انتخاب المحافظين.. تغيير أم تكريس للوضع القائم

> عبدالله محمد قاسم:

> ماهو الهدف الحقيقي من قرار انتخاب المحافظين الذي سيجرى اليوم؟ هل هو خطوة على طريق تغيير الوضع المركزي القائم، وتطوير للممارسة الديمقراطية- كما تدعي وسائل الإعلام الرسمية- أم أنه تكريس لهيمنة الحزب الحاكم على السلطة- كما يقول المتحفظون على هذا القرار -؟.

يؤكد المتحفظون على قرار انتخاب المحافظين أن العملية هي عملية شكلية وصورية ومظهرية، الهدف منها تكريس الهيمنة وليس تغيير الوضع القائم، ولا تطوير العملية الديمقراطية- كما تدعي السلطة وأجهزتها الإعلامية-، فهم يرون أن الانتقال من المركزي إلى حكم محلي واسع الصلاحيات يتطلب تعديلا لقانون السلطة المحلية، يشمل هذا التعديل القضايا الأساسية والجوهرية المتعلقة بتوسيع صلاحيات السلطة المحلية، تمهيدا لحكم محلي واسع الصلاحيات. والتعديل الأخير للقانون لم يشمل هذه القضايا الأساسية، مبقيا على الطابع المركزي، وعلى السلطات والصلاحيات المحدودة والمقيدة استمرار التبعية للمركز.. فالتعديلات لم تشمل إلا مسألة واحدة وهي انتخاب المحافظين.

بالإجمال لم يتغير أي شيء باستثناء إضافة مادة حول انتخاب المحافظين الذي قد يؤدي إلى استبدال بعض المحافظين بأفراد آخرين.. واستبدال شخص بآخر يعتبر عملية شكلية لا أهمية لها، مما يعني أن التعديل ليس للتغيير، وإنما لتكريس هيمنة الحزب الحاكم على موقع المحافظين. وهذا الأمر واضح وجلي من خلال التعديل الذي فصل على هذا الأساس.

فمن أجل أن تكون النتيجة محسومة، فالتعديل قد وضع الآلية التي تمكن الحزب الحاكم من حصر كل الموقع، وذلك بتجديده الهيئة الانتخابية، ممثلة بالمجالس المحلية التي يسيطر الحزب الحاكم على الأغلبية فيها، أغلبية مطوعة من السهل تجييشها للإدلاء بأصواتها. ولذلك ووفقا لهذا التعديل فالانتخابات لمنصب المحافظ سيتنافس فيها المنتمون إلى حزب السلطة، وأغلبية حزب السلطة في المجالس المحلية هي من ينتخب مرشحي حزب السلطة. أي أن الحزب الحاكم سينافس نفسه وسينتخب نفسه.. وهذا هو العبث بعينه.

إن هذا العبث له دلالات منها:

1) إن هذا العبث يجسد طابع الحياة السياسية الرسمية في البلد القائم على الاستحواذ على كل شيء وعلى منطق القوة، من خلال القوانين وبناء أجهزة السلطة على هذا الأساس.

2) إن هذا العبث هو نوع من الممارسة السياسية للسلطة يعبر عن فهمها للديمقراطية، فالديمقراطية في نظر السلطة ليست قيم إنسانية وحضارية وتعددية واحترام حقوق الإنسان، فقد تم اختزالها إلى انتخابات تنتج عنها أغلبية من خلال (الترهيب والترغيب والتزوير) تستخدم هذه الأغلبية كوسيلة للتسلط والاستبداد.

3) إنه يدل على عدم توفر الإرادة السياسية لأي إصلاح حقيقي، لأن السلطة ليس لها مصلحة في ذلك، بل إنها تعتبر أية عملية إصلاح تشكل خطرا على مصالحها، وبهذا يسقط الوهم الذي يتصور إمكانية التغيير من داخل النظام .

4) إن هذا العبث هو محاولة للالتفاف على المطلب الشعبي (حكم محلي واسع الصلاحيات)، من خلال التركيز على انتخابات شكلية تفرغ المضمون الديمقراطي لهذا المطلب.

هذه بعض دلالات هذه الإجراءات.. أما نتائجها فليس من المبالغة القول أنها في غاية الخطورة على البلد وعلى مستقبله، وتشكل أيضا مقتلا لأي نمو ديمقراطي.

والمضحك المحزن في الأمر أن هذا العبث الـذي تمارسه السلطة يسمونه (ديمقراطية)!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى