«الأيام» في مديرية الصلو ..حضارة تحاور الماضي ونسيان يحاكي الحاضر

> «الأيام» رياض الأديب:

>
تعتبر مديرية الصلو من أحدى المديريات الهامة في الجمهورية اليمنية كونها تختزل حضارة عريقة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ اليمني، فهي تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة تعز وتبعد عنها بحوالي (45) كيلومتر، ويحدها من الشمال مديرية خدير ومن الجنوب مديريتا المواسط وحيفان، ومن الشرق مديريتا خدير و حيفان، ومن الغرب مديرية المواسط, تبلغ مساحتها 89.3 كم2 و عدد سكانها لآخر إحصائية 49.802 نسمة, تتكون إداريا من (11) عزلة و (65) قرية و تتباين العزل من حيث مساحتها و سكانها, والصلو جبل و واد خصيب التربة كثير الينابيع متنوع المحاصيل والثمار، يذكره (الهمداني) في كتابه (الصفة) (الصلو) مقترنا (بجبل أبي المغلس) الذي يقع شرق جبل الصلو الجامع لجبال السكاسك, و من أهم المعالم التاريخية و الأثرية فيها قلعة (الدملوة) و مدرسة (أروس) الأثرية و الكثير من القباب و المزارات.

«الأيام» اقتربت من مديرية الصلو، وحاولت أن تكشف الغطاء عن عزل هذه المديرية الحضارية، وهي تحاور حضارتها و تحاكي واقعها الحالي, و بداية الانطلاق في هذا العدد من عزلة الأشعوب:

تتكون عزلة الأشعوب من سبع قرى هي (الخلل, الشعب, مزابر, مضيض, الأبهول, الأشعوب, المحرقة) وتحتل المرتبة الرابعة في إجمالي عدد السكان على مستوى العزل.

الحضارة و المعالم الأثرية

تعتبر عزلة الأشعوب في مديرية الصلو على حد تعبير السكسكي في كتابه (السلوك في طبقات العلماء و الملوك) بلد القباب والمزارات و الأولياء و أصحاب الكرامات, كما توجد بها مدرسة أروس الأثرية و سوق ظرفة التجاري الشعري، إضافة إلى هجرة عمق الأثرية, و مدرسة أروس مدرسة تاريخية بنيت بالقرب من هجرة عمق الأشعوب, وتتميز بطبعها المعماري الهندسي الفريد بالزخارف والنقوش الجميلة, وتشير بعض النقوش إلى أن تاريخ بناء هذه المدرسة يرجع إلى عام 247هـ، بينما تشير نقوش حجرية أخرى إلى تاريخ 217هـ كتاريخ للبناء، كما تشير أخرى إلى تواريخ متضاربة عام 215هـ 506هـ ...

التعليم في الماضي

ربما يخفى على الكثير من أبناء الصلو والوطن عموما تاريخ هذه المدرسة والعلماء الذين درسوا وتخرجوا فيها، ومن أمثال منتسبيها ابن بطال الشعبي شيخ البخاري 491هـ وعامر بن شراحيل الشعبي 401هـ وشعبة الحضرمي, و أشهر من درسوا فيها وفي هجرة عمق المجاورة محمد بن عبدالملك بن أبي الفلاح عام 735هـ، و هو الجد لمعظم أبناء المنطقة، وهو عالم و فقيه ومحقق في النحو واللغة والعروض، وحجة ثبت، كما أشارت موسوعة (أعلام اليمن) الصادرة عن مؤسسة إبداع للعلوم والثقافة، والمنتدى (منتدى المثقف العربي في القاهرة)، ترجم له أصحاب هجر العلم ومعقله, المدارس الإسلامية في اليمن, طبقات الخواص, طبقات فقهاء اليمن, طبقات صلحاء اليمن, طراز أعلام اليمن, تحفة الزمن..) له ضريح في الراهدة (الحاضنة) سابقا على خط تعز - عدن، يعرف حاليا باسم قبة عبدالملك ويعرف بصاحب الطير الأخضر.

و قد وفد إلى مدرسة أروس والأشعوب الكثير من العلماء وفقها اليمن و الجزيرة ومصر وغيرها، حيث نزل بها الشاعر محمد بن حمير عام 156هـ, وألقى في سوق ظرافة المجاور لها قصيدة شعرية, كما نزل بها أيضا ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري 157هـ و أحمد ابن علوان والمقطري و الشرجي, والأشرف الرسولي و غيرهم, وتتكون المدرسة من باحة واسعة في المدخل ومجموعة عقود تنقلك إلى الباحة الوسطى للمدرسة التي تنقلك إلى المقصورة الداخلية للمدرسة (المسجد) ومجموعة من الأعمدة الصخرية القائمة على التزواج, إضافة إلى أربع مقصورات كانت سكنا لطلاب العلم من مختلف المناطق, ومكتبة كبيرة لم يبق منها إلا أطلالها المندثرة, و بركة كبيرة للمياه.

وقد نزل في عزلة الأشعوب الأيوبيون حين استولوا على اليمن في القرن السادس الهجري، إضافة إلى الزريعيين والرسوليين.

أما حاضر هذه المدرسة المتشبع بالنسيان فيحدثنا الشيخ خالد أحمد علي على أنها منسية بالرغم من تاريخها العريق, وماضيها الأصيل, معتبرا أن عدم الاهتمام بها وترميمها بشكل حديث سيعد انتكاسة عظيمة لأبناء وتاريخ المنطقة والوطن ككل, مشيرا إلى أن الأوقاف التي وضعت له من قبل الخيرين في العزلة تذهب أدراج الرياح دون رقيب , داعيا في نفس الوقت الجهات المختصة في المديرية والمحافظة إلى سرعة البت في أمر المدرسة وتسويرها والأهتمام بها باعتبارها معلما تاريخيا و سياحيا هاما.

التعليم في الحاضر

قبل التطرق إلى واقع التعلم المحتضر في الحاضر, لفت انتباه «الأيام» شيخ بلغ من العمر عتيا، معروف بمكانته البارزة وسط عزلته، إضافة إلى أنه عضو بالمجلس المحلي للمؤتمر الشعبي العام, إنه الشيخ علي عبدالرحمن الذي عرض حاضر عزلته بمشهد مأساوي، وهو يحمل بين يديه العديد من وثائق الفساد التي اجتاحت المديرية وأتت على الأخضر واليابس فيها.. ولنسمع منه الحكاية.

الطريق ملك العامة

يروي الشيخ علي عبدالرحمن لـ «الأيام» إحدى قصص هوليود السينمائية، وهو يصور لنا و يضع أمامنا العديد من الوثائق والشكاوى التي بدأت منذ قيام إحدى الجهات المتنفذة باستقطاع جزء من الطريق العام والبناء عليه دون حسيب أو رقيب, ليجد الأهالي أنفسهم أمام باطل محدق دفعهم إلى توكيل شيخهم في الدفاع عن حقوقهم، فلبى النداء ولكن..! عشرات التوجيهات والأوامر من وزارة الإدارة المحلية ومن وزارة الداخلية ومن محافظة تعز والمجلس المحلي بالمديرية ومن مكتب الأشغال العامة الذي أثبت وبعد المعاينة أن البناء استقطع جزءا من الطريق, والنتيجة.. سنون مضت, و أشهر تعاقبت, وأيام توالت ولا حياة لمن تنادي, لم يوقف البناء ولم يعر الأمر أدنى اهتمام. ويرجع الشيخ علي الأمر إلى إدارة أمن المديرية التي غضت الطرف عن الأمر وأعطت الضوء الأخضر للمتنفذين لمواصلة البناء الذي مايزال مستمرا ويوشك على الانتهاء.. تسلط و فوضى تحاكي الحاضر إذن , و المصلحة الشخصية تطغى على المصلحة العامة, ووسط تجاهل وتقاعس من يفترض أن يكونوا حماة الوطن والحق العام! لم يجد الشيخ علي عبدالرحمن وأهالي القرية إلا أن يتضرعوا إلى الله بالدعاء لنصرتهم, ومناشدة محافظ المحافظة صادق أمين أبوراس الذي عرف منذ توليه منصبه بالوقوف إلى جانب الحق والانتصار له، ووضع حد للجهات المتسلطة وتقديم مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية. الجدير أن طريق الأشعوب وعرة جدا وتفتقر إلى أبسط الخدمات.

التعليم في الحاضر

قد نكون غير منصفين إذا قارنا التعليم في عزلة الأشعوب ببقية العزل في المديرية التي ترضخ للمصالح الحزبية وصكوك الغفران التي يحصل عليها كل من يجيد ركوب (الخيل), وبالتالي تكون حصنه الحصين و حجابه المنيع من النقل أو التعسف (لاسمح الله), فالتعليم في عزلة الأشعوب بالرغم من مهنيته إلا أنه يعاني الكثير من العجز والقصور في كافة الجوانب، فمدرسة (عمر بن عبدالعزيز) التي بنيت على نفقة الأهالي أصبحت قديمة وضيقة على الطلاب، إذ يبلغ عدد الطلاب في الفصل الواحد أكثر من 120طالبا، ناهيك عن النقص الحاد في عدد المدرسين وخاصة المتخصصين في المواد العلمية, أما المدرسة التي تم بناؤها حديثا وتتكون من 6 فصول بالكاد تتسع لبعض الطلاب, خاصة أن المدرسة تشمل كافة المراحل الدراسية, أضف إلى ذلك النقص في الكتاب والأثاث المدرسي والكثير من مستلزمات العملية التربوية في العزلة.

المياه

يرى مختار الشيبة أن مشروع المياه في عزلة الأشعوب قد حقق نجاحا لا بأس به، غير أن بعض قرى العزلة مازالت محرومة من مشروع المياه, معتبرا أن نقص المواد اللازمة لاكتمال المشروع هي التي أعاقت تقدمه إلى الآن.

الصحة

اكتمل بناء الوحدة الصحية منذ عدة أشهر إلا أنها مازالت خشبا مجوفا من الداخل، مبنى دون تجهيزات و كوادر طبية أو حتى ممرضين.. وحدث و لا حرج!

وعلى ذكر عزلة الأشعوب فإن قرية الخلل التي تقع ضمن قراها وهي مهددة بانهيار صخري وشيك قد تناولتها «الأيام» في أعداد سابقة انتهاجا منها لرسالتها الإعلامية الهادفة إلى المصلحة العامة، والوقوف إلى جانب المظلومين والمتضررين في هذا الوطن الغالي, إلا أن نداءها لم يلق آذانا صاغية من قبل أي جهة.. وصدق الشاعر إذ يقول:

قد أسمعت إذ ناديت حيا

و لكن لا حياة لمن تنادي

أو ربما وعلى طريقة الظهور الإعلامي سيكون هناك تحرك بعدما تقع الكارثة لا سمح الله!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى