مسئولية أعضاء مجلس المحافظة والمديريات في عدن

> محمد فارع الشيباني:

> في بداية النصف الثاني من القرن العشرين الماضي، كانت هناك قاعدة تنظيمية في حركة القوميين العرب تقول: «نفذ ثم ناقش»، وكانت هذه القاعدة التنظيمية ملزمة لكل من هو عضو في هذه الحركة، ولم تكن تقبل أي نقاش، وكان العضو ملزم بتنفيذ التوجيه الذي يأتيه من مرتبة تنظيمية أعلى منه، حتى لو كان ذلك التوجيه يتعارض مع قناعاته الشخصية، ولا أدري شخصيا من أين أخذت الحركة هذه القاعدة، كما لا أعرف التنظيم الذي بدأ استعمالها.

وعندما ظهرت الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل انتقلت هذه القاعدة إليه، لأن حركة القوميين العرب كانت الفصيل الأكبر والمؤسس للجبهة القومية، ولقد سبب الالتزام بهذه القاعدة من قبل الأعضاء مآسي لا مجال لذكرها هنا، كما أنه لا داعي لها، ونحن في عهد التسامح والتصالح، وعندما تحولت الجبهة القومية إلى حزب اشتراكي استبدل اسم هذه القاعدة التنظيمية باسم (الديمقراطية المركزية) المأخوذ من الحزب الشيوعي السوفيتي، مع أنه يعني نفس الشيء، وهو الالتزام بالتوجيهات التي تصدرها القيادات العليا في الحزب.

هذا في الجنوب، أما في الشمال فقد نشأ (المؤتمر الشعبي العام) كتجمع فضفاض تلتقي تحت سقفه جميع الاتجاهات حزبية كانت أم غير ذلك، لأنه أريد له أن يكون ملتقى للجميع بعيدا عن الالتزامات الحزبية الشديدة والنظريات الأيديولوجية، وهكذا بقي حتى بعد قيام الوحدة، وحتى الآن ليس فيه قواعد حزبية ملزمة أو أيديولوجية معينة غير شعارات وطنية عامة، ولكن مع الأسف الشديد هناك الآن في القيادات العليا للمؤتمر من يحاول أن يدخل قاعدة (نفذ ثم ناقش)، وهؤلاء يسعون إلى أن يتم توجيه القواعد بطريقة إلزامية إلى تنفيذ ما يأتيهم من القيادات العليا، حتى ولو كانت تلك التوجيهات ضد قناعاتهم الشخصية أو ضد مصالحهم في المنطقة التي يعيشون فيها ويعرفون خفاياها، لأنهم يحتكون بالواقع ويعرفون ما يريده الناس، والأهم من ذلك كله أن أسلوب (نفذ ثم ناقش) لم يعد مقبولا في عصر الحريات والديمقراطية، ولم يعد مقبولا حتى في الالتزام الحزبي، لأن الحوار والإقناع أصبح هو السائد حتى بين القيادات العليا والدنيا في الأحزاب السياسية.

أعترف أن هذه المقدمة طالت، ولكن أرى أنها كانت ضرورية، وأنا أعتذر عن ذلك، والآن أحب أن يكون واضحا وبدون لبس بأني لا أسعى أن أوجه أو أوصي أو أن أتدخل في قناعات مجلس المحافظة ومجالس المديريات في عدن عندما سينتخبون المحافظ القادم.. معاذ الله! فهذا الذي ليس من طبعي، ولكن أريد- وهذا من حقي وحق أبناء عدن الذين انتخبوهم والذين لم ينتخبوهم كممثلين للأحزاب التي ينتمون إليها، بل لأنهم يعرفونهم لأشخاصهم، ولأنهم عاشوا معهم في الأحياء التي يعيشون فيها معا، ولأنهم يقدرونهم، ورأوا فيهم من سيسعى لخير الناس ولخير البلد من أجل حياة أفضل ومدينة تستحق العيش فيها، لقد وضعوا آمالا كبيرة عليهم- أن لايخذلوا من وثق فيهم وأعطاهم صوته، وعليهم أن يكونوا بمستوى المسئولية وأن يختاروا محافظا يعمل من أجل خير أبناء عدن ومدينتهم، وعندما سيعطون صوتهم أثناء انتخاب المحافظ عليهم أن يذكروا لماذا وضع الناس ثقتهم فيهم، وأن يكونوا أمناء في اختيارهم تقديرا للأمانة التي حملها إياهم ناخبوهم.

اللهم احفظ عدن.. آمين يارب العالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى