خسارة رابح وبقاء محسن

> «الأيام الرياضي» سعيد عمر باشعيب:

> كرة القدم في العالم قفزت لتحل فوق النجوم لتطورها وتقدمها ورقيها، فلقد حلقت في أفق الإبداع والامتاع في كل مجالاتها الفنية والإدارية والمنشآت والمعدات ، فإذا كانت ألعاب القوى هي أم الألعاب فكرة القدم ملكتها ، ولكن ومع الأسف الشديد إنها في بلدنا تحبو وتسير أبطأ من سير السلحفاة .

كرتنا كلها على بعضها حطام تحوطه الفوضى ، اتحاد ملخبط ومتخبط وملاعب ستر الله حالها ومستوى لاعبين يوم في السماء وأيام تحت الأرض وحكام بعضهم مهزوزون وآخرون مستوياتهم متذبذبة ، ومعدات منتهية الصلاحية ووزارة تصرف وتمسك وتنفق وتمنع كيفما تشاء دون رؤية أو خطة، والعلاقات لديها سيدة الموقف.. محافظات بها أندية في الأولى والثانية وتاريخ يناطح السحاب ولاتوجد فيها ملاعب قانونية ومحترمة أو أستادات ، ومحافظات ليس لها تمثيل في الدرجات المتقدمة وبها أستادات رياضية ، واتحاد تصرف مستحقاته وآخر تجمد .. وفي ظل هذا الجو (المعكنن) الذي لا تستطيع أن تمسك بزمام شيء كيف ننتظر التطور؟

كرة القدم كيان عظيم مترابط الحلقات يعمل بتناغم سلس بين كل أجزائه وإذا انفصل او عطب أحدها كان الاثر واضحا في الكيان كله ،وما بالنا نحن ـ اليمنيين ـ لانرعى إلى ذلك اهتمامنا وندخل في حيص بيص مع المدربين المتعاقدين معنا لسوء نتيجة مباراة، رغم أنه جزاهم الله خيرا أنهم جازفوا بتاريخهم وسمعتهم بتحمل تدريب منتخب يعيش في واقع رياضي فاقد الهوية .. تعاقدوا معنا وليس لديهم مايراهنون عليه سوى موهبة اللاعب اليمني والبقية عليه العوض ومنه العوض .. دوري متخلف ومواسم غير ثابتة إلخ .. ، وفوق هذا وذاك فالويل لهم إن لم يحققوا النتائج الطيبة حيث يظهر من الخفاء بعض مدربينا المحليين متسلحين بكم عبارة من مخزون الخبرة وينضم إليهم عدد من الإعلاميين أصحاب اللعب بعواطف القراء بالمفردة والمعنى ويضربون خبط عشواء جلد أولئك المدربين حتى يضطروهم للرحيل عنا فارين بكرامتهم ليجدوا أمامهم أبواب السعد تنفتح فيلعنوا اليوم الذي قبلوا فيه تدريب منتخب اليمن ، فالتربص بالمدربين إسطوانة مشروخة ومشهد تكرر معنا كثيرا وحصاده تأخير إعلان خطوة الانطلاق والبقاء في أسر التخلف .

ولنختصر المسافة لنأخذ الجزائري الخبير رابح سعدان كأنموذج لضحايا (العوراء) التي تخضب (المجنونة) ومن عجائب تجنينا عليه اختياره كأفضل مدرب عربي لعام 2007م بحسب استفتاء مجلة «الأهرام» المصرية بعد نجاجه في الفوز بدرع الدوري الجزائري وبطولة أبطال العرب مع فريق وفاق سطيف فماذا عسانا أن نقول ؟ ونحن نعرف كيف خرج رابح من بلدنا، غير ضرب الأخماس في الأسداس وعض أصابع الندم عليه.. والسيناريو اليوم يعيد نفسه مع المدرب المصري محسن صالح كدليل على أن الدرس السابق لم يستوعب بعد ،وأننا لازلنا متصورين أنفسنا فوق ،والكل يطمع في تدريب منتخبنا ، بينما واقعنا طارد للكفاءات المخلصة وغير مهيأ للنجاح ، وعلينا أن نرضى بمن يرضى بتدريب منتخبنا ، ونحمد الرب ونشكره ونهب لمساعدته والتعاون معه حتى نظفر بخطوة الألف ميل والتي هي صعبة علينا في الوقت الراهن إذا ما عددنا مقتضيات بناء منتخب بما يتوافر لدينا من معطيات .

الكابتن محسن صالح أعلن بدء مرحلته الجديدة ،والتي نتمنى أن يرتب أوراقه جيدا ويستفيد كثيرا مما سبق ، ودورنا تجاهه أن نفتح معه صفحة أخرى عنوانها (معا لمستقبل أفضل لمنتخبنا) ، وأن تتجنب بعض الصحف تكريس الإعلام كوسيلة للنقد اللاذع والجارح للمدربين واللاعبين والذي يهدم أكثر مما يبني ، ولتحك بأظافرها حيث الألم الحقيقي ، فمهما عمل المدربون ومهما حققوا فهم يبنون فوق رمال متحركة لأن كرة القدم منظومة متكاملة والبناء الفرعي لن نجني منه غير إنجازات آنية أو هزائم، والفوضى لاتصنع مجدا ولاتخلق تطورا .. فلو كان هناك ألف بانٍ خلفه ألف هادم لكفى، فكيف ببان واحد وخلفه ألف هادم ؟..وكما قال الشاعر :

متى يبلغ البنيان يوما تمامه *** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى