام» إبراهيم أحمد بامفروش:

> ما أسرع انقضاء الأيام وانقضاء الشهور والأعوام، كيف مضى عام بهذه السرعة؟ كنا بالأمس في أول العام، ونحن اليوم في أول عام جديد، بالأمس ودعنا عاما ميلاديا والآن نودع عاما هجريا.. هل ذهبت بركة الأوقات فلم نعد نشعر بتصرّمها؟!

هل أدركنا علامة من علامات الساعة؟! تكون السنة فيها كالشهر؟ فوالله كأن سنيننا شهور. إنها نعمة من نعم الله على عباده، قد وسع لهم في الرزق، وعافاهم في البدن، وأنعم عليهم بالأمن، فلم يشعروا بمضي الأوقات، ولا بتعاقب الليل والنهار.. سنة كاملة بساعاتها وأيامها وشهورها، فكم عملنا فيها من أعمال قد نسيناها، لكنها عند الله محفوظة، وفي صحائف الأعمال مرصودة، وغدا سنوفاها، «يوم توفى كل نفس ما كسبت وهم لايظلمون». هل انقضاء الأعوام يزيد في الأعمار أم ينقصها؟ إن للعمر طرف من قبل المولد، وطرف من قبل الأجل، فكلما انقضى عام ابتعدت عن يوم مولدك، واقتربت من يوم نهايتك، وأنت منذ أن خرجت إلى الدنيا تهدم في عمرك وتنقص من أجلك.

أرايت إلى هذا التقويم الذي نضعه فوق مكاتبنا في بداية كل عام، أو نعلقه على حوائطنا إنه مليء بالأوراق، وفي كل يوم نأخذ منه ورقة واحدة فقط، وفي نهاية العام لايبقى منه إلا الجلدة فقط، هكذا عمري وعمرك يا أخي، مجموعة أيام ومجموعة ليال، كلما مضى يوم أو انقضت ليلة نقصت أعمارنا، ونقص رصيد أيامنا في هذا الحياة حتى ينتهي ذلك الرصيد، ثم نغادر هذه الدنيا.

كم يتمنى المرء تمام شهره! وهو يعلم أن ذلك ينقص من عمره؟ كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره؟ وشهره يهدم سنته؟ وسنته تهدم عمره؟ كيف يفرح من يقود عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته؟ سنة كاملة من عمر الإنسان قد طويت، وصحيفة عام كامل ملئت، ووضعت في رق، ثم ختم وطبع، فلن يكسر إلا يوم القيامة، كل المخلوقات تنتهي أعمارها، وتطوى آجالها، وتمزق صحائفها إلا الإنسان فإنه يبقى متبوعا بعد رحيله، موقوفا للجزاء والحساب .

كم آية من القرآن حفظتها، وعرفت تفسيرها، واستمعت إلى كلام أهل العلم فيها، وكم حديثا عن نبينا صلى الله عليه وسلم قرأت، وشرح لك معناه، وما فيه من الفقه، وكم قرأت من أحكام الحلال والحرام، وكم قرأت من علم العرب وآدابهم، مما فيه عون على فهم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، كم بحثا بحثت، وكم ورقة كتبت، وكم ساعة جلست في الدرس والبحث، بل كم من الأيام قضيت في الذهاب والإياب، والجلوس والاستماع، والقراءة والحفظ؟!

فبالله الذي لا إله غيره، ماذا أردت بكل ذلك، ومن أردت؟! هل أردت الله والدار الآخرة؟ هل أردت رفع الجهل عن نفسك وأهلك؟ هل كان آخر عهدك بالآية آخر قطرة من الحبر وضعتها على ورقة الاختبار؟ وهل كان آخر عهدك بالحديث والفقه والنحو والأدب حين حصلت على شهادة تأكل بها؟ إن كنت قد نسيت علمك والوقت الذي أنفقته فيه، فهو عند الله لم ينس، ووضع في صحائف الأعمال، وقد كتب عليه ما قصده صاحبه، ومن أريد به.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى