الأيام» ترصد عددا من المشاهد والقضايا والوقائع الحية المؤلمة بمدينة العوابل عاصمة مديرية الشعيب ..مدينة تحاصرها القمامة وتزكمها المجاري وتخدش وجهها العشوائية

> «الأيام» محمد الحيمدي:

>
السوق القديم الذي يوضح مدى التخطيط الحضري
السوق القديم الذي يوضح مدى التخطيط الحضري
مدينة العوابل عاصمة مديرية الشعيب محافظة الضالع، يبلغ تعداد سكانها مايقارب العشرة الآلف نسمة. يطل عليها أرفع جبل في الضالع بعد جبل جحاف هو جبل العوابل، الذي يبلغ ارتفاعه 7647 قدما. يعتمد سكانها في دخلهم المادي في الوقت الراهن على حركة الهجرة، وتربية ورعي الأغنام والزراعة والتجارة.

فبعد العدد السابق تنقل «الأيام» القراء اليوم الى أوضاع البلدية ومصير المباني الحكومية والمستشفى الذي يفتقر لأبسط المعدات، ونبدأ من:

السوق اللغز !!

برغم القرارات العديدة التي اتخذها المجلس المحلي للمديرية لنقل السوق العشوائي المستحدث إلى مكانه الطبيعي السوق القديم (المركزي)، إلا أن هذه القرارات ظلت حبراً على ورق، ولم تنفذ برغم أن نقل السوق المستحدث هذا كان من قِبَل قلة من التجار ذوي التأثير المالي بطريقة عشوائية إلى قلب العاصمة وفي الشارع العام، الأمر الذي أدى إلى شبه إغلاقه للشارع العام، بسبب الدكاكين التي بنيت في أجزاء من الشارع والطريق العام المتفرعة منه، وأصحاب البسطات وبائعو القات والخضار والفواكه وبائعو السمك والبيض يفترشون كل مساحة الملعب الوحيد بالمديرية، فهو في الصباح على تلك الحالة، وفي العصر لممارسة الرياضة، الأمر الذي سبب اختناقا شديدا في حركة السيارات التي تمكث طويلا (أحيانا نصف ساعة) حتى تمر وتشق طريقها، وكذلك حال المارة خاصة طلاب المدارس، حيث أدى هذا الوضع إلى حدوث عدد من حوادث المرور ، راح ضحيتها كثير من المواطنين، لاسيما الأطفال.

ويتساءل أصحاب هذه الدكاكين المتضررون من هذا الوضع بسخرية: ما اللغز وراء عدم نقل السوق المستحدث، رغم ضرره وإصدار عشرات القرارات لإزالته ؟!.. عدد كبير منهم أرجعوا السبب إلى أن بعض كبار مسئولي المديرية يتسلمون مبالغ طائلة من التجار المستفيدين من بقاء هذا السوق رغم عشوائيته ! حتى يعطلوا هذه القرارات.

أحد المرافق التي تم تمليكها
أحد المرافق التي تم تمليكها
خطوط التيار الكهربائي تهدد حياة الأهالي

تظل قضية توصيل أغلب خطوط التيار الكهربائي إلى مدينة العوابل إحدى أهم القضايا الخطيرة التي تعاني منها والقرى المجاورة لها، التي تم ربطها بخط إسعافي من الشبكة العامة للمحافظة منذ عدة سنوات، وتحديداً بعد احتراق المولد الكهربائي الذي كان يغذي العوابل وماجاورها من قرى بالتيار الكهربائي لمدة 6 ساعات يومياً .. هذه الخطوط تعد في وضع التالف نظراً لقدمها، حيث تم تركيبها في العام 71م بواسطة أعمدة خشبية، أخذت مع مرور الزمن تتعرض للتآكل، وأصبحت آيلة للسقوط وتهدد حياة السكان بالخطر .

وخطورة هذه الخطوط والأسلاك الكهربائية ذات الضغط العالي تكمن في أنها تمر فوق أبنية المدارس ومنازل المواطنين والطرقات العامة وقرب آبار المياه والمزارع، وهي مواقع لا تخلو من وجود ومرور السكان باستمرار، خاصة الأطفال الذين يلهون ويلعبون بمحاذاتها، وسبق أن تعرضت هذه الخطوط للتمزق والسقوط، ولكن رعاية الله وحفظه جنبا الأهالي أخطارها، غير أن الخسائر طالت حيواناتهم .

لذلك ومن أجل تفادي وقوع أية مخاطر أو كوارث بين أوساط المواطنين، فإن المؤسسة العامة للكهرباء فرع الضالع مطالبة بإجراء صيانة عامة لهذه الخطوط والأسلاك واستبدال التالف منها.

مختبر المستشفى
مختبر المستشفى
تمليك جميع مباني الدولة لأشخاص.. والمرافق الحكومية تسير عملها من مبانٍ بالإيجار

< من عجائب مديرية الشعيب أو لنقل السلطة فيها، وهي كثيرة تثير الضحك والبكاء والحسرة في آن واحد!! من هذه العجائب أنها ملكت وسمحت بتمليك %99 من المباني والمقرات الحكومية، التي كانت مرافق للدوائر الحكومية قبل حرب 94م وحتى بُعَيْد الحرب بأشهر، أبرزها مقر المليشيا، مؤسسة اللحوم، مبنى الإنشاءات، مقر لجان الدفاع، مبنى المحكمة، التربية، البريد، النيابة، والأحوال المدنية .. الخ، كل هذه المقرات ملكتها السلطة شخصيات نافذة وقيادات مؤتمرية ووجاهات قبلية، بينما أرغمت كل المرافق الحكومية أن تسير أعمالها من مباني بإيجارات شهرية باهظة، تصل شهريا إلى ملايين الريالات، برغم أن هذه المباني التي تم تمليكها معظمها حديثة البناء وصالحة للعمل فيها، وليس فيها عيوب، كما أن هناك مساحات شاسعة ملكت مع المباني، كان بالإمكان الاستفادة منها في بناء مبان حكومية حديثة، بدلاً من إهدار ملايين الريالات شهرياً على المباني المستأجرة، حيث أصبح من الصعوبة والاستحالة في ظل التهافت والإقبال الشديد على الأراضي الذي تشهده مدينة العوابل حالياً، الحصول على أرضية لبناء أصغر مبنى حكومي، والدليل أن هناك مبالغ مليونية ضخمة اعتمدت لشراء أرض لبناء مبنى لإدارة أمن الشعيب، وأخرى للمحكمة، وكذلك لبناء مقر وملعب لنادي الشعيب، إلا أنه رغم مرور عدة سنوات من البحث فإنه لم يتم العثور على أية أرضية لبناء هذه المباني والمرافق الحيوية والمهمة ليس لمدينة العوابل وحسب، بل للشعيب كافة .. ولعمري إنها مفارقة عجيبة وإفراز طبيعي للوضع العام السائد، الذي انتفت فيه روح المسئولية وحب المصلحة العامة عن بعض المسئولين، الذين لا يهمهم سوى مصلحتهم الشخصية الضيقة، أما مصلحة البلاد والعباد فإلى الجحيم .. عجبي!!

خطوط توصيل التيار الكهربائي المتهالكة
خطوط توصيل التيار الكهربائي المتهالكة
المستشفى أكبر مبنى في المحافظة يفتقر إلى أبسط المعدات

< أما عن الوضع الصحي في مدينة العوابل، فإن الخدمات الطبية التي تقدم للمواطنين هي شبه غائبة (إن لم نقل غائبة تماماً)، فبالرغم من وجود صرح طبي كبير (مبنى المستشفى) الذي يعد أكبر مبنى في محافظة الضالع، وفيه عدد ليس بالهين من الممرضين والكوادر الطبية الوسطية التي تمتلك خبرات متراكمة، إلا أنه عبارة عن مبنى ومجرد اسم بدون مضمون ومحتوى، فهو شبه خاوٍ وخالٍ فجميع أقسامه تفتقر إلى المعدات الطبية، عدا بعض المعدات البسيطة، كمعدات الإسعافات الأولية.. فعند زيارة «الأيام» للمستشفى وجدت قسم العمليات لا يوجد فيه غير محلول التصفية في (دبة شملان)، وعدة أربطة (شاش) بدون قطن (عطب) وخيوط الترقيع غير متوفرة، وكذا الحقن.. أما العلاج (الدواء) فعلى المريض أن يشتريه من الصيدليات الخاصة، ويخلو من الأسرَّة المتحركة لنقل المرضى، لاسيما الذي لا يقوى على الحركة، وكل ما فيه عبارة عن ثلاثة أسِرَّة ثابتة قديمة وخارجة عن الجهازية، وكذا قسم الطوارئ، فلم نجد فيه أية معدات لتأدية دوره تجاه المريض، وكذا بقية الأقسام، فقسم الترقيد (رجال ونساء) خالٍ من المرضى، حيث يفضلون أن يعودوا إلى منازلهم، مرحبين بنار أسعار المستوصفات الخاصة ولا جنة هذا المستشفى، أما قسما الأشعة والمختبر، فوجدنا الأشعة عاطلة منذ عدة سنوات، وهي أشعة (Donga) والسبب حسب مدير المستشفى «أن ذلك راجع لعدم توفير القطعة العاطلة التي أوقفت هذا الجهاز المهم المكلف»، وبعد جهود مضنية منه شخصياً تم توفير هذه القطعة التي قيمتها 1500 دولار، إلا أن المشكلة ظلت قائمة بسبب عدم نزول المهندس المختص من الوزارة لتركيبها، وهكذا.. لكن هناك أشعة أخرى متحركة تقدم خدماتها للمرضى، ولكن مقابل مبالغ مالية تصل إلى 400 ريال عن الصورة الواحدة، أما المختبر الذي يعمل بأدوات بسيطة وفي مكان غير مناسب وغير نظيف، فإنه يقدم خدماته للمرضى مقابل مبالغ مالية لكل فحوصات الأمراض، التي تصل إلى 250 ريالاً عن الفحص الواحد، عدا فحص مرض السل والملاريا فهي بالمجان، كما أن المستشفى يفتقر إلى الأطباء أو حتى طبيب واحد متخصص، فجميع الأطباء (عام) فهؤلاء الأطباء يعاينون المرضى ويشخصون أمراضهم معتمدين على السماعة والسمع وحركة اليد وخبراتهم الطبية الكبيرة، التي اكتسبها بعض هؤلاء الأطباء طيلة عدة سنوات، وأحيانا بالتخمين والتقدير والشك.

وهذا التشخيص غير مجدٍ، وقد تكون نتائجه وعواقبه وخيمة، أما عن الدواء فرغم وجود صيدلية للمستشفى إلا أن المرضى يشترون جميع الأدوية من الصيدليات الخاصة، عدا بعض الأدوية التي توزعها الصيدليات مجاناً، وهي عادة تكون غير مفيدة أو أنها ليست من ضمن وصفات الأطباء للمرضى، وتلك الأدوية التي يشتريها المرضى من الصيدليات الخاصة تكلفهم مبالغ طائلة، لأن بعض الأطباء يسجلون في روشتة العلاج كمية كبيرة من الأدوية قد لا يحتاجها المريض جميعها، والسر وراء ذلك أن بعض هؤلاء الأطباء لهم نسبة من قيمة هذا الدواء، فكلما كثرت كمية الدواء زادت نسبتهم من المبلغ، فهم يشيرون على المريض أن يذهب إلى الصيدلية الفلانية، ويسجلون اسمها على ورقة الدواء كي يشتري هذا المريض منها الدواء، فيطلبون منه بعد الشراء أن يعود إليهم بعد شراء الدواء، حتى يتأكدوا من حصولهم على نسبتهم.

سرر المستشفى وقد هجرها المرضى لعدم توفر الخدمات فيه
سرر المستشفى وقد هجرها المرضى لعدم توفر الخدمات فيه
«الأيام» حصلت من مصادر مطلعة وأكيدة «أن مستشفى (الشهداء الثلاثة) يتحصل سنوياً وفصلياً على كميات كبيرة من الأدوية لتوزيعها مجانا على المرضى خاصة الفقراء، مثل أدوية القلب والسكر والكبد وحقن التلقيح ضد مرض داء الكلب، وغيرها من الأدوية الأخرى، إلا أن هذه الأدوية -حسب المصدر وإفادة عدد من الأهالي- لا توزع للجميع وفقاً لما هو مقرر لذلك، بل توزع على قلة من الأشخاص حتى وإن كانوا غير محتاجين لها، هؤلاء القلة هم أقرباء وأصدقاء المسئولين عن المستشفى.. وأن بعض هذه الأدوية خاصة أدوية الأمراض الشائعة تذهب لبعض الصيدليات، وأنه نتيجة لهذه الطريقة في توزيع الدواء والتعامل به تتكدس هذه الأدوية في المخازن حتى تنتهي صلاحيتها فيكون مصيرها الإحراق، وفي أحسن الأحوال توزيعها على المرضى وغير المرضى ولم يتبق على انتهائها سوى أسابيع.

أما عملية الإسعاف للمرضى فهناك سيارة وحيدة للمستشفى موديل 1972م، التي تعد غير صالحة لعملية الإسعاف لقدمها وافتقارها إلى أبسط وسائل الإسعاف، هذه السيارة برغم ذلك فهي لا تتحرك من مكانها إذا ما استدعت الحاجة أو الحالة إسعاف أحد المرضى، وغالبا ما يكون المرضى الذين يلجأون إليها لتنقلهم إلى عاصمة المحافظة أو إلى محافظة أخرى هم من الفقراء وذلك بعد أن يدفع أهل المريض حق الديزل، وهي مبالغ تصل إلى 4000 و6000 ريال، علما بأن هناك نثريات خاصة للديزل وتكاليف الإسعاف.

وإذا لم يدفع هذا المبلغ فالسيارة لن تبرح موقعها (إلا بحق الديزل)، وقد يتعذر السائق بأنها عاطلة، ليصبح المريض بالأخير هو الضحية إن هو لن يسعف، ويمكن أن يفارق الحياة بعد ذلك، فلا يهم القائمون على هذه السيارة حياة المريض، فليذهب إلى الجحيم! المهم عندهم حق الديزل، وشعارهم في ذلك (الدفع أولاً وحياة المريض ثانياً).

كما عرفنا من عدد من المرضى «أن بعض الأطباء يتقاضون مبالغ مالية دون سندات رسمية منهم مقابل المعاينة العادية بالسماعة، وما خفي كان أعظم».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى