كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> أيام الاستعمار البريطاني (البغيض) في عدن.. كنا نقول إن عدن تصرف على بريطانيا.. ولم يكن هذا هو المقصود من هذا الكلام.. وإنما الذي كنا نقصده أن عدن كانت سوقا تجارية كبيرة لبريطانيا بحكم موقعها الإستراتيجي في المنطقة.. كما كان ميناء عدن ثالث ميناء في العالم حينذاك.. وكان أكبر محطة لإعادة تصدير البضائع البريطانية وغيرها إلى المناطق المجاورة (شمال اليمن والمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي وشرق أفريقيا).. أما اليوم فقد أصبح ميناء عدن لاشيء بعد أن حكموا عليه بالموت قصدا وعمدا.

> وكنا نعتقد أنه إذا خرج الإنجليز من عدن بعد الكفاح المسلح في المدينة والريف.. فإننا قادرون على بناء ما تهدم.. ويكفينا أن ننطلق من استغلال عائدات مينائي عدن البحري والجوي إلى نهضة اقتصادية كبيرة وسياحية واسعة.. وأن نبحث لنا عن شيء أنفع من الكلام.. لنا ولبلادنا.. بعد أن تعبنا من سماع الخطب والمناقشات السياسية وقراءة المنشورات والشعارات المكتوبة على الجدران في كل مكان.

> وكنا نعتقد أننا نستطيع أن نفعل الكثير بعد الاحتلال وخروج الإنجليز من عدن..لأن الاحتلال كان عائقاً كبيرا للعمل والإرادة والإبداع.. وهذا صحيح في أكثر الأحيان.. ولكن احتلال أمريكا مثلا لألمانيا واليابان لم يمنع الدولتين من العمل والإبداع والتفوق.. ثم ما الذي فعلناه نحن بعد الاستقلال.. طردنا بريطانيا من الباب.. وأدخلنا السوفييت من النافذة.. أي أننا خرجنا من احتلال ودخلنا في احتلال آخر.. وبقينا نواجه أنفسنا أمام كل احتلال.. ولم نستطع أن نفعل شيئا مما كنا نتمناه.. واكتفينا بالحسرة والندم على ما وصلنا إليه.. أو على الذي لم نصل إليه.

> صحيح أن بريطانيا لم تفعل لنا الكثير في عدن والمناطق الريفية.. ولكنها تركت لنا أعظم نظامين في المنطقة كلها.. النظام الإداري والنظام المالي.. بشهادة علماء الإدارة والمال في مصر والعراق والمنظمات الدولية الأخرى، وإذا كنا لم نتفق على معنى من معاني الرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية والتنمية الصناعية والزراعية والعدل والمساواة بين الناس.. فقد اتفقنا على تدمير أحسن وأفضل نظامين في الإدارة والمال بعد الوحدة في 22 مايو 1990.. حتى أصبح النظام الإداري والمالي في بلادنا من أسوأ الأنظمة في البلدان العربية والبلدان المتخلفة والنامية أيضا.

> إن الموظف اليمني في بعض المناطق- وليس كل الموظفين طبعا- يقضي وقتا قليلا في العمل.. ثم يطلب راتبا عن الوقت الرسمي المحدد للعمل.. ثم يعود (بعض الموظفين في بعض المرافق الحكومية) لتخزين القات بعد الظهر في مكاتبهم ويطلبون أجرا إضافيا على الوقت الإضافي الذي أمضوه في ضياع الوقت، وتخزين القات، ومناقشة (قضايا العمل) التي لم ينجزوا منها شيئا.

> بقي أن أقول الذي قلناه طوال الأعوام الماضية.. إننا غير جادين ولا مستعدين للاستفادة من عدن (المنطقة الحرة).. ولازلنا نتذكر- إذا كنا قد نسينا- أننا كنا نقول لأنفسنا إذا خرج الإنجليز من عدن سوف نجعل من عدن (الخير والبركة) منطقة حرة لامثيل لها في العالم.

> ولكن لابد أن المانع من ذلك أن الأحقاد قد تزاحمت في القلوب.. ولذلك لم تعد عدن هي عدن التي كنا نحلم بها أن تكون بعد الاحتلال البريطاني >>

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى