الاعتصام هو الحل

> عمر محمد بن حليس:

> دنيانا القصيرة إذا أمعنا النظر في زوايا مرآتها نراها مليئة بالخيرات والمسرات، وفيها نعم المولى الكثيرات التي لاعدد لها ولا إحصاءات، لكنها بالمقابل مليئة بالنوائب، مثخنة بالشدائد، مزدحمة بالمفارقات فيها، وبظرف لحظة يتحول الفرح إلى حزن، ويصغر الكبير ويكبر ويتكبر الصغير ويذوب الحالي بالمرير وقد تختلط الألوان لتشكل لونا واحدا، ومثلها الأصوات تشكل صوتا واحدا (لايهم إن كان لونا أسود وصوتا نشازا!!).

لسبب أو لأسباب يشعر المرء أن دائرة التفكير بدأت تصغر وتضيق، فيتمكن منه هذا الشعور إلى أن تتملكه روح انهزامية، فتجده محاصرا لذاته دون رغبة من لدنه فيصبح عندئذ صيدا سهلا للآخرين من هواة أو محترفي الاصطياد الذين يرمون شباكهم ليقع فيها قليلو الحيلة ممن لا دراية لهم بما وراء الأكمة من ناحية، ولضعف الإيمان في نفوسهم من ناحية أخرى، فيجدون أنفسهم في تلكم الشباك بدون إرادة منهم فيكون الثمن أغلى مما يتصورونه.

إذن مادام الأمر كذلك، ولمواجهة هكذا ظروف فأرى أن الاعتصام بحبل الله وعروته الوثقى هو الحل.. نعم الاعتصام بحبل الله هو الحل، ففيه المخرج وبه الهدى إلى سواء السبيل، إضافة إلى أننا سنبعد أنفسنا من خلاله من الوقوع في شراك الخداع أو فخاخ المأزومين، بل وسننأى بأنفسنا بعيداً عن تلك الرياح الصحراوية التي لا فائدة منها إلا عمى العيون برمالها المتحركة المزعجة وغبارها الذي يزيد من صعوبة الرؤية ويحول دون التبصر وإدراك الطريق، ويمنع ديمومة السير واستمرارية الخطأ.

إنها دعوة للاعتصام الذي يؤلف القلوب ولايشتتها، ويشابك الأيادي ولايفرقها، ويجمع النفوس ولايبعثرها، دعوة للاعتصام الذي على هديه يؤكد الأنسان أنه مخلوق بشري وأن الله سبحانه وتعالى استخلفه في الأرض ليعمرها ويشيدها لا ليدمرها ويحولها إلى أثر بعد عين، ليزرع بذور المحبة والألفة والإخاء بدلا من بذور الحقد والكراهية والتباغض.

فلننظر ببصائرنا ونقرأ بعقولنا ما أمر به الحق تبارك وتعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا» صدق الله العظيم.

فهل بعد كلام الحق يأتي كلام من بني آدم ليكون أبلغ القول؟!

حاشا وكلا!! وهل فهمنا ما تعنيه هذه الآية الكريمة، وما المفترض أن تشكله وتكونه بداخلنا.. إننا بحاجة إلى إعادة صياغة أنفسنا وتكوينها جراء ما أصابها من صدأ أوعطب.. بحاجة إلى إشعال قناديل نور الإيمان والسير على هديها قبل أن تنقطع بنا السبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى