عدن حضن التصالح والتسامح

> أحمد يسلم صالح:

> أن تحتضن عدن- تلك المدينة الجميلة- لقاء التصالح والتسامح فهو الشرف العظيم والفخر الجليل، وهي التي عهدناها منارة حضارية، ومقصدا للأحرار والأبطال.

عدن تلك الحنون الرؤوم التي تجعل المرء يعشق الحياة والحرية والثقافة والعلم وكل ما له علاقة بالمزايا الإنسانية، وفوق أنها ينبوع للحب والوئام والسماحة فهي ترفض غزاتها وتطبقهم بلعنتها الأبدية، وتغتسل من كل أدران الموتورين والطامعين على مر التاريخ.

أي شرف لعدن وفي أجوائها تصدح ترانيم الحب والسماحة، ويكفِّر فيها ناسها عن خطاياهم، والتسامح من شيم الأنبياء والرجال العظام الذين يدوسون على نوائبهم، ويرنون إلى مستقبل جميل خال من القهر والظلم والاستبداد.

التسامح فعل إنساني عظيم، ولتكن فلسفة التسامح هي الأقوى من كل صوت نشاز، وإلى الذين يغيضهم هذا الفعل الإنساني الجميل نقول: إن عدن عودتنا على حب الحياة، وارتفع في سماها علم دولة الوحدة التي قامت على أساس (أن الوحدة تجب ما قبلها).

إن فعل التسامح والتصالح هو مضمون الوحدة السلمية التي ارتضيناها، لكن مجمل السياسات الخاطئة التي طالت الشريك الآخر- أقصد هنا الجنوب وليس الحزب- أفرغت الوحدة من مضمونها السلمي والديمقراطي، وأفرزت حرب 94م الظالمة مظالم لاحصر لها، ومازالت النظارات السوداء تغطي عيون المنتصرين وتجعلهم لايرون حجم الفعل وهول الصدمة.

يكذب من يقول: إن ثقافة الفيد والنهب والفساد لم تحدث, وفي عدن بالذات حين اعتبرت مع أخواتها غنيمة حرب، ومعالم هذه الغنائم تفصح عن نفسها في صورة القصور الضخمة والمساحات الاستثمارية والبقع في عدن وفي أماكن أخرى.

ومهما قالوا أو تقولوا عمن سبقوهم فلا وجه للمقارنة البتة، وبالتالي من حق الناس إذا ما شعروا بالخوف والريبة تجاه مستقبلهم ومستقبل أولادهم أن يصحوا ويتسامحوا، والتسامح والتصالح عمل جدير بالاهتمام في كل زمان ومكان أولا وأخيرا.

وأحرى بالذين يرون في ذلك مايغيضهم أن يعيدوا النظر في كثير من السياسات الخاطئة، ومن ضمنها الانزعاج من التصالح والتسامح، فعليهم أن يسألوا أنفسهم لماذا ضج الناس هنا؟! ولماذا يعتصمون في الساحات العامة؟! لماذا الشعور بالظلم وعدم المساواة؟!

إن هذه أسئلة, وهناك أسئلة كثيرة أخرى معنية في لحظة صحوة ضمير أن يجيبوا عنها، وأعتقد أن هناك بالفعل من يشعر أو يقر بما هو جار.

على كل حال إن فكرة التسامح والتصالح هي فكرة كما أسلفت تحمل في طياتها أجمل المعاني وأنبل القيم الإنسانية الرفيعة التي نشدناها، ولو دخل المتسامحون والمتصالحون اليوم الوحدة وهم كذلك لكان هذا أفضل وأضمن لديمومة الوحدة واستمرارها والحفاظ عليها.

وأختتم مقالتي هذه بعبارة للرئيس الفرنسي ساركوزي عندما قال :

«فرنسا تحب من يستيقظ مبكرا»، وعدن كذلك أظنها تعشق زغردة العصافير، وشدو سيمفونية الحرية والحياة. قال الشاعر:

قل للذي يهوى التفرق بيننا

بحبل ودادي أي ذلك يفعل؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى