أين الحكمة ؟

> عبدالقوي الأشول:

> مأزق السلطة والأهالي في ردفان والضالع وطور الباحة دخل مرحلة ماكان لها أن تكون لو أن المعالجات المتخذة إزاء الحراك الجنوبي بصفة عامة اتخذت منحى عقلانيا، ومسلكا جديا بهدف احتواء تلك التداعيات ومنع وصولها إلى المستوى الراهن، الذي لاشك أنه بات يمثل مأزقا آخر للسلطة والبلد والأهالي في تلك المناطق المتزايد حراكهم جراء بعض الاستفزازات والمواجهات المبالغ في أمرها، والتي بلغت حد إنزال أرتال الجند والمدرعات وصواريخ الكاتيوشا في شوارع ومنافذ المناطق، بما يوحي أن البلد في حالة حرب تدار رحاها بين طرف أعزل وقوات حكومية بعتادها العسكري وأعدادها الكبيرة.

نعم لا أحد يقبل بأي حال بالاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة والفوضى التي برزت في تلك التظاهرات، إلا أن مثل هذا المنزلق أو المحذور لايمكن استبعاده خصوصا وحال التعاطي مع الحراك الجنوبي بصفة عامة قوبل بالرفض والشجب وعدم الاعتراف بالمطالب الحقوقية التي يرفعها هؤلاء، أي أن السلطة تغض الطرف عن حقائق الواقع المتمثلة في مستوى التردي المعيشي والإقصاء المجحف والبطالة المتفشية وسط الأهالي في مناطق فقيرة للغاية، واصفة تعبيرهم السلمي بنوازع الروح الانفصالية أو الحنين إلى الماضي والتمرد المنافي للحقائق، رغم أن الحقيقة مختلفة، ونكران الوضع الذي بلغه هؤلاء فيه قفز على الحقيقة والحقوق، وتجاوز للعقلانية والروح الوطنية المسئولة الحريصة على الوطن ووحدته.

فعلى السلطة أن تتخيل وضــع الشبــاب العاطل عن العمل والمنعـدم أفق الأمل تجاهــه منذ عقـد ونصف من الزمــن، حال أججتــه دون شك مستويات تصاعدية في الأسعار، أعيت هؤلاء تماما من تدبير أمورهم، أي أن الأحوال بلغت لديهم مستوى اليأس، أو هو حال يدفع بهؤلاء وبقوة إلى أتون مواجهة، بغض النظر عن نتائجها.. فلماذا إذن تلجأ السلطة في هذه الحال المحتقنة إلى الدفع بالتعزيزات العسكرية والمظاهر المستفزة للآليات العسكرية الثقيلة التي لاتكون مناسبة إزاء مواطنيها العزل أصلا من السلاح؟!

ثم إن المراهنة على انكفاء هؤلاء البسطاء جراء مواجهة من هذا النوع، وظروف حياتية قاهرة، تدحضه حقائق التاريخ والمقاومة المرتبطة بهذا الامتداد منذ القدم، والحديث دون شك لايعني التخمين المسبق بالمنتصر في مثل هذه الحال، خصوصا وبلادنا لاتتحمل ظروف عدم الاستقرار، وتلك البؤر التي لها تأثير عميق على اقتصادنا الضعيف، والنسيج الاجتماعي الذي لاتخطئ العين تداعياته، أي أن الحديث لايكون في مثل هذه الحال المؤسفة عن استعراض القوة أو تقديم بطولات خارقة وبواعث خيالات غير منطقية ولا واقعية، أو الاعتداء على الممتلكات ونحوها من التداخلات التي تصاحب مثل هذه الأوضاع التي لايمتلك أي من أطرافها القدرة على منع تداعيات الأوضاع ووصولها إلى غايات لاتحمد عقباها.

إن الحلول دون أدنى شك لاتكون إلا بتغليب الحكمة والمنطق، لأن مصلحة الجميع والوطن معقودة على ما يمكن أن تتلخص من معالجات منطقية تبدأ بالاعتراف الواضح بمخاطر الحراك والحقوق المرتبطة بذلك، ومنع الاستفزازات المولدة لمزيد من الفوضى في مساحة وطن يئن تحت قدر من المعاناة والبؤس، وكل ما ينذر بما هو غير سار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى