عبدالقادر خضر

> «الأيام» علي حيمد:

> الطائر الذي غرد خارج السرب ** أرى العمر كنزاً ناقصاً كل ليلة ** وما تنقص الأيام والدهر ينفد **طرفة بن العبد

عند زيارتنا قبل له وفاته بنحو خمسة أيام أنا والصديقين العزيزين الأستاذ الفنان عصام خليدي والفنان الشاب نجوان شريف ناجي بعد أن قمنا بتقديم واجب العزاء في وفاة الشخصية الاجتماعية المرحوم ناصر باسويد، كان في أحسن حالاته ووجدناه بشوشاً مرحاً كما عهدناه دائماً على عكس ما كنا نتوقع بعد أن سمعنا وقرأنا عن حالته المرضية والوعكة الصحية التي ألمت به، قضينا معه ما يقارب الساعة في منزله ثم ودعناه على أمل اللقاء في أيام عيد الأضحى المبارك الذي سيحل بعد أيام قلائل من يوم زيارتنا له، وذلك حسب الوعد الذي قطعه لنا بعد فشل محاولتنا اللقاء به في اليوم الذي يلي زيارتنا له وودعناه ونحن لم نكن نتوقع بأن ذلك اللقاء كان اللقاء الأخير وأن ذلك الوداع كان الوداع الأبدي ولكن هذه هي مشيئة الله التي لا راد لها. وقع خبر وفاة صديقي العزيز الأستاذ عبد القادر خضر الذي تلقيته صباح الثلاثاء 2007/12/11 بعد اتصال هاتفي من صديقي المبدع الأستاذ علي محلتي لم أصدق الخبر اتصلت بمنزل الراحل العزيز فإذا بتلك الفاجعة المؤلمة أصبحت واقعاً لا مفر منه ويالتها كانت كابوساً حل بي في منامي ليفزعني بعض الوقت ثم يمضي .. ولكنها الحقيقة التي سيؤول إليها كل كائن حي، بسم الله الرحمن الرحيم ?{?كل نفس ذائقة الموت?}? صدق الله العظيم .

لاشك أنه برحيل أبي مجد خسرت أعز أصدقائي الذين ارتبطت بهم ارتباطاً وثيقاً في حياتي الإبداعية، ذلك كان على الصعيد الشخصي أما على الصعيد العام فإن رحيل عبدالقادر خضر شكل خسارة قاسية على الوطن الذي يفقد مبدعيه الرواد الواحد تلو الآخر وخصوصاً الشخصيات التي يستعصى تعويضها في المجال الإبداعي الذي عملت به، فإذا كان واقعنا الإبداعي يعيش حالة تصدع في مجال النقد الفني في ظل وجود تلك القامات فكيف سيكون الحال به بعد رحيل فرسانه الكبار أمثال عبدالقادر خضر وشكيب عوض وقبلهما محمد رشيد فما علينا بعد رحيلهم إلا أن نترحم عليهم وعلى المشهد الثقافي والفني الإبداعي الذي يزداد تصدعاً يوماً بعد يوم. كان عبدالقادر خضر رحمه الله قلماً شجاعاً وجريئاً لا يخاف في قول الحق لومة لائم سواء أكان من خلال المقالة الصحفية المكتوبة أو طرح الآراء في الندوات والمنتديات ولهذا كان دائماً يقال عنه بأنه كالذي يغرد خارج السرب، كما أن آراءه الجريئة وصراحته خلقت له بعض الإشكالات عند البعض من الذين كانت تضيق صدورهم عند سماعهم كلمة حق تنتقد أي ظاهرة سلبية في مشهدنا الثقافي والفني إلى درجة أن البعض من أصدقائه في الوسط الثقافي عندما قرأ الخبر الذي نشر في صحيفة «الايام» الغراء عن تدهور حالته الصحية لم يصدق ذلك الخبر وكما قال لي رحمه الله بعظمة لسانه قبل وفاته بأيام قلائل (لم أكن أتوقع بأنني لم أسمع أصوات بعض الذين أعزهم ولو حتى من خلال سماعة الهاتف للاطمئنان على صحتي أو السؤال عن حالتي، إنني لا أريد من أحد شيء، ولكن من حقي على أصدقائي أن أسمع كلمة مواساة في محنتي هذه ولكن الله يسامحهم) نعم يا صديقي العزيز لقد كنت بجراءتك وصراحتك طائراً مغرداً خارج السرب.

إنني أقول لكل الزملاء في الوسط الثقافي والفني (بأن هذه الدنيا لا تساوي شيء) ولا يوجد شيء أغلى ولا أثمن من حبنا لبعضنا البعض وأن يسأل الصديق عن صديقه وأن يزوره إذا مرض وأن يقف إلى جانبه في السراء والضراء لأن الندم لا يفيد بعد فوات الأوان سوى الألم والحسرة أتمنى أن نتعظ من دروس هذه الدنيا الفانية وربنا لا يري أحداً منا مكروهاً إنه على كل شيء قدير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى