الاستثمار والاستهتار!!

> عبدالله ناجي علي:

> لأكثر من ثلاث عشرة سنة مضت والإشكالية المسماة بمعوقات الاستثمار في بلادنا لاتزال الموضوع الذي يحتل الأولوية عند المهتمين بقضايا الاستثمار والتنمية، خاصة الباحثون الاقتصاديون ورجال المال والأعمال الحقيقيون وليس المزيفين. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا تحول موضوع معوقات الاستثمار في بلادنا إلى مشكلة مزمنة كما لو أنها مشكلة غير قابلة للحل؟!

ففي عدد كبير من المؤتمرات والندوات وورش العمل وحلقات النقاش التي تتناول الوضع الاقتصادي في بلادنا، نجد أن موضوع معوقات الاستثمار دائماً ما يأخذ نصيب الأسد من النقاشات الطويلة.. والنتيجة المؤلمة تكدس نتائج تلك الدراسات العلمية في أدراج مكاتب أجهزتنا الحكومية..!! فكل الدراسات قدمت الحلول الجذرية لمعوقات الاستثمار والمتمثلة بسوء الإدارة.. الفساد.. وهشاشة العمل المؤسسي لأجهزة الدولة.. والطامة الكبرى التفسيرات الذاتية للنصوص القانونية الخاصة بقانون الاستثمار من قبل متنفذين يسخرونها لمصالحهم الذاتية الضيقة..!! بينما قانون الاستثمار في مجمله تصب نصوصه القانونية لصالح الاستثمار وتنميته وتشجيعه، والاستثمار وما يتطلبه من إدارة حديثة.. وتطبيق سليم للقوانين وتوفير بنية تحتية متكاملة: موانئ، مطارات، طرقات، كهرباء، مياه، خدمات مصرفية، اتصالات متطورة..وقضاء نزيه ومستقل.. فكل هذا العناصر المطلوبة لجذب الاستثمارات إلى بلادنا.. نجد أن البعض منها غير متوفر بالمستوى المطلوب..!! إن لم تكن معدومة في بعض الأحيان خاصة عندما يكون على رأس بعض المؤسسات المرتبطة بالعملية الاستثمارية أناس يجهلون تماماً دور الاستثمار بصفته عنصراً أساسياً ومهماً للدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، وبالتالي مساهمته- أي الاستثمار - في توفير عمل للشباب العاطلين عن العمل.. وتكون المحصلة النهائية تحسين الوضع الاقتصادي للبلد بشكل عام .

فالحديث عن الاستثمار ومعوقاته من قبل الباحثين المختصين ورجال المال والأعمال نعتقد أنه قد وصل إلى درجة من التشبع بل والتخمة.. ونجزم بأن حل هذه المعضلة يتطلب إرادة سياسية مؤمنة بعملية التغيير نحو الأفضل.

فالدراسات موجودة وفيها حلول شاملة، فقط هي بحاجة إلى قرارات سياسية تترجمها إلى واقع ملموس.. اصحوا يا ولاة أمرنا كفاكم نومة أهل الكهف، فالعالم من حولنا يتقدم بسرعة.. ونحن للأسف مازلنا متقوقعين في مواقعنا نناقش معوقات الاستثمار لأكثر من ثلاث عشرة سنة دون أن نقدم لها الحلول الجذرية!!

فكل ما نقوم به من حلول ترقيعية ومسكنات آنية يستحيل أن تصنع لنا مناخاً جاذباً للاستثمارات.. بينما المطلوب إيجاد حلول جذرية تتجه نحو تفعيل القوانين بإدارة حديثة ومحاربة للفساد.. والأهم من هذا كله تطهير الجهاز الحكومي من العناصر المستهترة بالأنظمة والقوانين.. فعقليات الاستهتار هي التي حولت بلادنا إلى منطقة طاردة للاستثمار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى