«الأيام» أيامها تاريخ وإبداع

> عبده فارع نعمان:

> أمامنا أمر واقع نراه ونلمسه ونعيشه ونسعى دوما لترسيخ ثقافته، ولا مناص منه، هو الوحدة اليمنية التي غيرت الدهور والأيام، ولن تعود إلى الخلف مهما اشتدت الضغوطات غير الواعية عليها، ومهما تزاحم أو تسابق المكتسبون وذوو المصالح الذاتية، وطالبو الزعامة من أجل استثمارها بالتراجع عنها، وفرض الوصاية على الجماهير اليمنية صاحبة المصلحة الأولى في الوحدة كأمر واقع صنعته هذه الجماهير وحركتها الوطنية وحدها منذ بزوغ فجرها بالنشأة والتنشئة من أفراد معدودين في البداية، كان أولهم السيد محمد علي الجفري رحمه الله الذي عمدها في الخمسينات كقضية جماهيرية ثمثلت بجنوب الجزيرة العربية حينها.

إذن الوحدة اليمنية موروث تاريخي يملكه الشاب اليمني كشعب لا كأشخاص، وكانت «الأيام» أول السجلات الناصعة التي جسدتها على لسان مؤسسها الوطني الغيور الأستاذ محمد علي باشراحيل رحمة الله عليه، الذي يعد واحدا ممن تميزت كتاباتهم بالموضوعية، لخلوها تماما من الانفعال أو ردود الأفعال أو التجريح، فهو إذا نموذج للموضوعية والتجديد في بلورة الآراء والأفكار التي كانت تشخص وتعالج أمراض الواقع الذي نحن بسلوكنا اليوم جزء منه.

ولم يكن هذا الواقع على الإطلاق من صنع نظام سياسي معين أو فرد من هواة الزعامة والتسلط، لا وألف لا، لايمكن لأحد من الناس أن ينسب التاريخ والأيام الخالية بأحداثها إليه شخصيا، إو إلى وضع سياسي ليس إلا مهترئا ليستأثر به ويجعل منه لوحة براقة لايراها إلا هو وحده، ولاتعكس إلا وجهه، أيا كان، للتباهي بها، ولتغطية العجز عن تقديم البراهين والحجج للجماهير عند الضرورة حول كل الممارسات والسلوك (المتراجع) بالتقادم، وبدون حياء أو خجل أمام التاريخ الحقيقي بحداثته ومعاصرته للحياة، ولكن (عديم الحياء يصنع مايشاء) فوجهه مكشوف في كل المراحل التاريخية أو المنعطفات السياسية، حتى وإن حاول الاختفاء وراء ستار أسود، فهو مكشوف مكشوف شاء أم أبى.

والدعوات المتداولة في الساحة اليمنية بين عدد من الساسة والناشطين المطلبيين إلى العودة بالأرض اليمنية والإنسان اليمني إلى ما قبل 1990، وهو أمر بعيد المنال، لأن الأيام غير الأيام، والأوضاع غير الأوضاع، فهذه الدعوات إن وجدت الأرض الرخوة لن تعود إلى سابق عهدها أو إلى الأسبق منها فحسب، ولكنها ستصيبنا بمقتل من حيث تمزق الشعب إلى أشلاء والأرض إلى أجزاء وأشطار، وهناك خرائط جاهزة بخبثها لهكذا مشاريع بكل مضارها، وهذا ما لا ينبغي أن يحصل أوحتى يشار إليه بالبنان، لأن الوطن لن يكون نصيبه إلا المعاناة والعراقيل التي تضعه في مؤخرة حركة الشعوب التاريخية، وتكريس هذه الاتجاهات تزرع في أذهان المجتمع وعيا خاطئا ومتخلفا قد تكون له نتائج كارثية كنا قد تجاوزناها كثيرا بالنظر إلى مورثاتنا الثقافية والاجتماعية والتاريخية، وكل مايمت بصلة إلى الوحدة الوطنية والديمقراطية والحرية.

وهو الأمر الذي يهيب بكل ذوي الضمائر الحية والقيم الإنسانية والشهامة اليمنية أن تربأ بمسئوليتها الوطنية إلى مستوى الرقي الذي يضع وحدة الأرض وتماسكها فوق كل مستوى، ويضع من الناحية الأخرى لم شمل اليمنيين فوق كل اعتبار وفوق كل المصالح الشخصية، ومعها الالتزامات الخجولة من البعض ممن يعادوننا تحت ثوب الصداقة المخادعة! فاحذروا كل حراك وما يهدف إليه.. أما القضايا المبدئية فالغلبة لها، وستتحقق بدون أية خسائر بشرية أو مادية، وستكون ثمارها الحب والوئام والإخاء وتضافر الجهود في البناء والتعمير والنهوض بالوطن والشعب نحو الرقي والازدهار الذي يضع الإنسان اليمني عند مسئوليته، وفي مستوى متقدم من العيش الكريم، وسيكون الشعب مهيئا لتقبل كل الاحتمالات الإيجابية وتطويرها والسلبية وتصحيحها بالحنكة والحكمة، ومجابهة الكارثية منها بالصبر والشجاعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى