مأساة شيخ فناني حضرموت وملهاة التكريم الرسمي

> «الأيام» صالح حسين الفردي:

> تردد في اليومين الماضيين في الوسط الفني والثقافي والاجتماعي في حضرموت اعتزام السلطة المحلية بالمحافظة تكريم شيخ فناني حضرموت المبدع الكبير وصاحب المشوار الفني والحياتي الغني سعيد عبدالمعين خميس، والفنان الكبير سعيد عبدالنعيم الاسم الفني الذي اشتهر به صاحب تجربة فنية رائدة وممتدة في تاريخ الفن والتراث الحضرمي لأكثر من ثمانين عاماً، نثر خلالها أريج إبداعاته الغنائية التي تعد بحق - اليوم - ذاكرة قرن فني حضرمي ثري وباذخ.

وعلى الرغم من سنين المشوار الفني الطوال، إلا أن المبدع الكبير ظل بعيداً عن الأضواء والصحافة والإعلام المسموع والمرئي في بلادنا، بسبب التقصير والنظرة الضيقة التي يحملها القائمون على هذه المنافذ الرسمية - خاصة في المكلا- وحرصهم على الترويج لأشباه المواهب وتسخير تلك الوسائط الإعلامية في خدمة ذواتهم، عند أصحاب السياسة والدفع السريع، ولم تنل هذه الأسطورة الفنية وغيرها من مبدعي حضرموت الكبار ما يستحقونه من اهتمام صحفي وإعلامي في السنوات الأخيرة العجاف، وقد كنا أول من نبَّه إلى أهمية تكريم هذا المبدع في عدد «الأيام» الغراء (4973) الصادر الخميس - الجمعة 2006/12/22-21م في موضوع بعنوان (همسة إلى الوزير الرويشان والمحافظ هلال .. شيخ فناني حضرموت أما آن تكريمه ؟!)، وكنا نؤمل خيراً، ولكن لم نجد صدى لما كتبنا، وظل الصمت الرسمي سيد الموقف، ومازال على الرغم من تجاوز الفنان الكبير المائة عام - أمد الله في عمره - وقد دفعنا إلى هذا التنبيه اطلاعنا على رسالة طلب إعانة تقدم بها هذا الطود الفني الكبير في تاريخ 18 نوفمبر 2006م، موجهة إلى محافظ حضرموت السابق الأستاذ عبدالقادر علي هلال وزير الحكم المحلي - حالياً- وكنا نتمنى ألا تصل الحالة المعيشية بعبد المعين إلى مثل هذا الطلب، وحرصنا على عدم الإشارة إليها أو إلى مضمونها في مقالنا السابق، ولكننا اليوم نود أن نلفت انتباه القوم الذين يحاولون استغلال مكانة هذه القامة الفنية للترويج الإعلامي الذي لا يضيف لتاريخ الرجل ومكانته الفنية العميقة، والمتجذرة في نسيج الأغنية الحضرمية الخالدة، ونجد لزاماً علينا أن نشير إلى فقرة مما جاء في هذه الرسالة (أتقدم إليكم بطلبي هذا راجياً أن ينال أهميتكم وعطفكم والقبول، والموضوع يا.. هو إنني أبلغ من العمر (104) أعوام وليس لدي أولاد سوى الأقارب وراتب شهري تقاعدي (9) ألف ريال يمني لا يفي حتى بالضروري، أرجو من شخصكم الكريم أن تشملوني برعايتكم وتتكرموا بمساعدتي معونة شهرية أو فصلية، لكي أعيش حياة كريمة فيما تبقى لي من أيام في هذه الحياة) هذا بعض ما جاء في صرخة الفنان الكبير سعيد عبدالنعيم ومأساته المعيشية التي يطمح في تسهيلها فقط في أيامه الأخيرة، ولم تجد تفاعلاً من المحافظ السابق. والفنان عبدالنعيم ليس بحاجة إلى تكريم يضيف إلى رصيد مكرميه، ولا يضيف له شيئاً إلا ورقة جدارية صامتة، ولعل ما يؤلم في هذا الموضوع هو هذا المآل الذي وصل إليه هذا العبقري الفني في ظل صمت مكتبي ثقافة حضرموت بمديرية الشحر والمحافظة، وكذلك عدم التفات إذاعة المكلا وصحيفة شبام لقيمته الفنية والتاريخية، حتى عندما تنبه القوم في إذاعة المكلا كان الحوار الإذاعي العيدي الذي لم يتعد الصوت دون الحرص على توثيق سيرة الفنان وتاريخ الفن والتراث الشعبي الذي يختزنه في ذاكرته بالصوت والصورة ، وربما نندم، حين لا ينفع الندم، أما التكريم الموعود من السلطة المحلية في مهرجان البلدة الخامس، وليس تكريم خاص على مستوى الوطن كما ينبغي أن يكون، وتسمية كورنيش الشحر باسمه فهي (تكريمات) تضيف إلى القائمين عليها، بينما عبد النعيم يبحث عن حياة كريمة - أطال الله عمره - وقد زهد في (التصاوير) التي لا تشتري رغيفاً، وكان أولى بمن يعشق ويحرص على مشوار هذا الرمز الفني النبيل أن يشمر عن سواعده لتحقيق هذه الأمنية التي ينالها صغار القوم في الوطن دون عناء، وقد نال البعض منهم قطع الأراضي المليونية، وبقي سعيد عبدالنعيم يقتات التسعة آلاف ريال في انتظار تكريم البلدة، (وما أدراك ما البلدة، ويا بلدة متى باتجين؟!).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى