هناك إنسان وهناك حقوق إنسان وهناك صحافة

> نجيب محمد يابلي:

> نحن الخاسرون دوما لأننا لا نقيم أعمالنا دورياً لنفرز الغث من السمين، ولا نكترث لبروز ظواهر سالبة تحتاج منا إلى تشخيص دقيق ومعالجة موضوعية ولأننا لا نقيم وزناًً للإنسان وما له من حقوق وما عليه من واجبات.

استمرأنا الكذب ونسينا أن الكذب حبله قصير، وأدرنا ظهورنا للفعل وتناسينا أن هناك رد فعل مساوياًٍ له في القدر مضاداً له في الاتجاه، وأخذ الانفصام فينا طوراً حاداً، فأصبحـنا نتعـامـل مع الواقع على غير هدى.

إننا نعاني تخمة نظرية تجلت مظاهرها في الدستور والقوانين والاتفاقيات والعهود الدولية، وخيل لنا أننا في نعيم المدينة الفاضلة، إلا أن ما هو على أرض الواقع يشير إلى مرارة يتجرعها الإنسان وتعكسها تقارير محلية ودولية وضعتنا في ذيل القائمة من حيث تنمية المورد البشري ونصيب الفرد من إجمالي الناتج القوي ومؤشر الحرية الاقتصادية بكل عناصره وغيرها من المؤشرات.

عز عليَّ وعلى كل إنسان سوي في هذه البلاد غيابها عن ملخص التقرير السنوي السادس للمنظمات الأهلية العربية 2006م وكان عنوانه (الشباب في منظومة المجتمع المدني) الذي قدمته مجلة «المستقبل العربي» في عددها الصادر في أكتوبر 2007م (ص 156) والذي أعده فريق بحث كلفهم منسقو التقرير ومنظمو اتجاهاته الأساسية للقيام بعمل ميداني في 13 بلداً عربياً من ضمنها اليمن.

اعتمد المسح الميداني على حزمة من المؤشرات لتقييم دور المنظمات الأهلية إزاء الشباب والإشكالات الأساسية التي تطرحها علاقات التفاعل بين الشباب العربي ومنظومة المجتمع العربي، وتطرق التقرير إلى دراسة حالة للعديد من الدول العربية برزت فيها أو في بعضها جملة التحديات التي تواجه الشباب، وتميزت بعض الدراسات كدراسة حالة البحرين «التي تناولت وبشكل نقدي وشجاع ظاهرة المواطنة والطائفية، وأشارت بقوة إلى مخاطر الطائفية على إعداد الشباب وولائهم للوطن في البحرين». وكان اليمن المستثنى من تناول الملخص المذكور.

إذا كان 7 يوليو 1994م (الفعل) فإن 7 يوليو 2007م كان (رد الفعل) عندما فعل التراكم فعله في نفوس سكان الجنوب فكسروا الحائط الرابع (حاجز الخوف) يوم 7 يوليو 2007م في ساحة الحرية بخورمكسر وخرجوا للاعتصام في تلك الساحة تعبيراً عن رفضهم للواقع التعسفي التسلطي الذي نشأ عن يوم 7 يوليو 1994م مستهدفاً الجنوب على أبشع وأوسع نطاق، حيث استهدف هذا اليوم الجنوب أرضاً وإنساناً، وأفرز هذا الاستهداف حراكاً اجتماعياً واسعاً وصاخباً كان القطاع الشبابي رافداً من روافده، رغم محاولة السلطة المحلية هنا وهناك تحجيمه، إلا أنه تجاوز ذلك وأعلن عن كيانه.

غاب عن السلطة أن الصحافة تؤدي وظيفة إعلامية جماهيرية، وإلا لما أطلق على الصحافة والإذاعة المرئية والإذاعة المسموعة مجتمعة (وسائل الإعلام) (INFORMATION MEDIA) أو (وسائل الاتصال الجماهيرية) (MASS MEDIA)، فالمتلقى يريد أن يقرأ ويشاهد ويسمع خبراً، وتوظيف تلك الوسائل متنفساً للتعبير أو التناول، والسلطة التي لا تتعامل مع وسائل الإعلام على هذا النحو هي سلطة شمولية تحكمها ثقافة الاستبداد.

«الأيام» في عددها الصادر في 11 مارس 2006م نشرت تقرير (لجنة حماية الصحفيين) (CPJ) الموسوم (اعتداءات ورقابة وخدع قذرة)، وتناول التقرير تدهور أوضاع الصحافة في اليمن، وأوصى بالسماح بتأسيس وسائل بث يمنية مستقلة وتشجيعها بحيث توفر أخباراً وآراء مستقلة.

وفي تقرير إخباري آخر نشرته الزميلة «النداء» في عددها الصادر في 9 يناير 2008م بعنوان (113 انتهاكاً للصحافة خلال العام 2007م) أشار إلى حدوث (67) حالة انتهاك ضد الصحفيين في العام 2006م، وارتفعت حالات الانتهاك إلى 113 انتهاكاً للصحافة خلال العام 2007، وتوزعت حالات الانتهاك بين حجب مواقع إعلامية ومصادرة صحف وحظر توزيعها من قبل وزارة الإعلام واعتقال واعتداء وملاحقة أمنية واختطاف صحفيين، بالإضافة إلى تهديدات بالتصفية الجسدية وإطلاق نار وقبض قسري وسب وقذف واستدعاء وتنصت على مكالمات صحفيين.

حمل شهر يناير من هذا العام أخباراً تكدر السلام الاجتماعي تمثلت بسقوط شهداء وجرحى التعبير السلمي عن حقوق الإنسان، واستدعاء الزميلين هشام باشراحيل رئيس تحرير «الأيام» وأيمن محمد ناصر رئيس تحرير «الطريق»، حيث مثل الأول أمام نيابة الصحافة، ومثل الثاني أمام نيابة الشيخ عثمان، ومثل هذه الأخبار لن توقف مسيرة المجتمع المدني من الوصول إلى أهدافها المشروعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى