تزامنا مع انتخاب المحافظين والوصول للحكم المحلي وسط المقاطعة الحزبية والرفض الشعبي لعدم مباشرتها.. المرأة وطموح الحكم المحلي.. ريح عكسية وأدوار منسية

> «الأيام» كفى الهاشلي:

> تبدأ اليوم ولأول مرة في اليمن انتخابات المحافظين، وعلى الرغم من التباهي المؤتمري والمقاطعة الحزبية والرفض الشعبي، فإنها قائمة في الأخير، ولن نذهب في حديثنا هذا عنها، ولكننا سنفتح الصفحة لسطور تتحدث عن مكان المرأة، ولماذا ضعفت مشاركتها.

ولن نطلق العنان للكلمات عن حصص أقرت لها أو قرار عدل لها أو مبادرة منظمة سعت لإيصال صوتها ومنحها حق الحكم المحلي.. فالحديث عن المنافسة يستوجب وجود المنافسين أولا، والذي يعتبر تواجدهم مغيبا، طالما نحن في ساحة وضعت لفريق واحد!.

لكننا سنرحل للحديث عن القاعدة اللازم توافرها للوصول إلى رضا وقناعه الأسرة والمرأة والرجل في إمكانية جلوسها جنبا إلى الرجل كمنافس حقيقي، وفق توافر الشروط، وما هو دور الإعلام في التوعية بدور المرأه لإقناع المجتمع والمرأة نفسها بضرورة خوض التجربه وإثبات جدارتها وذاتها.

عيب.. عار.. خزي، عبارات تكاد تتكرر في أفواه الكثيرين باستثناء من نال نصيبا وافرا من الثقافة والتعليم، وأدرك دور المرأة في بناء المجتمع ومارس الثقافة قولا وفعلا، إذ إن البعض يظل متقوقعا سجين العادات حتى إن تتلمذ في أحدث المدارس والجامعات.

وتعد الأسرة البوابة الأولى للدخول في المجتمع والتعلم منه والتأثر به والتأثير فيه، فما أن توضع الطفلة الصغيرة حتى يغذيها المحيط الأسري بالثقافة التى تسري في كيانها يوما بعد يوم حتى تصبح لها أفكارها وقناعاتها. ولأنها الأم والمربية في المستقبل القادم، وتعلق أسرتها عليها الأمل في البروز ولعب دور ريادي في المجتمع، خاصة إذا كانت تمتلك مقومات شخصية تساعدها في أداء هذا الدور الذي يخدم المجتمع، إلا أنه قد يكبح جماح رغبتها بقتل طموحها بسبب العادات والتقاليد.

وقلة هن من يستطعن أن يكسرن حاجز التقاليد، ويدفعن ثمنه قطيعة العائلة، وعدم الاعتراف بهن في المجتمع، إلا أن عجلة الحياة تسير، وتبقى تجاربهن قوية.

فلماذا لانمنح المرأة حقها في الترشح، ومن المسئول في نظر المرأة؟.

سماح رياض ملهي، قالت: «في نظري المشكلة التي تواجهها المرأة تتلخص بعدم إدراكها لقدرتها في تغيير فكر المجتمع، فالمرأة وحدها من يدرك مشاكل المرأة».

وترى سماح ملهي «أن المرأة هي من يقدر حجم المشاكل التى تعانيها المرأة وليس الرجل، والوصول لمركز قيادي تستطيع من خلاله فعل شيء للمرأة هو الخطوة الأهم».

وتقول: «ترتبط كلمه عيب وعار بالفتاة منذ صغرها، وهنا ينبغي أن تكون استعدادات المرأة مربوطة بدعم العائلة لها إن كانت هي أول تجربة، وعليها أن تنظر لأي فشل بأنه خطوة في طريق النجاح.. في الانتخابات النساء يخذلن النساء، ولاندري لماذا ينظرن لأنفسهن ولشقيقاتهن هكذا؟! أعتقد أن نظرة المرأة للمرأة ماتزال قاصرة، وإسقاط الظلم والقيد عليها يؤثر بطبيعة الحال على اختيار المرأة للمرأة، فكما تقلل هي من شأن نفسها تقلل من شأن المرأة الأخرى، إذا الثقة والندية في المعترك الانتخابي مطلوبة وفق المعايير المطلوب توافرها، وأتمنى أن يدركن قدراتهن ويتركن الأنانية، وأورد هنا مثالا بسيطا عن قاضية كانت يوما تحاضرنا، فقالت «لقد علمنا أناسا هم الآن متمرسون علينا». وكانت ساخطة، فهذه أثارت سخطنا فكيف تحاضرين جيل المستقبل وتقولين هذا؟! اعتقد أن الكفاءة هي المعيار، وعلى النساء ألا يذهبن لمعترك الأنانية، لأنهن لن يحصدن شيئا في الأخير».

هذه الفتاة قد يكون الحظ حالفها في أسرة استطاعت أن تنمي لديها هذا الفكر والنظرة الجيدة، لكنها في المقابل غير مملوكة لكل العائلات، خاصة ممن يتأثرون بالمحيط الاجتماعي المتزمت.

ولأن العائلة هي البوابة، تعلق رنا أحمد سالم، في المستوى الرابع إعلام، قائلة: «عائلتي هي أساس نجاحي، لو قبلت خوضي الانتخابات وكانت مقتنعة بما أقوم به فلن يؤثر المجتمع في سيري أبدا، ولكن الفتاة تعمل حسابا للعادات والتقاليد، ولاتفكر في مزاحمة الرجل، وتكتفي بالمزاحمة في الدراسة والعمل، والانتخابات أثبتت هذا الكلام، كيف كان الرجل يرفض ويشمئز من تواجدها منافسة، ويقلل من شأنها، أنا لو وجدت دعما من عائلتي لا مانع بالنسبة لي مطلقا في خوض الانتخابات وترشيح نفسي، المهم أن تتوافق رغبتي وأهلي في هذا التحدي، وهم يربطهم بالمجتمع المحيط إتصال دائم، إذا قبل أبي وأمي وزوجي، أعتقد أنني لن أواجه أي مشكلات، المهم الأزر الداخلي العائلي، والبعض يجدن الأزر ولكنهن لايثقن بأنفسهن، وللثقة دور بارز، وهي مضمار المنافسة للكثير من النساء اللواتي يمتلكن الإمكانات والكفاءات التي تضعهن في المكان الذي قد يشغله الرجل».

وإذا انطلقنا قليلا من المنزل وافترضنا إمكانية قبول العائلة ودعمها ومساندتها للمرأة، ستخرج الفتاة إلى وسط شبابي نسبة قبول المرأة فيه كقائدة يعد مشكلة ارتبطت بالعائلة والعادات والتقاليد المجتمعية.

توجهنا إلى جامعه عدن، وتحديدا كلية الآداب التى تنام بها المجالس الطلابية، وتكاد تنعدم مشاركة الفتاة في عضوية المجالس الطلابية، وطرحنا السؤال على الأخ رشاد محمد الصنعاني، رئيس اتحاد الطلاب بكلية الآداب، فقال: «إقبال الشابات قليل، والسبب عدم ترشيحهن، وكانت لدينا فتيات جيدات في قسم علم النفس والاجتماع، ونحن لا علاقة لنا بالتوعية، لأنها دور المتحزبين، أما نحن فكنا مستجدين، وتشتمل العضوية على غالبيه في المؤتمر، حيث يشكل المؤتمر 18 من أصل 35 عضوا، والفتيات يشكلن 4 من هذا العدد، واحدة إصلاح وأخرى مؤتمر واثنتان مستقلتان، وأتوقع أن تقل نسبه إقدام الفتيات حتى من حزب الإصلاح الذي بدأ مؤخرا النشاط الملحوظ لاعتبار مهم، وهو ضرورة أن تكون الشابات مقتنعات بالإقبال على العضوية عن فهم للدور الذي يجب أن يقمن به، مثلهن مثل الشباب الذي أرى أنهم كذلك مغيبون، بسبب رحيل الصف الأول، وعدم تواجد البدائل».

وأضاف: «نحن في الآداب نواجه صعوبة كبيرة في تحمل الأعباء، ونتمنى أن تعلن اللجنة التحضيرية عن بدء الترشح، لأننا نعاني من صعوبة، فالطلاب متخرجون والبديل غائب.. عملنا انتخابات العام الماضي واستقطبنا مندوبين بالتصويت، ونأخذ المندوب من المستوى الأول أو الثاني قبل أن يتشعب قسم الإعلام في المستوى الثالث على عكس الأقسام الثانية».

رنا أحمد سالم، رأت أن «لا أحد يسمع عن هذه الانتخابات الطلابية شيئا، وقد يكون ذلك تقصيرا غير مقصود أو مقصود، حتى لاتقحم الفتيات أنفسهن، وعليهن الاكتفاء بالمزاحمة في الدراسة والعمل فقط.

وفي العمل تشكل المرأة نسبة عالية مقارنة بالرجل، خاصة في المرافق الإدارية والعمل المكتبي، حتى الأعمال التى تحتاج إلى النزول الميداني اخترقتها المرأة، وشكلت نسبة لابأس بها، من أبسط وظيفة كعاملة نظافة إلى موظفة حكومية ووزيرة، ولكن ذلك قد يكون مرهونا بالحزبية، وقلة هن من كان التحاقهن نتيجة الكفاءات، والأهم من ذلك أن هذه القيادة لاينخرط وراءها صف ثان وثالث.

ولعل ما قامت به رئيسة (صحفيات بلا قيود) الأخت توكل كرمان خير دليل، حين أقامت دورة تدريبية لقطاعات نسوية من مختلف الأحزاب في محافظة لحج، إدراكا منها لغياب هذا الصف الذي يقع عليه عاتق إكمال مشوار العمل النسوي».

وعندما سألناها عن دور المرأة في الحراك الجنوبي إبان إنهاء الدورة، قالت: «تغيبت المرأه عن الساحة، لكنها آزرته من البيت، وهذا مهم، ونزولنا لإقامة هذه الدورة هو بسبب الغياب الذي لوحظ، فالمرأه لو شاركت أعتقد أن الحراك سيأخذ منحنى جيدا ورائعا».

وتختلف الأسباب دائما، لكنها تسير في نفس الاتجاة، فالدكتورة سهى حسرت ترى أن «هناك عدم قناعة بكفاءة المرأة وقدرتها على تحمل مثل هذه المناصب الحساسة، وأيضا للاعتقاد الخاطىء بأن المرأة لن توفق بين مهامها كمسئولة وكربة بيت، ومنصب المرأة في الجامعة موجود، وأثبتت قدرتها على إدارة مثل هكذا مناصب، ولكنها بحاجة للثقة بنفسها أكثر، وبقدرتها على تحمل القيادة على عاتقها، وعلى الخوض في منافسات أكبر.

إذا خرجنا عن الأسباب لنتحول إلى كيفية علاج مشكلة قناعة المجتمع بالمراة، فتاة وطالبة وعاملة ومرشحة في الحقل القيادي، والحصول على عضوية في مركز قرار سنجد التوعية المطلوبة ماتزال مهزوزة، وفاقد الشيء لايعطيه، فإلى جانب القدوة وقبول الأسرة دعم المجتمع وتكوين القناعات أمر كبير، يحتاج أن تدعمه وسائل اتصال جماهيرية».

إذاً كيف وقف الإعلام في دعم المرأة؟ د.محمد علي ناصر، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة عدن، قال: «سأحدثك عن الصحافة فقط كمثال، لدينا إصدارات لا أول لها ولا آخر، كل يوم تطلع لنا صحيفة بشكل واسم، ولدينا صحف يومية رسمية تقربيا ثلاث، ومثلها أهلية، والباقيات أسبوعيات، أي لاتلتقي بالقارى إلا مرة في الأسبوع، انظري للعامل الزمني أولا، ثم لو تحدثنا عن المحتوى سنجد أننا لانملك صحافة متخصصة لا بالمرأة ولا بالطفل، وأطباق المواد التى تقدمها هذه الصحف لاتقرأها إلا الأحزاب وحدها لتعرف ما هو رأي الحزب الفلاني تجاه حدث وقضية ما في المجتمع، ويقراءها النخبة، أي تتخذ الطابع الإخباري اليومي والتعليق الأسبوعي الحزبي، ولاتوجد إستراتيجية حقيقية يضعها القائمون على الصحف كنظرة مستقبلية ترتقي بالقارىء بعد عدة سنوات لمستوى جيد، ومشكلة المرأة وتوعيتها يأتي قبلها عدد كبير من الإشكاليات، حتى لانقول إن الإعلام مجحف بحق المرأة».

لم يكن حديث د.محمد ناصر غائبا عن أنظارنا، لذلك كنا قد سبقنا حديثه باستطلاعين، الأول شمل الشباب الجامعي والآخر طلاب المستوى الأخير إعلام، لنقارن بين نتيجتي المحتوى، واتضح لنا أن هناك قناعة كبيرة بين أوساط الشباب بدور المرأة وصلاحيتها لبعض المراكز القيادية بنسبة تصل إلى 56%، والقناعة عللت بأن المرأة أقل قابلية للرشوة، وأكثر مراعاة لحقوق الناس، وظلت بعيدة عن الإجراءات التعسفية، تنضبط بالقانون أكثر من الرجل، فيما النسبة الأخرى 44% ترى أنها لاتصلح للمناصب القيادية لأنها عاطفية، وهذه المناصب تحتاج للقوة والقدرة على تحمل المتاعب.

هذا رأي الطلاب عامة في جامعة عدن، أما قسم الإعلام المستوى الرابع فقد كانت الأسئلة الموجة لهم ثلاثة، لكنها تهدف لنفس الشيء وهو معرفة الطريقة التى يفكر بها طالب الإعلام تجاة المرأة خاصة، وهم سيحملون على عاتقهم مسئولية إحداث التغيير في المجتمع من خلال نشر المواد الهادفة للتبصير بالظلم والجور الذي يقع على المرأة، وإيصال مطالبها لتحصل على جزء، إن لم يكن الحق كاملا، وكانت النتيجة هي قناعة 90% بالوقوف لجانب المرأة في أي حملة إعلامية، طالما امتلكت الكفاءة التى يجب توافرها في مركز اتخاذ القرار، بينما 10% لم توافق، معللة ذلك بالعادات والتقاليد وعدم قدرتها على التوفيق بين البيت والمركز الجديد، ومن عجيب التعليقات قول إحداهن رغم أننا لم نطلب ذكر الاسم إلا أنها قالت: «أنا (؟)، بصراحة نحن لاننفع لمناصب كبيرة وقيادية، لأننا سنحكم بعواطفنا، والمنصب القيادي مثله مثل القضاء يحتاج رجلا»، شاركها الرأي شخص آخر لم يشر لاسمه، غير أنه عمم الموضوع بأنها عاطفية، ولاتصلح. الجميل أن هولاء الشباب تجاوبوا مع المرأة إذا كانت طالبة ترشح نفسها لعضوية مجلس طلابي، أو مرشحة تستحق المساندة في حملة إعلامية أو تحتاج لصوتهم كناخبين.

بين نسبة الموافقة كان أهم ما لفت انتباهنا هو اشتراط الحزبية للموافقة على التصويت والوقوف معها في الترشح بنسبة تقدر بـ 25%.

فيما يبقى الأمل معلقا على الجيل القادم في إحقاق الحق لكل من الجنسين، خاصة المرأة، حتى لانكون عاملا مساعدا في قوقعة العقول بدل النظر إلى المستقبل بعين الأصلح، فلا يقيدنا معتقد أو هدف حزبي قد يسقط قناعة يوما ما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى