حقـول ..العمر كله في أوكيناوا

> «الأيام» صلاح بن محرز:

> قبل أيام اشتريت رواية لشوساكوانو بعنوان (البحر والسم) تدور أحداثها في عدد من المدن اليابانية من بينها مدينة يابانية تدعى أوكيناوا تقع في جنوب اليابان، وهذه المدينة غريبة حقا، فهي تجمع أكثر المعمرين على مستوى العالم، حيث يتجاوز سن الفرد هناك المائة عام (ما شاء الله) وهو مازال في صحة جيدة، طبعا لم يفت العلماء أن يلاحظوا مثل هذه الظاهرة، بل أنهم ما فتئوا يبحثون عن أسباب العمر الطويل لسكان هذه المدينة الصغيرة، فوجدوا أن السكان في أوكيناوا يعتبرون من أقل سكان العالم تناولا للطعام، حيث تقتصر وجبات معظمهم على وجبتين أو ثلاث وجبات خفيفة، هذا الشيء يذكرني ببحث أجرته جامعة سيدني تحت قيادة البروفوسور آرثر إيفرتي أستاذ مشارك في جامعة سيدني بأستراليا وطبيب بمستشفى كونكورد لاحظ فيه وجود علاقة بين كمية الأكل التي يتناولها الشخص وبين العمر الذي يصل إليه قبل وفاته، فكلما كان أكل الشخص قليلا عاش فترة حياة أطول وزاد عمره، وأرجع آرثر تفسير هذه العلاقة إلى عدد من النظريات.

أما أولها فيعود إلى موت الخلايا بسرعة كلما أكثر الإنسان من تناوله للطعام، فكما هو معروف تتم خلال عمليات الهضم والميتابولازم إطلاق مواد مؤكسدة تتراكم هذه المواد مع الزمن لتهاجم خلايا الجسم وتؤدي إلى وفاتها، وطبعا بقلة الأكل تقل عمليات الميتابولازم في الجسم ويقل إطلاق المواد المؤكسدة.

أما النظرية الأخرى فركزت على الأمراض التي تصيب الناس الذين يتناولون الطعام بشكل شره، فمن الطبيعي أن يتعرض هؤلاء للسمنة وأمراض الضغط والسكر وتصلب شرايين القلب أكثر من غيرهم.

أما جريدة الديلي غراف البريطانية فقد نشرت في عددها الصادر بتاريخ 18 فبراير 2008م بحثا للبروفوسور ستيفن سيمبسون من قسم الأحياءء البيولوجية بجامعة سيدني قام به مناصفة مع أساتذة من جامعة (Macquarie)، وكان البحث قد أجري على العديد من الحيوانات من فصائل الطيور والحشرات لمعرفة العلاقة بين تناولها للطعام وبين قصر أعمار معظمها، فوجدوا أن هذه الطيور تكثر من تناول البروتينات ضمن وجباتها، وهو ما يؤدي إلى وفاتها مبكرا، ومع ذلك لا تستطيع هذه الطيور الاستغناء عن البروتينات لأهميته في نشاطها وتكاثرها، كما أنها لا تحسن التوازن في غذائها مما يعرضها للموت مبكرا، فيقول ستيفن سيمبسون أن «ذلك قد يدل مستقبلا على أن تناول الطعام بكثرة وخصوصا البروتينات هو السبب الرئيس لقصر العمر حتى في الثدييات ومنها الإنسان». وقبل أن أختتم بنصيحة أبو عثمان الثوري الشهيرة لابنه أؤكد ذلك أن كل الثقافات والعلوم تنصح بعدم الإكثار في الأكل شريطة أن تضم وجباتك القليلة طعاما مركزا بالمواد المفيدة المهمة للجسم.. والآن إليك ما قاله الثوري: »أي بني قد بلغت تسعين عاما ما نغصت لي سن، ولا انتشر لي عصب، ولا عرفت ذنين أنف، ولا سيلان عين ولا سلس بول، ما لذلك إلا التخفيف من الزاد».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى