قراءة في ديوان (لك يارسول الله) للشاعر هائل سعيد الصرمي

> «الأيام» رياض الأديب:

> أشرق ديوان ( لك يا رسول الله ) على الدنيا كما تشرق الشمس على أرض جدباء تستنشق عبير بحرها و تحوله إلى قطرات صافية تهطل عليها لتزرع البسمة و الخير في أرجائها و تحولها إلى جنة خضراء و سهول يانعة تزيد إشراقتها معنى وجمالا.

و من روح معلقة ببارئها ومحبة لنبيها, أصرت إلا أن تجهش بكل ما يدور في فلك صدرها لتصدع بكلمات شعرية تستفيض من ينبوع الفؤاد كرامة و من الإسلام عزة و هي تصف و تمدح نبيها و إمام المرسلين بقولها :

لك يا حبيب الله بين جوانحي ... ولهٌ يغرد في دمي و قراري / أنا ما عشقت سواك في هذي الدّنى ... فاسأل دموع الشوق عن أخباري / لو يعلم الباغون قدر محمد ... بالإفك ما اقترفوا لظى الأوزار/ بأبي و أمي أنت يا نور الهدى ... يا ماحي الظلمات والأستار .

أبيات شعرية تجبر العين على ذرف الدموع و نحن نتأملها و ننسج في مخليتنا مقدار المكانة التي يتمتع بها نبينا عند الله وملائكته والمؤمنين أجمعين, وما تتعرض له هذه الرحمة المهداة للعالمين من استهتار في حقها من قبل أعداء الإسلام و السلام في معادلة تصعب في بادئ الأمر فهمها و حين الولوج في الأبيات التي جعلها الشاعر مفتتحا لديوانه وهو يقول: حن اليرع إلى الدفاتر ... يروي بها وهج الخواطر/ حرّان يخطب في الورى... بلسان أحرفه يناصر / اليوم يغضب للحبيب ... محمد مليار ثائر / اليوم ينتحر الردى ... وتدور في الباغي الدوائر. كأن الشاعر يريد أن يترجم حملة الإساءة إلى النبي (ص) إلى خير عم على جميع المسلمين فالرسوم هي التي جعلت اسم محمد يتردد في كافة وسائل الإعلام العالمية و أيقظت في قلوب المسلمين اسم نبيهم ومحبتهم له, أرادوها مكيدة فكانت بلسما للحبيب (ص) وتحولت إلى حنين و شوق و دفاع عنه في الدفاتر و الصحف والمجلات وهي تروي سيرته العطرة وتنتصر له بأفعال تريح الخواطر و تصور مقدار الغضب الذي اجتاح مليار مسلم ثائر لأجل نبيهم و النتيجة في النهاية أن تدور على الباغي الدوائر و ينتحر صاحب فكرة الرسوم. و لأن الشاعر يفخر بالإسلام و نبيه نجده يصور لنا بعدا آخر عنه و هو يخاطب و يبشر الرسول (ص) في قصيدة (كل الملايين أصفار و هم رقم) بما صنعه رجال الله في لبنان بقوله : تبسم الفجر و الوجدان والقلم... في واقع ملؤه الأوجاع والألم/ فهل ابشر يا طه بما صنعت ... يد الكرامة والنيران تحتدم / يا قائداً علم الدنيا كرامتها ... و ماجداً خلدت تاريخه الأمم/ هم قلة صنعوا التاريخ في شمم ... في قلب غزة في لبنان ركبهم / بقلة جذوة الإيمان عدتهم ... كل الملايين أصفار و هم رقم. في هذه الأبيات التي شاءت الأقدار أن تكون عددها 33 بيتا بعدد أيام الحرب التي دارت في لبنان نجد أن الشاعر ليس وحده الذي يبتسم للنصر الذي حقق و انتصرت فيه قلة مؤمنة على كثرة باغية فهناك الفجر والوجدان و حتى القلم الذي يشارك في فرحة النصر و هو يخاطب قائد البشرية بأبيات شعرية توحي بالعزة والنصر لجند الله في الميدان في صورة شبيهة بقول الشاعر الشهيد أبو الأحرار محمود الزبيري : سجل مكانك في التاريخ يا قلم ... فها هنا تبعث الأجيال والأمم / هنا البركين هبت من مضاجعها ... تطغى و تكتسح الظالم و تلتهم.

و مع كل هذا الفخر الذي ينتشي به الشاعر نجده فجأة لا يستسيغ حلاوة النصر و هي تتحول إلى مر مذاقته كطعم العلقم و هو يروي لنا صورة شعرية مؤلمة تدك و جدانه و كيانه دكا و تحول ابتسامات النصر إلى ترهات من الأنين و العذاب تعصف بالنفس البشرية عندما يتذكر قلة من المسلمين انتصرت لعقيدتها و دينها بينما الملايين منها ترقص على جثث قتلى أبناء جلدتها فهو يقول :هم الضياء المرجّى إن أمتنا .. تحسو الهوان فلا مجد و لا قيم / الكل ينهش منها دونما وجل ... كأنها رغم مليارتها عدم / تمزقت إربا في عصرنا و غدت ... في كل باب إمام البغي تنهزم / الطهر دنس والعرض استبيح بها ... وكم تحكم في خيراتها قزم .

وفي مشهد آخر يدمي القلوب في الديوان المكون من 18 قصيدة موزعة على 19 صفحة من القطع المتوسط يضفي الشاعر معاناة أخرى لأمة الحبيب (ص) بقوله : لم يتركوا نبتة في الأرض نامية.. ولا برعم طهر في الحمى رحموا / ولامسينا و لا ثكلاء ولا باكية .. أواه كم قتلوا منا وكم ظلموا؟!/ في كل زاوية من أرضنا برك .. من الدموع و في كل البقاع دم / مليون ألفاً من الأكباد في وهن .. مثل النعاج أما للقوم معتصم ؟/ انظر لأشلائنا في كل ناحية .. كأنما نحن في في عين العدى غنم/ مجازر ذاب منها القلب وانصدعت .. لهولها الصخرات الصم والقمم.

صرخات تجتاح قلب الشاعر و هو يطلق صرخة مدوية إلى رسول الله ليستيقظ ويرى أمة المليار ماذا حل بها من خراب و مجازر تتصدع لهولها الصخور و الجبال و هي تروي كل زويا الأرض بدماء المسلمين .

وفي قصيدة (نور سرى) يؤكد الشاعر مكانة الرسول إذ يقول : أنا ما نسيتك يا حبيبي لحظة ... كلا ولن أنسى الدليل المرشدا / أنا لم أزل أحيا بذكرك دائما ... أتلو الصلاة عليك حتى أسعد / أنا لم أزل ألقى لقلبي أنسه ... عند الترسم والتأسي بالهدى / أنا لو نسيت العالمين جميعهم ... سأظل أذكر ما حييت محمدا.

أبيات تتحدث عن نفسها فمهما انقلبت الموازين و تغيرت خريطة الكون سيظل محمدا (ص) حبيبا في قلوب العالمين و الشاعر يؤكد ذلك بكلا ولن تنسى السيرة العطرة لهادي البشرية و خير الناس أجمعين .

صدر للشاعر الصرمي إلى جانب هذا الديوان الذي شاء أن يقدمه بنفسه حبا وإجلالا لرسول الله أربعة دواوين أخرى هي: -1 حبات قلب - تقديم حسن الصغير حمود يغنم , -2 نبض الفؤاد - تقديم د.عبدالولي الشميري،-3 زنابق الروح - تقديم د.عائض القرني, -4 ديون آلام و آمال- تقديم د. عبدالرحمن العشماوي - وجميعها من إصدارات مكتبة التوبة (السعودية) .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى