احتقانات الجنوب حلقة من سلسلة متاعب يواجهها النظام في اليمن

> صنعاء «الخليج» صادق ناشر:

> تنشر «الأيام» نص التقارير الصحفية التي نشرتها صحف «الخليج» الأماراتية و«النهار» اللبنانية و«الحياة» اللندنية يوم أمس من مراسليها في صنعاء عن أحداث مهرجان التصالح والتسامح بعدن كما جاءت عناوينها.

لم تعد متاعب النظام في اليمن مقتصرة على الوجع الممتد من صعدة إلى صنعاء بسبب المواجهات مع حركة تمرد الحوثيين منذ نحو خمس سنوات، بل باتت حلقة الجنوب جزءاً من سلسلة المتاعب التي باتت صنعاء تعاني منها في الآونة الأخيرة، وإن كانت مؤشراتها قد بدأت منذ سنوات ما بعد الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد العام 1994، وما صنف على ضوئها بكونها حرباً بين الشمال والجنوب، على الرغم من أنها أخذت طابعها السياسي بعد الطلاق والفراق اللذين وقعا بين شريكي دولة الوحدة العام 1990 وهما المؤتمر الشعبي العام (الحاكم اليوم) والحـزب الاشـتـراكي الـيمنـي (المعارض).

المتابع للأحداث التي باتت مناطق الجنوب، وبدرجة رئيسية عدن والضالع ساحة ومسرحاً لها يلاحظ ارتفاع وتيرة الاحتجاجات وتنوعها، ففي حين اتخذت الاحتجاجات في الثاني من أغسطس من العام الماضي في عدن، وهي المنعطف الأساسي في الأحداث الأخيرة طابع الاحتجاج على أوضاع المتقاعدين العسكريين، سرعان ما تنوعت الاحتجاجات لتشمل مناسبات وطنية كان الجنوب يحتفل بها باستمرار عندما كان يحكم بلداً مستقلاً منذ تسلمه السلطة من بريطانيا العام 1967 ، أهمها مناسبة الثلاثين من نوفمبر، المعروفة بـ «عيد الاستقلال».

أحداث الأمس التي شهدتها عدن وحضرها الآلاف من مناطق مختلفة من الجنوب أكدت تصاعد المطالبات من «حقوقية خجولة» في بداية الأمر إلى «مطالبات سياسية لم تخل من الطابع التشطيري» عند بعض القوى السياسية التي ترفض البقاء في حظيرة دولة الوحدة، وتطالب بالعودة مجدداً إلى عهد التشطير، وفك الارتباط مع دولة الوحدة، الأمر الذي أكسب الأحداث الأخيرة طابعاً انفصالياً في بعض ملامحها على الأقل من خلال رفع الشعارات التي تدعو إلى ما يسميه البعض «الاستقلال» و «حق تقرير مصير الجنوب» وغيرها من الشعارات التي لم يعد الكثير من المعارضين يتحرج من الإعلان عنها والمطالبة بها.

من هنا ربما جاءت أحداث الأمس لتعكس جزءاً من الصورة المغيبة التي ظلت مطوية طوال سنوات ما بعد الحرب، حيث ظلت الاحتقانات تتفاعل بصمت إلى أن انفجرت بشكل تصاعدي خلال الأشهر الستة الماضية، وعجز السلطة عن السيطرة عليها، وتفرغها للهجوم على المعارضة التي تضم عدداً من أحزاب تكتل اللقاء المشترك، من بينها الحزب الاشتراكي، أحد اللاعبين الرئيسيين في الأحداث الأخيرة، وذلك بتهمة تحريك الشارع الجنوبي.

ويبدو أن المعارضة استشعرت خطورة ابتعادها عن هذه التحركات، فبدأت بالعمل على الانضمام إلى موجة الاحتجاجات والالتصاق أكثر بالشارع، حتى لا يذهب الشارع الجنوبي إلى ما هو أبعد من الاحتجاجات السلمية، أي إلى الأخذ بخيار ما تهدد به أطراف جنوبية، وهو المقاومة المسلحة، وهو موقف يحسب للمعارضة أكثر، ويجب على السلطة دعم هذا التوجه حتى تتمكن المعارضة من استرجاع الشارع الغاضب الذاهب إلى أبعد مما هو عليه اليوم.

اليوم تبدو البلاد في وضع سياسي واقتصادي صعب، إذ يبدو أن مزاج الشارع، بخاصة في الجنوب، يرغب في وضع الرئيس علي عبدالله صالح يده على الجرح النازف منذ ما بعد الحرب الأهلية واتخاذ قرارات جريئة من شأنها تنفيس حالة الاحتقان القائم من خلال التسريع بتحقيق إصلاحات سياسية حقيقية تمنح الجنوب والشمال على السواء حكماً محلياً كامل الصلاحيات، وتعالج المشاكل التي برزت خلال السنوات التي تلت الحرب الأهلية معالجة جدية وتشعر الجميع بأنهم شركاء حقيقيون في صناعة القرار السياسي ويتحملون تبعات الواقع الذي تعيشه البلد، بخاصة أن الرئيس صالح يكرر باستمرار أن بناء اليمن هي مسؤولية كافة أبنائه.

تحتاج البلاد اليوم إلى قدر كبير من التنازلات، سواء من قبل السلطة أو المعارضة، فالتنازلات التي ستقدم اليوم هي أفضل وبلا شك من التنازلات التي ستقدم غداً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى