من معاني الهجرة في الإسلام

> «الأيام» محمد أحمد باحميد /سيئون - حضرموت

> لكي ترتقي الشعوب الإسلامية بمفهومها للهجرة النبوية ومناسبتها العظيمة، فلابد أن تعيد القراءة الواعية للواقع الذي تعيشه من خلال الماضي، لأن في ذلك من الدلالات والمفاهيم ما يكفي ويغني الإنسان ليعيش حياته على بصيرة منيرة.. لاسيما أن مضامين معنى الهجرة تتجدد مع مطلع كل عام هجري، لغويا وشرعيا، ويُجدّد المفهوم النبوي والعصري من خلال ما تحمله من وعي كامل وشامل لبناء الوعي الثقافي الناضج السليم.

فالهجرة في معناها اللغوي هي الترك، فعندما أقول هجرت المنزل أي تركته، وأما في معناها الشرعي فهي الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام، وحقيقة ذلك أن يهجر الإنسان المعاصي والذنوب ويقبل على طاعة الله تبارك وتعالى، لأن المفهوم الآخر للهجرة هو المفهوم النبوي الذي ارتبط بعامل الزمان والمكان، حيث جاء الإذن لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة عندما لاقوا أصنافا من العذاب من قبل كفار مكة، وفي أول محرم السنة الثالثة عشرة من البعثة كان الإذن له صلى الله عليه وسلم بالهجرة، ومايزال هذا المفهوم للهجرة بهذا المعنى حتى جاء فتح مكة، وكان فيه تحول في مفهوم ومعنى الهجرة، حيث ظهرت معان جديدة ومستجدة مع كل عصر وزمان، وذلك عندما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- عند فتح مكة: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية».

وهذا المعنى للهجرة بأنها جهاد ونية يعد أساس الارتقاء بمفهوم الهجرة ومعناها في واقعنا المعاصر الذي تئن منه الأمة الإسلامية اليوم من داء المعاصي والذنوب المنتشرة والمتفشية في مجتمعاتنا، وكان من الواجب العمل بهذا المفهوم الواعي بأن يروض الإنسان نفسه على فعل الطاعات واجتناب المحرمات، وأن يعمل على نصرة الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- ونصرة الدين الإسلامي الحنيف بإحياء تعاليمه الشريفة التي هجرها كثير من الناس في زمن تُحارب فيه آداب هذا الدين وتنتهك حرماته على حساب أغراض دنيوية دنيئة، كما قال أحدهم: نمزِّق ديننا بترقيع دنيانا ** فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع.

كما أننا نرتقي أيضا بمعنى ومفهوم الهجرة على اعتبار شرف ارتباطها بالدين، فنخرجها من قفص الاستتباع المادي والفكري الذي يرنو له أعداء الإسلام الحنيف، حيث أنهم يقيسون الأمور على أساس عقولهم ويضعون الأفكار على حسب أهوائهم، حتى استساغ ذلك الكثير من أهل الإسلام في معتقداتهم وأفكارهم، وظنوا بعد ذلك أن الهجرة أمر طبيعي، وحدث جار ضمن مجريات الأحداث.

وهنا نقف أمام هؤلاء الغافلين ونقول في وجه كل متكبر ومتغطرس على الدين: لقد أخطأت في فهمك للهجرة ومعناها السديد، وهبطت بمفهوم الهجرة الشرعية الإسلامية إلى مستوى المادية والمركزية البحتة التي تفرح الضد والند ممن يعيشون في وهن الكفر- والعياذ بالله- وذلك بسبب فهمك السقيم للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.وخلاصة القول إن الهجرة حدث هام وعظيم، ومناسبة كريمة جليلة على قلوب المؤمنين، ولولا أهميتها لما سطّر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- تاريخ الأمة الإسلامية من خلال حدث الهجرة النبوية.وفي هذا إشارة واضحة بأن الهجرة النبوية نقطة تحوّل في تاريخ أمتنا الإسلامية، لهذاعلينا أن نهتم بهذا الحدث الجليل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى