حكاية أول مستشفى في عدن

> حسين محمد الدحيمي:

> أول مستشفى أقيم في عدن هو المستشفى الذي أقامه السيد (كيث فالكونير) في الشيخ عثمان عام 1885م .

في العدد رقم 4960 من صحيفة «الأيام» ص 15 بتاريخ 6 ديسمبر 2006م، كتب الدكتور علي الأكحلي موضوعاً عن المستشفى نقلا عن الجمعية البريطانية اليمنية بقلم (باتريك دبليو .آر) ومقال آخر بقلم (كيه انش) المصدر نفسه . ما سأكتبه في هذا المقال منقول عن رسائل كتبها السيد (كيث) إلى أمه وإلى أخته الديست (eldest) وإلى الجنرال (هيج) وإلى شخص آخر يدعى سامي (same)، وأحب الإشارة في البداية إلى أن السيد (كيث) هو مبشر وليس طبيباً، تم الاعتراف به من قبل الكنيسة الحرة الأسكتلندية .

تأسس المستشفى في البداية على شكل (كمب) مخيم في ديسمبر 1885م، وفي العام التالي تقدم بطلب إلى السلطات للحصول على قطعة أرض، وحصل على ذلك ثم أقام المستشفى عليها، الذي لايزال قائماً حتى الآن.

بالنسبة للسيد (كيث) فقد سكن في منزل يملكه رجل فارسي من جماعة قهوجي منشرجي، رجل كريم أذن للسيد كيت وجماعته بالسكن فيه .

الطبيب الذي تم الاستعانة به في البداية هو الدكتور والسيدة كولسون، وهو طبيب جراح في الميناء .

استخدم السيد كيث طباخاً برتغالياً وكبير الخدم وهو برتغالي أيضا، ومستخدماً صومالياً، لكن بعد أيام استغنى عن الطباخ البرتغالي بسبب شربه الخمر، وكان يرغب في الحصول على طباخ مسلم .

كان معجباً بالمستخدم الصومالي كثيراً، وكان يؤدي مختلف المهام التي يكلف بها بشكل أثار إعجاب السيد كيث، إلى جانب ذلك كان يتكلم ست لغات.

أراد السيد كيث إقامة مدرسة إلى جانب المستشفى، وميتم يتعلم فيه الأطفال بعض الحرف لدعم أنفسهم، بحيث تمكنهم من العيش ومواجهة الحياة، كان يحث الحكومة البريطانية على توفير المدارس والمستشفيات المجانية بعدن، لكنها لم تفعل، ولو أنها فعلت ذلك منذ تلك الأيام لكانت عدن أفضل، مثل جبل طارق وغيره، وتأخرت النهضة في عدن إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية. كان السيد كيث في رسائله يفضل التواهي وكريتر عن الشيخ عثمان .

فالتواهي وكريتر يسميهما عدن، حيث يقول: الشيخ عثمان أهدأ من عدن، والمناخ والمياه متوفرة في الشيخ عثمان أفضل من عدن. من منظور تلك الأيام تعتبر سبعة كيلو مترات بعيدة.

من الأشياء المثيرة التي ذكرها أنه قام برحلة تسلق إلى قمة جبل شمسان، ولكن الأكثر إثارة في هذه الرحلة الحيوانات التي شاهدها في هضبة شمسان، كلاب سود متوحشة ونسور وحدآت ونعاج متوحشة أيضاً.

في فبراير 1886م قام السيد كيث مع الدكتور جيش بزيارة إلى سلطنة لحج، ومكث هناك يوماً كاملاً في الحسيني، وأعجبته الواحة، فقد كانت خصبة في ذلك الوقت، لكن الرمال وتيارات السيول ضيعت تربتها ومنظرها، واعتبر أن السلطان غبي، حيث قال: إنه قاسٍ وبائس. هكذا وصفه لأنه مسئول عن كل بوصة أرض تضيع، وهذا من واجباته كحاكم .

ظل المستشفى يؤدي مهامه الإنسانية حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى، وبسبب تلك الحرب علق عمل المستشفى وظل موقوفاً مدة ست سنوات تقريباً، ثم أعيد افتتاحه من جديد في شهر مارس 1921م، وفي الاثني عشر شهراً التي تلت ذلك كان عدد المرضى الذين تمت معالجتهم (569) خمسمائة وتسعة وستين شخصاً، وأجريت تسعمائة وتسع وثلاثون عملية جراحية، وبلغ عدد الأشخاص الجدد الذين قدمت لهم العناية الطبية سبعة آلاف وتسعمائة وعشرين مريضاً، ولقد جعلت تلك العناية الطبية عدد الزيارات اللاحقة تبلغ تسعة وعشرين ألفاً وخمسمائة وثلاثاً وستين زيارة، وهكذا وصل الرقم الإجمالي للمعالجات المختلفة خلال عام إلى 39,991 .

لم يقتصر العمل على سكان عدن فقط، فقد كان المرضى يفدون من اليمن ومن أماكن بعيدة مثل الحجاز ومسقط، وكان الجميع ممتنين لذلك المستشفى، فقد كان الوحيد في الجزيرة العربية كلها في ذلك الوقت .

منزل كيث فالكونير في الشيخ عثمان
منزل كيث فالكونير في الشيخ عثمان
أنا أضم صوتي مع الدكتور الأكحلي فيما ذهب إليه بخصوص عمل نصب تذكاري صغير، يكون شاهداً ومخلداً لعمل تلك البعثة، وهو أقل ما يمكن أن نعمله، ونقدم أنفسنا كشعب يعترف بالجميل، والكرة الآن في ملعب السلطات في عدن، إذ منذ أن وجه الدكتور الأكحلي هذه الدعوة حتى الآن لم يفعل أحد شيئاً.

(باتريك تمبسن) جاء من الغرب إلى تايلاند في أوائل القرن الماضي، وساعد التايلنديين في تطوير وازدهار صناعة الحرير التايلندي .

وكان يقوم بالشراء والتسويق أيضاً، ويعزو التايلنديين شهرة الحرير التايلندي إليه، وأطلقوا عليه ملك الحرير .

بنى له مسكناً في ضواحي بانكوك على الطريقة الآسيوية.

اختفى باتريك عندما كان يتجول في إحدى الغابات، ولا يعرف أحد كيف كانت نهايته. حزن عليه التايلنيديون، وحولوا مسكنه إلى متحف وطني تكريماً له، وأصبح هذا المتحف شاهداً له ولهم على حد سواء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى