دفن العشرات من جثث غرقى الباخرة في مقابر جماعية على طول الشريط الساحلي لأحور

> «الأيام» صلاح أبو لحيم:

> انتشرت منذ الساعات الاولى من فجر يوم أمس السبت عشرات الجثث للاجئين الصوماليين والاثيوبيين على طول الشريط الساحلي لمنطقة حناذ بمديرية أحور محافظة أبين وهرع أبناء المنطقة لتجميع الجثث الملقاة على الشاطئ ودفنها في مقابر جماعية وأخرى دفنت منفردة ولاتزال الامواج تقذف مابين الفينة والاخرى بعدد من الجثث وفي مسافات متباعدة مابين كيلو الى عشر كليومترات. وكان المشهد المحزن لتلك الجثث لعشرات من الشباب والنساء الحوامل والاطفال الذين افترشت جثثهم شاطئ منطقة حناذ بأحور بل والاكثر إيلاما الغياب الكلي لرجال خفر السواحل اليمنية الذين لا يعلمون بأي شيء قد حدث متناسين المهمة العظيمة الملقاة على عاتقهم وهي حماية الساحل اليمني إذ لم نعثر على أي وجود أو أثر لهم ودورهم أشبه بدور السلطة المحلية بأحور التي عملت بمبدأ لا أرى لا أسمع لا أتكلم ومع هذا الصمت المطبق من الجهات المسئولة بأحور كان الدور الايجابي لأبناء منطقة حناذ أطفالا وشبابا وشيوخا الذين تحملوا على عاتقهم تجميع الجثث ودفنها بل ان البعض قد غامر الى مقربة من مكان وجود الباخرة التي يعتقد بانها مازالت تحوى عشرات الجثث بداخلها واستطاعوا تجميع عدد من الجثث التي اختفت او التصقت بالقشاع الحجرية الواقعة مابين الشاطئ والباخرة التي غرقت فجر يوم أمس الأول الجمعة ومع كل ذلك فقد كانت «الأيام» حاضرة بل ومشاركة بطاقمها منذ ساعات الصباح الاولى حتى منتصف الليل لكي تنقل أصل الحكاية وفصلها فتبقى شاهد عيان أمام السلطات اليمنية والعالم أجمع، وإلى المنظمات الدولية وإلى كل ألوان الطيف السياسي والانساني بالعالم أصل معاناة الشعب الصومالي الفار من ويلات الرصاص والموت والملاقي حتفه على طول الشاطئ اليمني.

عشرات الجثث التي ألقت بها الامواج على الشاطئ الطويل لمنطقة حناذ لم تجد اليد الحانية التي تمسح عنها مرارة الفراق والموت حتى منظمة اطباء بلا حدود العالمية التي تتخذ من أحور المعقل الرئيسي لتقديم خدماتها للاجئين الصوماليين والافارقة تنصلت من كل قيم الانسانية والتسامح فرفضت تقديم أي تسهيلات للاموات كونه ليس من اختصاص المنظمة التي حددت خدماتها في تقديم التسهيلات للناجين الاحياء فقط ومادون ذلك فلا، وبررت بأن هذا من شأن المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة وهؤلاء لم يكن لهم أي وجود يذكر على طول الشريط الساحلي لأحور منذ يوم أمس الأول الجمعة.

كم هائل في الجثث التي غالبيتها لشابات ونساء حوامل ظلت جثثهم ملقاة بانتظار من يهيل على جباهها شيئا من التراب فلم تجد غير بعض الاحياء البحرية التي أخذت تنهش في اجسادها .. و لعل صرخات المشيعين الذين تفاوتت أعمارهم مابين سبع سنوات الى 60 عاما قد تحولت الى (شيولات) يدوية بشرية حولت أجزاء الشاطئ الى سراديب وخنادق لتلك الجثث التي أكل عليها الاهمال وقيم الانسانية وتم تجميعها في أكفان اختلفت مابين كفن مشكل من القمصان والمشدات وأكفان من رقع بيضاء طويت بها بعض الجثث أما البعض الآخر فلم يجد كفنا يلتف فيه غير حمله بصورته التي وجد عليها ودفنه بالتراب بأطراف الشاطئ.

روى لـ «الأيام» أحد أبناء منطقة حناذ الذي عايش الحدث مند لحظاته الاولى عند فجر يوم أمس الأول الجمعة قائلا: «كنت أقوم بالاصطياد عن طريق السليق وفجأة اذا بأصوات عويل وصياح شديد غريبة أشبه بصيحات الموت واذا بمجموعة من الاشخاص قادمين باتجاهي حفاة عراة لا يرتدون أي شي ء من جهة البحر وكانوا في الجنسيتين الصومالية والاثيوبية وأوضحوا لي أنهم جاءوا على متن باخرة أقلتهم من الصومال باتجاه اليمن وعلى مقربة من الشاطئ اليمني غرقت الباخرة بمن فيها وعددهم 140 لاجئا مابين صومالي واثيوبي وعلى الفور أخبرت الاهالي فجمعوا لهم الشباب وأتوا لهم بشيء من الغذاء والماء وخلال ساعات في شروق الشمس تم العثور على 14 جثة 12 من النساء وطفل ورجل وتم تجميعهم ومن ثم الصلاة عليهم بجامع المنطقة يوم أمس (الأول) الجمعة». وأضاف:«ومنذ الساعات الاولى لفجر اليوم (أمس) السبت بدأت تظهر العشرات من الجثث على طول الشاطئ لأحور وفي مواقع مختلفة كمقاطين وجمعة ومعزوب باساحم حيث وجدت أكبر عدد من جثث الغرقى وغالبيتهم من النساء الحوامل والشباب وتم دفنهم في مواقع متعددة بل ان البعض منهم قد التصقت جثثهم بالحاجز الجبلي في القشاع الجبلية التي تفصل مابين البحر والشاطئ ولم نجد أي حضور للسلطة عدا يوم أمس (الأول) حضر قائد أمن المنطقة وبعض مساعديه وحضر كذلك بعض الاطباء من منظمة أطباء بلا حدود العالمية وأخذوا الاحياء أما الاموات فأعلنوا انه ليس من مسئوليتهم ولا ندري ما السبب لذلك».

واختتم حديثه:«إنني أناشد كل الخيرين وكل المنظمات الدولية لوقف نزيف الحرب بالصومال وأطالب السلطات اليمنية بإحياء دور فرق خفر السواحل اليمنية التي ليس لها أي دور منذ يوم الجمعة وأشكر كل أبناء منطقة حناذ وبالاخص الاطفال الذين تحولوا الى كتائب لتجميع تلك الجثث قاطعين عشرات الكيلومترات بالاضافة الى عناء الحفر للقبور الاحادية او الجماعية للاموات من غرقى الباخرة وتحية لطاقم «الأيام» الذي حضر منذ الساعات الاولى من صباح اليوم (أمس) والذي شيع عددا من جثث الغرقى ونتمنى ان ينقل ما شاهده بالكلمة الصادقة والصورة المعبرة الى كل ذوي الاختصاص بأحور والمحافظة والسلطات اليمنية والمنظمات العالمية والدولية».

وكانت قد غرقت باخرة عن الساعة الثانية في فجر يوم أمس الاول الجمعة بالقرب شاطئ منطقة حناذ بمديرية أحور محافظة أبين وكانت تقل 140 لاجئا صوماليا وافريقيا نجا منهم 30 بينما لقي البقية حتفهم وماتزال جثث أولئك اللاجئين تنتشر على طول الشريط الساحلي لأحور ويقوم أهالي منطقة حناذ المجاورة للبحر بتجميع تلك الجثث ودفنها في مقابر جماعية او أحادية معتمدين على الحفر اليدوي للقبور بسبب غياب دور السلطة المحلية بأحور وكذلك الغياب الكلي لخفر السواحل اليمنية ومنظمة أطباء بلا حدود العالمية ومكتب المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة باليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى