أهالي منطقة المحاورة بالوضيع يتحدثون لـ «الأيام» ولسان حالهم يقول:والماء هنا جنبي.. وأنا ميت ظمأ

> «الأيام» سالم لعور :

>
طريق غير معبدة بطول 5 كيلو في منطقة المحاورة
طريق غير معبدة بطول 5 كيلو في منطقة المحاورة
انطلقنا من مدينة لودر في الساعات الأولى من صباح الأربعاء الماضي 16 يناير 2008م على متن سيارة (أبو صالح) الهيلكس، وكان يرافقني في هذه الرحلة الأخوان الشاعر الشعبي صالح عبدالله الجيلاني ودليلنا في الرحلة الأخ الشيخ صالح محمد صالح الزرجوم، وعلى طول الطريق استمعنا إلى الشيخ صالح الزرجوم وهو يشرح لنا صعوبة الحياة وشدة المعاناة في منطقة (المحاورة) الواقعة إلى الجنوب من مدينة الوضيع عاصمة مديرية الوضيع محافظة أبين، التي حرم أهلها من أبسط مقومات الحياة كشربة ماء تطفئ لهيب عطشهم، رغم أنهم يعيشون فوق أكبر حوض مائي تحيط به قرى منطقتهم المجاورة من كل الاتجاهات.

مررنا بمدينة الوضيع وعلى جنبات الطريق رأينا مباني شاهقة وحديثة البناء (مدرسة ثانوية ومستشفى ضخم ومبنى مجمع حكومي وقيادة أمن الوضيع وغيرها من مشاريع البنية التحتية) واتجهنا ناحية الجنوب لعاصمة المديرية والوضيع مسافة 15 كيلومتراً، ثم بدأت ملامح الحرمان تظهر بوضوح كلما توغلنا أكثر في قرى منطقة السواد، ولم نعد نرى أمامنا إلا طرقاً غير معبدة، متشعبة هنا وهناك، واختفت من أمامنا مباني المدارس والمراكز الصحية ومواسير المياه، التي شاهدناها في القرى المحيطة بالوضيع، وشعرنا حينها أن القيادة السياسية بحاجة إلى التذكير بأن هناك مناطق تحتاج للإغاثة العاجلة لاستنفار طاقاتها وإمكاناتها بتوفير أبسط الخدمات لمواطني قرى (المحاورة) الذين يعانون من الظلم الذي فرضه عليهم واقع التلاعب حتى بالمشاريع الحيوية من قبل جهات الاختصاص على مختلف الاتجاهات، وبعد أن أخذ منا التعب مأخذه وصلنا منطقة المحاورة، قابلنا مجموعة من الأطفال كان منظرهم يوحي لنا ببؤس الحياة التي يكابدونها في هذه المنطقة النائية، ولم يتوقف الشيخ صالح الزرجوم عن الحديث، وقال:

«أهالي منطقتنا محرومون من أبسط مقومات الحياة، التي تتمثل في شربة ماء كأبسط الحقوق لأكثر من ثلاثة عشر ألف نسمة يعيشون بعيداً عن خارطة الخدمات، وبمجهود شخصي وعلى نفقتي الخاصة خسرت كل ما أملك في المتابعات حتى أصبت بالإحباط من عدم تجاوب المسؤولين، وهذا الملف الذي أحمله يحتوي على مئات الأوامر (والأوراق) التي لم تر طريقها للنور، وقم بحفر بئر للمشروع وتزويدها بمضخة توربينية، وبناء خزان سعة 21 ألف جالون على نفقتي الخاصة، وتابعت خزاناً آخر سعة 60 ألف جالون، ولم يستكمل منذ عام 1990م».

وعند سؤالنا الشيخ الزرجوم عن هذا المشروع الذي لم ير النور أجاب:«حصلنا بعد المتابعة على اعتماد أولي للمشروع يقدر بـأحد عشر مليوناً وخمسمائة ألف ريال من الهيئة العامة للمياه والصرف الصحي، ثم قامت الهيئة العامة للمياه والصرف الصحي فرع أبين متعمدة بتحويل الاعتماد المخصص لمشروعنا إلى مشروع آخر، اعترضنا عليه وكلفت لجنة لتقصي الحقائق مكونة من مهندسين مختصين رفعت تقريرها بفشل ذلك المشروع، وأمرت السلطات العليا ممثلة بالأخ يحيى الراعي عند تحمله الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي ومحافظ أبين حينها بإعادة الأصول ومعدات المشروع، ولم ينفذ تلك التوجيهات مدير عام مشروع مياه الريف محافظة أبين رغم نزوله بصحبة السلطات المحلية لمعاينة المشروع، وقد التزم بالتنفيذ دون جدوى، حيث إنه يختلق الأعذار والهروب من الحقائق، ثم قام بالمساومة على مشروعنا مع البنك الدولي، ونحن نرفض تدخل البنك الدولي في مشروع مركزي، وفي حال عجز الدولة عن استكمال المشروع نطالب قيادة المحافظة والمديرية وجهات الاختصاص في مياه الريف والصرف الصحي بعمل اتفاقية معنا لضمان استكمال المشروع حسب الدراسات والتصاميم المعدة سلفاً، ونحن على استعداد لتسليمهم هذا المشروع، وفي حالة أعطت السلطات البنك الدولي تنفيذ المشروع فإننا نطالب بتحويل اعتماداتنا لاستكمال المرحلة الثانية من المشروع بتوصيل المياه إلى قرى نقع حبيب ومياه البدو الرحل حسب ماهو موجود في المخطط.

خزان الراس دون مياه منذ 21 عاما وبجانبه شباب المحاورة ينتظرون شربة ماء
خزان الراس دون مياه منذ 21 عاما وبجانبه شباب المحاورة ينتظرون شربة ماء
وأؤكد أن مخصصات المشروع من المضخات والأنابيب التي نحمل وثائقها لم تصرف لنا بالرغم من وصولها إلى مياه الريف بالمحافظة أبين».

مدرسة البدو الرحل لقرى المحوري تم اعتمادها ولم تر النور

الشاعر المعروف محمد صالح (بوزيد) المحوري تحدث عن مشروع مدرسة البدو الرحل لقرى المحاورة الذي تعثر رغم أنه قد تم اعتماده وقال: «أهالي آل محوري يطالبون بإعادة بناء مدرسة البدو الرحل التي تم اعتمادها في عام 1992م ضمن مدارس البدو الرحل التي تتبع دائرة التدريب العسكري لـ 750 طالباً، وتوقفت بسبب عدم الإيفاء من قبل دائرة الأفراد بجميع المواد، وبعد حرب صيف 1994م تم ضم مدارس البدو الرحل إلى دائرة التدريب العسكري وإلى الآن ونحن نتابع جهات الاختصاص رغم توجيهات الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام ومجلس النواب التي تؤكد ضرورة بناء هذه المدرسة للبدو الرحل الواقعة في نطاق منطقتنا النائية المحرومة».

وأكد لنا الشيخ الفاضل صالح الزرجوم وجود اعتماد المدرسة في وزارة الدفاع، وقال:«نطالب بإعادة الاعتمادات وبناء المدرسة أسوة بمدارس البدو الرحل التي تم بناؤها في محافظات كثيرة، كون المستفيدين منها هم أبناء البدو الرحل من أرض آل باقيناش شرقاً إلى أرض آل كشميم غرباً، والفقراء المحتاجون من أبناء قرى آل محوري الذين اتفقوا على أن يكون موقعها بقرية أمراس منطقة الخزان».

منذ بواكير الاستقلال وإلى الآن لم تصلنا خيرات الثورة والوحدة

وبحرقة وألم شديدين تحدث الأخ أحمد عوض الحمزة عزب قائلاً:«يا أخي سالم نحن محرومون (والله العظيم) من كل المشاريع، وصحيح الإحباط واليأس أصابنا بمقتل، فمنذ بواكير الاستقلال وحتى الآن لم تصلنا خيرات الثورة والاستقلال والوحدة مع أن الشيخ صالح محمد الزرجوم قد بذل ما في وسعه وبحسب طاقته وإمكاناته، ولكن كما نظرتم وشاهدتم بأم أعينكم إدارة المياه بالمحافظة والإدارات الأخرى المماثلة، كمشاريع مياه الريف والسلطات المحلية لم تستجب لنا، وإن وعدونا لا يوفون بوعودهم المعروفة لكل مواطن بأنها وعود عرقوبية لا تغني ولا تسمن من جوع. وعبر صحيفتكم الغراء («أيام» الواعدين والصادقين المتعاونين) أناشدكم الله بث همّ يؤرق أبناء منطقة المحاورة، وهو همّ الماء، باعتباره عصب الحياة، ومشكلة (عويصة) ما انفكت تصيبنا بالإزعاج والقلق كل صباح ومساء.. نعم أتوجه عبركم بمناشدة الأخ المناضل الفريق الركن عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية (لكونه ابن المديرية والمنطقة)، وهو أكثر الناس معرفة بنا وبمعاناتنا أن يتدخل -حفظه الله وأيده-، ونحن بانتظار توجيهاته الكريمة السريعة لجهات الاختصاص والسلطات المحلية بالمديرية والمحافظة للسرعة في إنصافنا وإنقاذنا من العطش».

45 عاما من عمر الثورة ورفقتنا مع الفانوس لم تنقطع

تحدث إلينا الأخ صالح محمد عوض المحوري قائلاً:

«معاناتنا لم تنتهِ بعد، فمازال الفانوس أنيسنا ورفيقاً دائماً ملازماً لنا، وعلاقتنا به لم تنقطع بعد، ويبدو أنه سوف تستمر لفترة قادمة. فيا أخي الكريم45 عاماً من عمر الثورة ونحن نعيش في ظلام دامس ومحرومون من خدمة الكهرباء، فقد قام بعض الأخوة المسؤولين بإيصال خدمة الكهرباء إلى منطقة السواد، وللأسف الشديد لم يوصلوا خدمة الكهرباء إلى منطقة المحاورة نتيجة لقيامهم بإسقاط بعض القرى من ملف الأولوية، والمفاضلة والتمييز بين الناس لا نقبل به أبداً، وأملنا كبير في الأخ محمد صالح شملان المحافظ النشيط لمحافظة أبين بإيصال هذه الخدمة إلينا على وجه السرعة».

قرى منطقة المحاورة مديرية الوضيع وحفريات وضعت لخزان سعة 60 الف جالون لم يكتب له النجاح
قرى منطقة المحاورة مديرية الوضيع وحفريات وضعت لخزان سعة 60 الف جالون لم يكتب له النجاح
في الختام المحاورة شكروا «الأيام» وينتظرون الطريق

كان مسك الختام حديث الأخ أحمد سالم عمير الذي شكر «الأيام» نيابة عن أهالي المحاورة كونها أول صحيفة تدخل منطقتهم، وقال«نحن مستبشرون بمجيئكم إلينا لاستكشاف ونشر معاناتنا كمواطنين يحق لنا العيش في هذه الحياة وأن ننعم بوجود الخدمات الضرورية التي نفتقدها الآن»، وكرر مطالبة الأهالي بضرورة استجابة السلطات وجهات الاختصاص اعتماد طريق إسفلتي للمنطقة ويقدر طوله بنحو 5 كيلومترات تقريباً، «نأمل من السلطات التكريم باستكمال هذا المشروع الحيوي لنا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى