البلاد مليانة «مساتر»

> سعيد عولقي:

> مافيش حد يعرف حدوده وصلاحياته في مجال حكمه أو وظيفته، أين يبدأ وإلى أين ينتهي، مش لأنه مافيش شيء يحدد هذه الصلاحيات، وإنما لأنه هذا المستر لايجهد نفسه أول ما يتعين ويقرأ هذه الصلاحيات وحدودها.. ونحن من أكثر البلدان اللي تكتب الكلام المليح وتفعل الفعل القبيح، بمعنى أنه هذا المستر مادام ماقراش حاجة في اللوائح اللي.. اللي تحدد له شغله وصلاحياته فإنه بالتالي يجلس على الكرسي ويحلى لي ما لقيت، يأمر وينهي على كيفه، ويعتقد أنه يقدر يفعل اللي يشتي بدون ما يلاقي اللي يردعه أو يزبطه أو حتى يصفر له تصفير بالزيتي، والزيتي معناه الصفارة، علشان يكون في وضوح لأبنائنا من جيل هذا الزمان، أما كيف أجا اسم الزيتي هذا وأيش أصله وفصله، فوالله مالي علم، زيتي بيتي سلم لي على سيدي.

ولأن المستر- وما أكثر المساتر هذا الوقت- يلاقي الدنيا قدامه فياح وماحدش يكلمه، فيشوف نفسه سيد المساتر (جمع مستر يعني)، وقديما قال المرحوم الأستاذ محمد مدي: «سيد المساتر يقول عشر مرات من أربع، ولو قال البحر مالح زيدوه سكر»، ولهذا كلما كان المستر متزجزج أكثر (من زجأ.. يعني زاجي أكثر) أكل شروخ أكثر على قولة حسن فرور.. فمن علامات المساتر السَرَق أنهم يأكلون الشروخ كل ليلة على العشاء. ويقول الأخ هائل مدير مطعم ريم: «إن الشروخ هو اللوبستر، واللوبستر هو الشروخ، وإن له فائدة في تخسيس الجيب وتحسن الذيا وتقوية أشياء أخرى في البدن بعد الحجامة».. كما قال عبدالله علي بن علي علعلة (وهو لم يسرق المكحلة كما يشاع، لأنه رجل شريف ما تعجبوش السرقة) قال إنه لا يأكل الشروخ ومشتقاته اللوبسترية وأبومقص والذي منه إلا عند جميل شينة في مطعم الشنج سنج.

المهم أن أي معين جديد في هذه اليمن أرضنا الطيبة ما يغلبش كثير في القحص واللعص والبلع والهضم.. تدروا ليش مايغلبش؟ لأنه مع توسع حركة الفساد في بلادنا الحبيبة توسعت أدواته، وناس كثيرين من قليلين الخير اللي أول مايشموا خبر تعيينات جديدة يكوُّنوا فكرة معلوماتية أشبه ما تكون استخباراتية عن شخصية كل مستر من المساتر المعينين الجدد.. أيش يحب وأيش يكره، وأيش يعجبه وأيس يكسر رأسه.. وفين يروح يخزن، ومن أصحابه ومن أعدائه (منشان بعدين يعرفوا يمدحوا من ويسبوا من.. ها.. مش كذا) يجوا يحطوا حربش وهم عمي.

وبعد سلسلة طويلة من القرط واللعط كما يقول المليط بكري يدخلوا على المستر بتريقة (بطريقة) ها.. مش كذا، بس جهجهوني، ومن هذا الوسط يلاقي المستر بشكل عام أرذل أنواع البشر.. والعفو، ما نقولش إنه الناس كلهم بطالين.. بس ما يخلاش الأمر من شرفاء وعفيفين كما يقول حسن فرور عميد الجسة حقنا.. ويضيف بالقول: «اللي يشتي يشتري كبش يروزه بيده من المخصة»، وكيف أجا هذا الكلام، والله ما أناش داري.

وبعد دخول عصابة أولاد الهرمة كما يقول المصريون على الأخ السيد المحترم المستر المعين الجديد بعد ما يكونوا سووا اللغة الطويلة للتعارف علشان يدخلوا المبرز حيث ما يخزن.. وهناك يستغرق الكورس حق قلة الخير ثلاثة أسابيع بالوفاء والتمام.. وهذا معك معك، تبدأ الفضائح تخرج على قليل قليل.. مثل هذا النوع في اللغة المليطية: يقول لك الرجال يأكل باليدين (نقطة)، شل من فلوس المقاولة حق المشروع سبعة مليون (نقطة)، ياناس حرام عليكم الرجال مريض راح الخارج يتعالج، وكلفه العلاج سبعين ألف دولار (نقطة)، من فين؟! (نقطة)، قد بدل ثلاث سيارات جديدة لنج (نقطة)، قالوا اشترى بيت (نقطة)، لا مش اشترى، بنا أو بني أو ابتنى له بيت على شكل فيللا فيها مسبح ونافورة، (نقطة)، وفيها ورود ريحه يبري العلة.. وفيها مولد توماتيكي.. وفيها مبرز، المتاكي حقه من ميلانو في بلاد الطليان.. كل هذا لأنه المستر رجال طيب ومستحق، ياشيخ خلوه يعوض أيام الحرمان (نقطة)، مله من ظهورنا (نقطة)، وليش مش زي غيره، وإلا الباقين أحسن منه! خافوا الله الرجال عاده إلا اتعين قبل أربعة شهور.. (نقطة) تقولوا كم عندنا مساتر في اليمن؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى