ارفعوا أيديكم عن معالم عدن وأعلنوها محمية تاريخية!

> د. أسمهان عقلان العلس:

> نعم ارفعوا أيديكم عن معالم عدن التاريخية التي عرّفنا بها في مقالات ومناسبات سابقة، ولم تجد هذه المقالات آذانا صاغية، واليوم امتدت الأيدي إلى جزيرة صيرة وقلعتها التاريخية، تحت مسمى إعادة تأهيلها واستثمارها.

لكن ما يحدث في هذه الجزيرة مؤسف، لأن التغيير الذي شمل الجزيرة والأرض المحيطة بها أمر لايمت بصلة إلى ماضي هذه الجزيرة، ولا إلى ما نسعى إلى استثماره تنمويا فيها.

وعليه أقول للقائمين على هذه المهمة- ولا أعني المقاول والاستشاري الهندسي- إن ترميم المعالم التاريخية في كل بقاع العالم مهمة غير عادية، تنطوي على مخاطر قد تغير المعالم، وتسيء لتاريخه، وتعيق وتشوه استثماره وفقا لطبيعتها التاريخية.

ولذلك أدعو هؤلاء القائمين على هذه المهمة.

وهم هيئة تطوير المدن الساحلية ومن اتصل بهذه المهمة في مكتب محافظ عدن ومديرية صيرة، أدعوهم جميعا إلى مراعاة الاختلاف الكبير بين مشاريعهم التنموية في مواطن مختلفة، وبين واقع المعالم الأثرية والتاريخية في عدن وآفاق تطويرها واستثمارها تنمويا.

وعليه فإنني أدعو الأخ أحمد محمد الكحلاني محافظ عدن إلى إعلان عدن محمية تاريخية بمشاركة المختصين من الآثاريين والمهندسين في إعداد وثيقة مشروع تأهيل هذه المعالم، ووضع تصور كامل لإعادة توظيفها تنمويا، وفق دورها التاريخي المعروف، وعدم العبث بما يحيط بهذه المعالم من أراضي، من الممكن أن تستثمر لصالح الهدف التنموي.

إن ما يجري في هذه المعالم لايمت بصلة إلى خصوصية المعالم التاريخية، ولا إلى دورها التاريخي.

إن ما يجري فيها هو هدر لها واستثمار شخصي للمتنفدين فيها، وعبث بتاريخ مدينة عدن.

وسنصحوا في يوم لنجد هذه المدينة قد مسح العابثون بمعالمها أرضا، تحت مبرر إعادة التأهيل لها، وبهذا تكون عملية التأهيل قد أساءت للمعالم، وشوهت التاريخ، وعرقلت استثمار هذه المعالم لصالح التنمية.

إن ما يجري في جزيرة صيرة نموذج لما ذكر سابقا، فهذه الجزيرة كانت ميناء عدن وفرضتها القديمة حتى انتقال الميناء إلى مدينة التواهي.

كما أن التنوع الجيولوجي والبيئي كان مصدرا تعليميا للطلاب في عدن، أو القادمين من الخارج، كما كان مصدرا للبحث العلمي للباحثين الأوروبيين الذين قصدوها لجمع أغاني الصيادين أو دراسة ملامح التنوع البيئي فيها.

وبسبب مشاريع إعادة تأهيلها السابقة والراهنة أصبحت سوقا لبيع الأسماك، وانتشرت على جوانب القلعة البوفيهات المتنوعة، وغطت المباني العشوائية مناظرها الجملية المستقبلية بساحل أبين، وأصبحت باختصار شديد صورة لما عليه أي مدينة أو حي يمني آخر من العشوائية والعبث، ناهيك عن هدم الجسر الذي كان قائما فيها، باعتباره مفيضا مائيا مهما، وما خفي في باطنها من كنوز مما ينذر بكارثة قادمة لسوق السمك الجديد، ويوم تأتي الحاجة للتنمية المستدامة سنجد أننا فقدنا مرتكزا مهما من مرتكزاتها.

جزيرة صيرة ليست قلعتها بكل مكوناتها من قلاع وأسوار وأبواب وجبل وصخور وبحر ومكنون بيئي ومخزون جيولوجي، وهي كذلك ليست بحرا وجبلا فقط.. هي تاريخ ومرتكز علمي وأساس تنموي لو عرفتم ياسادة كيف تستثمروها.

وإذا كانت صيرة نمودجا، فإن مدينة عدن بكل ما تحتضنه من معالم أثرية ومباني تاريخية هي مصدر من مصادر التنمية المستدامة، ويد العبث قادمة لمجلسها التشريعي، وبا قي معالمها.

لذلك أقول ارفعوا أيديكم عن كل ما يتصل بمشاريع إعادة التأهيل للمواقع الأثرية، وأوقفوا الهدم وإعادة البناء للمباني الخاصة والمباني الحكومية التي يمتد تاريخ بنائها لأكثر من ثلاثين سنة، وضعوا خطة للمحافظة عليها واستثمارها وإعادة توظيفها على الوجه الصحيح، واستعينوا بذوي الخبرة من أبنائها.

هذه الدعوة للقائمين على أمر هذه المشاريع، حتى لانقول إن تغيير التاريخ قد بانت ملامحه، كما أدعو كل محبي عدن إلى التضامن معنا والدعوة معنا لرفع اليد عن معالمنا.

* الأمين العام للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار - عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى