شاعر لخص المعاناة في معنى

> «الأيام» جهاد جميل محسن:

> لايزال الشاعر القدير (علي عمر صالح) يعاني من أوضاع الوجع والمرض والسقم ويتحسس بمرارة مشاعر الأنين والكمد والألم، ويحترق كالشموع المضيئة بصمت مع ميلاد كل قصيدة كتبها بدموع الليالي وحسرة العاشق المكلوم.

وهو الذي قدم عصارة جهده وأعوام عمره في خدمة الوطن والثقافة والفن مستلهماً بإحساسه لحظات الحب والحنين وراسماً بوجدانيته لوحة الحلم الإبداعي الجميل بكلمات وأغنيات خالدة، خلل فيها الكثير من الحكمة النبيلة الخلاقة والكلمة الصادقة الخلابة التي تغنى بها نخبة من ألمع نجوم الطرب في اليمن منهم - محمد سالم بن شامخ- أحمد بن غودل - محمد مرشد ناجي - عصام خليدي - أمل كعدل - وغيرهم العديد من الفنانين المبدعين الذين بعضهم غيبهم الموت، والبعض الآخر توارى عن ساحة الفن والعطاء بسبب تجاهل وإهمال وهضم الدولة لكل حقوقهم ومكانتهم، في دولة يتصارع فيها كبار المسؤولين والسياسيين من أجل النفوذ والمكاسب والمناصب.

ويتساقط في رحاها المبدعون الأوفياء الذين ساهموا في عطائهم وإخلاصهم على إبراز هوية الوطن ومكوناته التراثية والحضارية والارتقاء بجوانبه الثقافية والتنويرية والإبداعية .

حياة هذا الشاعر الوطني هي قصة كفاح وأحزان كثيرة صادف عبر مختلف مراحل حياته الكثير من الأزمات والجراحات النفسية بدءً من (بتر ساقه) الذي لم يثنيه عن مواصلة إبداعه وعطائه بالكثير من الصبر والإصرار والإرادة ليحصد عام 2006م ثمار صبره وعزيمته بطباعة ديوانه الشعري الأول الموسوم (براعي وحطابة) الذي حمل نتاج باكورة من الأعمال والقصائد الوطنية والعاطفية مدوناً فيها أسلوباً سلساً ونموذجاً جميلاً وراقياً من نصوص ومحتوى الشعر الشعبي (العالمي) المؤثر في وجدانيات ومشاعر كل الناس والعاشقين وتواترت الأقدار تباعاً وانبرت صفحة الأيام لتكتب ثاني أصعب لحظات حياة شاعرنا في (بتر ساقه الأخرى) عام 2007م ولم تمهله تلك الأقدار رويداً ليدمل جراحه ويسترد عافيته حتى صدم باقسى نبأ تلقاه في حياته برحيل خليل عمره (زوجته الفاضلة) تاركة له اثنى عشر من البنين والبنات وتركة كبيرة من الذكريات الكثيرة التي تقاسمها مع بسمة فؤاده وشريكة حياته بكل حلاوتها ومآسيها وبكل أفراحها وأتراحها وبكل شخوصها وتفاصيلها .

هذا الشاعر القدير والغزير بالمشاعر والأحاسيس الذي لخص لنا المعاناة في معنى واختزل الحزن والدمعة في صورة وقصيدة، وجد نفسه اليوم أمام مرحلة عذاب صعبة سوف يقاسيها وحده في رحلة الأيام وغياهب السنين والأعوام وبمنأى عن أغلى الأحباب وأعز الأصحاب والذي لم يشاء أن يستجدي يوماً ولو قليلاً من عطف واهتمام المسؤولين في الدولة بعد أن قدم وأعطى للوطن بدون ثمن وخدم وأخلص للشعر بغير حساب لأنه شاعر عفيف وشهم ورجل وعزيز وشامخ وصاحب تقاليد عظيمة ومبادئ رفيعة ومشاعر رائعة علمتنا كيف نصبر وقت الشدائد والمحن ونحقق الغايات بالإرادة والطموح وكيف نستلهم من المعاناة الدائمة والدموع الدامية معاني الحب والقوة والعزيمة .

فصبراً أبا عمر فما عهدنا منك اليأس والاستسلام لساعة العذاب والألم وأنت من علمنا كيف نصمد ونصبر ونحب ونتشبث بالوطن أكثر وأكثر .. حتى وإن جار علينا وخالجنا شعور الخوف منه والإحساس بالغربة فيه.فلابد أن تعود يوماً فرحة الأحبة، ويرقص الوطن على أنغام الفن البديع ونجني معاً زهور الربيع ونرقص سويا تحت أفياء الحرية والفرحة، وننسى أحزان الماضي وجراحه .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى