من خضم الحراك الجنوبي

> أحمد عمر بن فريد:

> تتزاحم المواضيع في مخيلتي تجاه هذا المقال , وتبدو إمكانية تجاوز بعضها والركون إلى موضوع واحد فقط كعمل تقليدي, حالة مجحفة في حق باقي الأمور البالغة الأهمية والحساسية, التي تستوجب بالضرورة تسليط الضوء عليها ولو بشكل موجز, وعلى هذا الأساس اخترت لهذه الزاوية الأسبوعية (التنوع والتعدد) حتى يمكن الإيفاء بالغرض المطلوب, وحتى يمكن إيصال الرسائل الضرورية إلى أصحابها, وحتى يمكن تصويب بعض الأمور التي تستحق منا التصويب والتحليل, خاصة وأن الأمر يتعلق بهذا الحراك الجماهيري الكبير الذي يشهده الجنوب على مختلف محافظاته.

تنظر الجماهير الجنوبية إلى حراكها السياسي الواعد الذي تقوده حالياً, كما تنظر الأم الحنون لجنينها الشرعي في أحشائها .. فهي خائفة عليه.. قلقة بشأنه.. تحيطه بكل رعاية واهتمام.. وتدافع عنه بكل بسالة وخوف, تحسباً لأي طارئ عارض , يمكن أن يؤثر على سلامته أو حياته أو على البيئة الصحية التي يجب أن يتخلق في محيطها حتى يخرج إلى النور سليماً متعافياً غير مشوه , ويعد هذا القلق البالغ الحساسية مؤشراً صحياً يمكن الاستدلال به على القيمة الكبيرة التي يحتلها هذا الحراك في الوجدان الجنوبي بشكل عام, وعلى الآمال العريضة التي تعلق عليه جهة تغيير حياتهم وتوجيهها نحو المسار الذي ترتضيه هذه الجماهير ولا أحد سواها.

ولكن هذا القلق المشروع , وهذه الحساسية (الزئبقية) تجاه بعض القضايا التي تستجد كل يوم على ساحة الحراك السياسي الجنوبي, تصل أحياناً بهذه الجماهير إلى حد كبير و تجعلها تنظر إلى هذا الحراك بمنظار الخوف السلبي , ويجعلها تعتقد أن أي (كادر طارئ) يمكن أن يودي بوجود هذا الحراك إلى الهاوية أو إلى الموت النهائي.. وإذا كان مثل هذا القلق مشروعاً, فإن الأمر الذي يجب علينا توضيحه لهذه الجماهير , هو تأكيدنا (اليقين) أن هذا الحراك قد خلق ليبقى .. وأنه قطاره قد انطلق ولن يتوقف إلا في محطته الأخيرة التي ستقررها الجماهير وحدها, وأن سرعة تحركه وعنفوانه هي مستمدة في الأساس من عنفوان وقوة المد الجماهيري هذا فقط لا غير , وأنه لا توجد لهذا الحراك (ميدالية واحدة ذات مفتاح واحد).

وحتى نؤكد هذه الحقيقة.. فلتتذكر جميعاً أن أكثر الفعاليات السياسية الجنوبية قوة ونجاحاً, هي فعاليات 14 أكتوبر و 30 نوفمبر و13 يناير وفعاليات يافع الثلاث وفعاليات الضالع وردفان وأبين وحضرموت وغيرها, وهي فعاليات فتحت أبوابها بأكثر من مفتاح واحد, ولنسلط الضوء على أسباب نجاحها وعلى العناصر التي قادتها إلى النور , وحينها سوف نصل إلى الحقيقة الأكيدة التي تشير إلى أن هذه الفعاليات كانت ناجحة بسبب تعدد قياداتها وتنوع المشرفين على التحضير لها.. وجميعهم جنوبيون ومن صلب القضية الجنوبية, فلماذا إذاً كل هذا القلق المبالغ فيه يا أبناء الجنوب؟.. إن علينا جميعاً أن نتخلى قسراً عن الفكر الشمولي وعلينا جميعا أن نتعلم ماذا يعني القبول بالآخر السياسي .. وعلينا أن نجسد من الناحية العملية إمكانية رسم اللوحة الوطنية بكل (ألوان الطيف السياسي).. حتى تكون اللوحة النهائية جميلة ورائعة بألوانها الزاهية.

وفي خضم تلك الحساسية البالغة التي تحدثت عنها, كان لجريدة «الأيام» من قبل البعض نصيب من العتب الحاد.. ونسي هذا البعض أن هذه الجريدة وأصحابها, قد أشعلوا أصابعهم جميعها في سبيل إيضاح الحقيقة الجنوبية, ليس من الأمس فقط, وانما منذ تاريخ 7/ 7/ 1994م ... وقد عانوا في سبيل هذا (الأمرين) ووقف رئيس تحرير هذه الجريدة (العلم) في قفص الاتهام بكل كبرياء أكثر من مرة.. وفي كل مرة كان وقوفه بسبب الدفاع عن الجنوب وما حل به .

ومن الإجحاف .. بل ومن العيب أن ينسى هذا (البعض القليل) أن «الأيام» قد قدمت آلاف الأعداد التي تحدثت عن الهم الجنوبي وحملت الراية الجنوبية , ثم يتم اختزال كل هذا الوفاء بجرة قلم.. أو بفكر (طائش) .. ! لقد كانت «الأيام» وستبقى شعلة متقدة في النفق المظلم الذي أدخل فيه الجنوب.. ولا أعتقد أن أحداً ما يمكنه أن يقول إن هذا النفق الذي يحاول الجنوب اليوم أن يخرج منه بفعل إرادة الجماهير , قد تسببت فيه جريدة «الأيام»!!

علينا أن نكون واثقين (كل الثقة) من أنفسنا.. وألا نفتح لسوق (الإشاعات والدعايات) المغرضة باباً أو نافذة, يمكن أن يعبر منها الهواء الفاسد الخانق.. علينا أن نبتعد عن أسلوب التصنيف الوطني ونهج (توزيع الصكوك) الوطنية على هذا وذاك أو خلعها من هذا أو ذاك .

أبناء شبوة في الميزان

دعي عدد كبير من أعيان ومشايخ ووجهاء محافظة شبوة مؤخرا إلى صنعاء, وتوجه هذا الوفد إلى حيث أريد له أن يكون .. وظنوا أن تلك (اللحى) يمكن شراؤها بدراهم معدودة . ولكن موقفهم وعلى الرغم من كونه موقفاً (مطلبياً وحقوقياً) إلا أنه قد رفض من قبل الطرف الآخر, الذي أراد لهم أن يكرروا نسخاً عديمة الروح والإحساس والضمير.. ونتيجة لهذا الفشل خرج علينا مصدر رسمي يقول مؤكداً نجاح ضمير هؤلاء.. إنهم لا يمثلون حتى أسرهم !! ولو كانوا قد أذعنوا أو لانت عصاهم لقال هذا المصدر الحصيف بأنهم صناديد ورجال شبوة!!.. لهؤلاء جميعاً نوجه التحية من خضم الحراك الجنوبي ومن وسط الصخب المتوحد الموجود في خيمة التسامح والصالح لشهيد الجنوب صالح البكري, ونقول لهم (لا بأس).. تقدموا قليلاً فمكانكم الطبيعي بيننا وفي وسط حراكنا.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى