قناديل مشعة تخبو من حياتنا وتخسرها اليمن والأمة العربية

> د.محمد صالح الهلالي:

>
تمر الأيام سريعة كالبرق أو بالأصح كما قال إيليا أبو ماضي «إنما الناس سطور كتبت لكن بماء» ولا يبقى للإنسان من تركة سوى العمل الصالح والذكرى الطيبة والعطرة وخاتمة الإنسان ليس بما يملك ولكن فيما يعمله من خير وما يتركه من أثر طيب يخلد ذكراه ويحمل بصماته وفي أواخر العام الماضي 2007م أوائل العام 2008م فقدت اليمن والمنطقة أعلاماً كبيرة وقناديل مضيئة غادرت هذه الحياة الفانية تلك الشخصيات الكريمة والقامات السامقة والفاضلة التي أسهمت بجهدها وعملها وأثرت مختلف جوانب حياتنا السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية وبناء الدولة وتحديثها وحماية مكاسبها تاركين وراءهم حسرات ولوعات المحبين والمترحمين من المؤمنين بقضاء الله وقدره وبأن الموت حق والأمانة لابد أن تعود طال العمر أو قصر إلى صاحب الحق الملك المعبود.

ولتلك الصفات الحميدة والمزايا النبيلة لا نستغرب الحزن الذي خيم على الجميع وعم اليمن والمنطقة لفقدان تلك الشخصيات وذلك لما كان تحتله تلك الشخصيات من مكانة متميزة في قلوب الناس أكان في اليمن أو في منطقة الخليج العربي وغيره، حيث كانت الناس وفية مع الأوفياء وخرجت لوداعهم من دار الفناء إلى دار الخلود عن بكرة أبيها دون دعوة أو اكثراث للمصاعب وفي مقدمة تلك الكوكبة الخيرة الذين توفاهم الله المناضل الكبير والشيخ المجاهد الجسور والأب البار عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب، ذلك الشخص الذي عرفته جبال اليمن وسهولها، مجاهداً من أجل الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والتنمية ونصرة الحق كما عرفته فلسطين مناصراً للمظلومين وللحق المسلوب بأيدي الصهاينة المحتلين لفلسطين، سعى بكل جهده وفي كل المحافل من أجل نصرة فلسطين واستعادة الأقصى الجريح والقدس السليبة، ولم يبخل بجهده ولا بوقته في سبيل المبادئ السامية التي آمن بها والوقوف مع قضايا العرب والمسلمين وكان شهماً وكريماً في تعامله وعلاقته مع الناس.

ولا ننسى الإشارة هنا للفقيد الصحفي البارع عبدالقادر خضر ذلك الإنسان الباسم والمحب للحياة والفن والناس والذي أثرى الحياة الثقافية والفنية في عدن لأكثر من أربعين عاماً واحتل مكانة مرموقة في الوسط الإعلامي والفني لإخلاصه لعمله وللآخرين وترجل لاحقاً بزملائه معروف حداد وشكيب عوض اللذين لازالت ذكراهما العطرة وأعمالهما الجميلة في قلوب وعقول الوسط الثقافي والصحفي والاجتماعي في اليمن رحمهما الله، وكذلك الأستاذ الجليل شيخ الخيرين والتجار محفوظ سالم شماخ الذي قال أحد الأوفياء راثياً إياه: إن هذا الرجل الشهم يتكلم في وقت يتهيب الآخرون الكلام، وقد كان فعلاً نصيراً للخير والعدل واحتل مكانة متقدمة في قلوب التجار وكل من عرفه و عرف سجاياه الحميدة وهذا ما أكدت عليه برقية العزاء التي بعث بها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح لنجل الفقيد عمر.

والأستاذ الفاضل والقانوني المتواضع خالد فضل منصور وزير العدل الأسبق،ذلك العلم الوقور والكريم رجل المواقف الذي يذكرك بالفقيد الراحل الكبير الأستاذ الدكتور فرج بن غانم رحمه الله، فقد جمعتهما نفس الصفات الكريمة الاعتزاز بالنفس وعدم السعي وراء أطماع الدنيا أو الجري وراء المصالح والشكليات المنتهية والزائلة.

ورجل البر والأحسان الشيخ عمر قاسم العيسائي الذي عمل الكثير من أجل أهله ووطنه وكل الناس من خلال موقعه كرجل أعمال يشار إليه بالبنان وكان شهماً ووفياً لوطنه وأهله وكل من سعى إليه.

إن اليمن والمنطقة قد فقدت في هذا الزمن الصعب بالفعل تلك الشخصيات المذكورة التي أثرت وأثّرت في مختلف مراحل تاريخها وجوانبها ولن تعوض في وقت قريب، ولكن هذا قدرها المكتوب والمحتوم وكانت تلك الشخصيات تتصف دوماً بالحكمة والإيمان والاتزان والتسامح والسعي للخير وحب الناس، كما كانت مرجعاً للجميع. نسأل الله بهذا المصاب الجلل أن يرحمهم جميعاً ويسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وأن يخلف علينا وعلى أهلهم خيراً وأن يعصم قلوب أهلهم وذويهم ومحبيهم وكل من عرفهم بالصبر والسلوان .. إنا لله وإنا إليه راجعون.

الأسيف السفير

د.محمد صالح الهلالي

موسكو

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى